mercredi 28 février 2018

حكام أذلاء وفوق ذلك هم عملاء



            (حكام كهؤلاء وشعوب تشبههم بئس الحاكم والمحكوم)
بعد اتفاق كامب ديفيد المذل، الذي سهر وأمضى عليه النظام المصري، في عهد المقبور السادات، جاء اتفاق وادي عربة، الذي سهر وأمضى عليه نظام الاردن، ومقبوره الملك حسين، ثم ظهر ما كان قد مضى مراكنة، من تطبيع في الكواليس، بين دويلات الخليج والكيان الصهيوني، فاذا به يصل الى حد اعتبار (اسرائيل) صديقتهم، ومحل ثقتهم وجديرة بالتعامل معها على جميع المستويات، حتى الامنية والعسكرية، وإحلال ايران الاسلامية محل العداوة بدلا منها، بل وأكثر من ذلك، كاحتمال تحالف يقوم بينهم على أساس عدوان محتمل عليها، وما خفي من هذه السلوكيات الوقحة والتصرفات المنحطة كان أعظم.
وقد وصل التطبيع مع الكيان الصهيوني هذه السنوات، بما أصبح يهدد القضية الفلسطينية، ويستهدف حقوق الشعب الفلسطيني من أساسها، في استعادة ارضه المغتصبة، وحرية شعب مناضل أبيّ، بدأت الانظمة العربية بقسم من نخبها تتراجع وتتخلى عنه، بصورة خبيثة وماكرة.
ووصلت شعوبنا الى ما وصلت اليه من خروج عن مسار معاداة الكيان الصهيوني، بحيث أنها لم تعد تكترث لعمليات التطبيع المتكررة والمتزايدة، من طرف شخصيات فنية وثقافية وسياسية واقتصادية، بسبب عدم الالتزام الفعلي والجدي بقضية فلسطين والوفاء لها، وبدافع آخر تمثل في سياسات التغريب التعليمية والتربوية التي تنتهجها الانظمة، ابعادا متعمدا لأجيالنا، عن العيش مع القضية الفلسطينية، والتفاعل مع موجبات بقائها حية في الانفس، نصب اعيننا لا تفارقنا أبدا، لو قدّر لها أن تأخذ مكانها في حياتنا.
لقد تمكن الغرب من اخضاع حكامنا، وتقييد سياساتهم، على النحو الذي يراه يخدم مصالحه، وكانت صدقاته عليهم تجري على نحو طاعتهم وامتثالهم لأوامره، حتى لو كانت في غير صالح شعوبهم، فما نشهده في هذه السنوات العجاف، يعتبر هرولة نحو تطبيع لا مبرر له، مع كيان اغتصب الارض والمقدسات، ولا يزال يمارس اجرامه بحق شعبنا الفلسطيني، غير عابئ بمن حوله، ولا مكترث للمنظمات الدولة، وقراراتها التي بقيت حبرا على ورق.
فوجئنا هذه الايام بخبر يدعو الى رثاء حال الامة العربية، فمصر مصر التي تمتلك اكثر من 67 تريليون قدم مكعب من الغاز في حقولها الغازية البحرية والبرية، والتي كانت تصدّر الغاز في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك  للكيان الغاصب بـ 70 سنتا للمليون وحدة حرارية، في الوقت الذي كانت فيه تكلفة إنتاجه تصل إلى 2.65 دولار، بما معناه تصدير خاسر تماما في عائداته.

ومصر التي حققت 10 اكتشافات للغاز خلال العامين الماضيين، لشركات (شلShell Oil Company) الهولندية البريطانية الامريكية، و(إينىENI - Ente (Nazionale Idrocarburi الإيطالية، و)بى بىBP ( Oil industry company البريطانية، وضعتها بين الدول المنتجة للغاز  ، أصبحت اليوم زبونا أولا، في شراء الغاز الفلسطيني اللبناني، فقد أعلنت شركة (ديليك delek group) الصهيونية، الأسبوع الماضي، عن توقيع اتفاقية لتوريد 64 مليار متر مكعب من الغاز، إلى شركة (دولفينوس هولدنج( Dolphinus Holding

المصرية، على مدى 15 سنوات، بقيمة 20 مليار دولار.
ولم تتأخر الاردن عن مصر، وهما توأما التطبيع الغير شقيقتين، فقد وقعت الشركة الصهيونية في 2014 مع شركة (نوبل انرجي Noble Energy)، المشغلة لحقل (ليفاثيان Leviathan gas field) للغاز الطبيعي، قبالة سواحل فلسطين، مذكرة تفاهم، يتم بموجبها توريد الغاز الطبيعي للأردن، للسنوات الـ15 المقبلة.
وخصصت الحكومة الأردنية ضمن موازنة 2018، نحو 1.5 مليون دينار (2.1 مليون دولار) لتنفيذ خط الغاز مع الكيان الصهيوني، وبحسب الموازنة العامة، بأنها سترتفع إلى 3 ملايين دينار ( 4.2 ملايين دولار) في 2019، و6 ملايين دينار (8.4 ملايين دولار) في عام 2020.
لقد كان الاجدر بالأردن شراء الغاز من قطر، عوض شرائه من كيان غصب الارض والمقدسات والعرض، وإمداداته من قطر أضمن من الكيان الغاصب، ولكن ماذا يمكن القول في حكام اظهروا مزيدا من العمالة والخضوع لإملاءات الغرب، بما يقطع عن شعوبهم بارقة امل في صلاح حالهم.
وبين هذه الانظمة المتهالكة اقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا، تعيش الشعوب العربية والاسلامية حالة من التيه في البحث عن ذاتها، وهي اليوم بالرغم نضالات كوكبة من طلائعها الثورية، من أجل كبح جماح التطبيع مع العدو الصهيوني، تبقى بعيدة عن نوال مبتغاها، في اعتماد قانون يجرّم التطبيع معه، مهما كان نوعه وتحت أي عنوان كان، وهذا المطلب هو الخط الاحمر الذي يعسر على هؤلاء العملاء اجتيازه، ففيه قبض سلطانهم وزوال حكمهم (نعمة الغرب عليهم).
وطالما اننا اليوم نعيش في عصر غلب عليه مظهر التّصهين، فإن ما سيأتي به من اشكال تطبيع رسمية، سيجعل الشعوب تزداد يأسا، من صلاح حال ساستها، الغرقى في سوء ادارة بلدانهم، بعد انخراطهم في طريق عمالة يصعب عليهم العودة منها، وقد أسلموا رقابهم للاستكبار الصهيونية يحركونهم كالدّمى. 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire