lundi 26 février 2018

عندما ينبح العملاء



أخبروني منذ متى كان  يرى بعين العقلاء عاهر  في ثوب طهر، وما هي قيمته في عالم القيم والمبادئ والاخلاق؟
والرجس اذا ما جاء من منابعه، فإنه مألوف من القدم، ولا عتب على نجس ان فاحت منه مكروهة، فأصل النجاسة لا تعطي شيئا من الطهر.
في اواخر سنة 2004 وبعد استلام مقاليد الحكم في العراق من طرف سياسيين عراقيين ينتمون الى الاغلبية الشيعية، ظهر مصطلح الهلال الشيعي على لسان ملك الاردن عبد الله الثاني خلال زيارته لواشنطن، معبّرا به عن تخوفه من وصول حكومة عراقية موالية لإيران، الى سدة الحكم في العراق، تتعاون مع النظام في سوريا، لتأسيس هلال شيعي يمتد الى لبنان.
ولم تكن تصريحات ملك الاردن - وهو ابن الغرب المدلل - سوى تعبيرات عن هواجس الغرب بزعامة أمريكا، عن تغيّر محتمل لواقع شعوب المنطقة، الرازحة تحت هيمنة وغطرسة الكيان الصهيوني، بل لعلها تهدف الى أبعد من ذلك، حيث ترى من وجهة نظر أخرى، على انها تأسيس لمشروع تآمري جديد، يدفع نحو نزاع طائفي سني شيعي في المنطقة، بإمكانه أن يحقق مطمح التثبيت الكامل للكيان الصهيوني، وارسائه نهائيا كمشروع هيمنة على المنطقة، بعد اضعاف مكوناتها الطائفية، في صراعات اساستها دعائية ووهمية، بدأت خيوط مؤامرتها الاولى، تحاك من واشنطن، وبواسطة عملاء تعرّوا في عمالاتهم، حتى لم يعد يغطّي سوءاتهم شيئا.
طبيعي ان يستهدف النظام الاسلامي في ايران، بكل ما آتاه الغرب بزعامة أمريكا وعملاءهم في المنطقة، من دهاء وخبث سياسي واعلامي، لأنه النظام الوحيد الذي بقي خارج سيطرته وهيمنته، وها هي الذكرى 39 لانتصار شعبه المفزعة لهؤلاء الاشقياء، تلوح مرددة شعاراتها الثورية، التي يعتبرها مهددة لمنظومته الاستكبارية من اساسها، وقاطعا بشكل تام ونهائي ايدي العمالة مع امريكا والغرب، ورافعا عنوانا رئيسيا من ضمن أولويات سياساته الخارجية، مفاده فلسطين للفلسطينيين من النهر الى البحر، ومن البحر الاحمر الى تخوم الجولان ولبنان، وهذا الهدف المعلن بصراحة ووضوح، ما جعل امريكا وحلفاءها يتميزون غيظا من ايران، ويعملون على افشال مشاريعها الاسلامية التحررية، بكل وسائلهم السيئة الذكر.
وقد أسست تلك الدعاية السمجة، والتحذيرات الخبيثة، حالة من الاختلال في النسيج الاجتماعي والسياسي والديني في المنطقة، أفرز بداية ظهور فتنة طائفية، وبروز جماعات ارهابية وهابية متطرفة، تدعوا الى قتل وابادة المسلمين الشيعة، ومن ثمّ القضاء على النظام الاسلامي في ايران، وهذا ما شهدته الساحة منذ سنة 2004 بظهور أبو مصعب الزرقاوي الاردني (تنظيم القاعدة في العراق).
لقد اصبحنا ندرك جيدا أن اللغة التي يستعملها عادة عملاء الغرب من حكام بلادنا العربية والاسلامية هي نفس لغة أسيادهم، بلا زيادة ولا نقصان، وملك الاردن كلما حان موعد سفره الى واشنطن ولقاء أولي نعمته، تذكر آخر صيحات فزع اطلقها ليعرف ما يجب عليه إطلاق ما بعدها، ولم تتأخر صيحته الثانية عما يدور في كواليس البيت الابيض، فقال:  
(هناك مشكلات استراتيجية في منطقتنا، ولإيران علاقة بها، وهناك محاولة لإيجاد تواصل جغرافي بين إيران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان، ندرك أن الحرس الثوري الإيراني على بعد 70 كيلومتراً من حدودنا، داخل الجنوب السوري، وكنا في غاية الوضوح مع روسيا، بأن مجيء لاعبين آخرين من تنظيمات وغيرهم إلى حدودنا، لن يتم التهاون معه).
ولم يتأخر الرد الايراني على تصريحات الملك، فجاء مربكا ومحرجا وفاضحا، حيث وصفها (بهرام قاسمي) الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية، بالسخيفة والتافهة والرخيصة وغير المدروسة، مبيّنا بقوله: (يبدو أن ملك الاردن واقع في خطأ استراتيجي وأساسي، في تعريف الإرهاب، وأن العبارات التي استخدمها في تصريحاته، تشير إلى نظرته السطحية تجاه تطورات المنطقة) واضاف قاسمي: (لقد كان من الاجدر على الملك، أن يلقي في البداية نظرة بسيطة على الاحصائيات الرسمية، الصادرة حول الإرهابيين الأردنيين، الذين انضموا إلى داعش وسائر الجماعات الدموية والجاهلية، ومن ثم يبدي وجهة نظره حول إيران، التي تسعى وتجاهد في الخط الامامي لمكافحة الارهاب والتطرف، ومن أجل ترسيخ أمن المنطقة).
نعم لقد كان على ملك الاردن أن يشكر جهود ايران وقادة الحرس الثوري على أنهم ساهموا بشكل فعلي في اقتلاع سرطان الارهاب في العراق وسوريا، ولولاهم لكانت داعش قد تمددت، ليس فقط على بقية الاراضي العراقية والسورية، بل والاردنية أيضا، ولكان الملك عبد الله الثاني لاجئا في امريكا أو بريطانيا، وقد لا يقبلونه هناك، ويكون مصيره مثل شاه ايران، أو بن علي تونس، وغيره من العملاء، الذين خدموا أسيادهم، ونبحوا بما أوعزوه اليهم، من سياسات ومواقف مخزية، انتهت في خاتمة المطاف بذهاب عزّهم الموهوم، واستبداله بذل أبدي، وتلك هي خاتمة كل عميل، فلا يفرح برفله في ثوب الطمأنينة ببأس أسياده، فربما يأتي العد بما لا يتوقعه.   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire