lundi 26 février 2018

عندما تكشف أمريكا عن بعض كبار عملائها



لا شك في أن العمالة عمل مشين، وصفة يتبرأ منها كل إنسان شريف، وهي غير مخصوصة بفئة، ولا محصورة في شعب، وانما تكون حيث تنعدم القيم والاخلاق والدين والوطنية، فتأخذ راكبها الى عار لا يمحوه شيء.
وتاريخ العملاء العرب، كما يعرفه شرفاء الامة ومقاوموها، مليء بالعملاء، من اعلى الهرم السلطوي الى اسفله، منهم من هو منعوت بالعمالة، وقد التصقت به صفتها، فلم يعد بإمكانه ازالتها أو تغييرها، قد كشفتهم سياساتهم المتواطئة ضد قضايا الامة مع أعدائها، وعرفهم من عرفهم من شعوبهم، بسمة الخنوع والخضوع، فتبرأ منهم من تبرأ تيقنا بتورطهم، وبقي من بقي هائما في ركاب حكمهم، كسوائم أنست بذئب، اعتقدت أنه كلب حراستها، فكان يأكل منها في كل مرة خفية، ويتظاهر في الاثناء بحمايتها.  
حملت الينا الدورة الـ54 المؤتمر الاخير للأمن، المنعقد بمدينة ميونخ الالمانية، من 16 الى 18 فبراير 2018اعترافات جديدة، زادت في تقوية ما سبقها من كلام كبار المسؤولين الصهاينة، بما عبروا به عن ارتياحهم من تطور علاقات مع دول عربية بعينها، ففضلا عن الاتفاقين (كامب دافيد) ( ووادي عربة)، الذين تمخضا عن اقامة علاقات دبلوماسية، على مستوى سفارات بين كل من مصر والاردن والكيان الصهيوني، شهدت دول أخرى تطورا كبيرا، في العلاقات بلغت مستويات لم يعرفها النظام الرسمي العربي، منذ بدأت أولى مساعي العمالة من أنظمته في اتجاه الكيان الصهيوني، بترغيب وترهيب من دول الاستكبار الغربي الثلاثة ( امريكا بريطانيا فرنسا).
هذا التقارب مع الكيان الصهيوني، ودخول انظمة عربية مرحلة التطبيع الرسمي معه، أخذ بعدا في التعامل غير مسبوق، حيث تتهافت شخصيات دبلوماسية وثقافية وفنية وتعليمية، على حيازة مكانها تحت مذلّة التطبيع، فتدفع به في ظل الربيع العربي، ليكون واقعا مقبولا، بتنامي حركته كثرة عملائه، فلا نستغرب في هذه الحال، إذا ما قام تحالف معلن بين الكيان الصهيوني وعدد من الدول العربية، من أجل ضرب محور مقاومة العدو الصهيوني، وفي مقدمته ايران الاسلامية.
جون كيري وزير الخارجية الامريكي الاسبق، نطق بما لم يعد يهمّ الشخصيات التي ذكرها، فالملك عبد الله ال سعود، قد طوى الموت صفحته من الدنيا، والرئيس المصري حسن مبارك انتهى الى حيث قرر الغرب محرك ثورة الربيع العربي المصطنعة أن يكون، فلم يعد لشخصه ولا وجوده وزن ولا اعتبار في مصر، وكنا نأمل أن يكون طلبهما لفائدة القضية الفلسطينية أو في مصلحة العرب والمسلمين، حتى وان كان ذلك مجاملة أو شكلا، إنما هو طلب في منتهى الخساسة والمذالة والحقارة وانعدام الرجولة والمروءة، يهدف الى الحاق الضرر بدولة وشعب اسلاميين، ليس لهما ذنب يؤخذان عليه، سوى أنهما كانا ولا يزالان في خدمة طلائع أحرار الامة، من مقاومة فلسطينية ولبنانية، تضاف اليهما اليوم طلائع عراقية ويمنية، زادت من رصيدها البشري وقوتها العسكرية، في مكافحة الارهاب الوهابي دابة الغرب، وقد انتصرت عليه اليوم، وغدا تدخل مرحلة أخرى من المقاومة الموعودة، وهي مواجهة العدو الصهيوني، وتخليص فلسطين كل فلسطين من شره.   
جون كيري قال خلال جلسة يوم الاحد 18/02/2018 في مؤتمر الأمن بمدينة ميونخ الألمانية، إن الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، طلب منه بشكل شخصي في سبتمبر 2013، قصف الولايات المتحدة لإيران، بعد تزايد قلق دول المنطقة تجاه البرنامج الإيراني النووي.
وذكّر كيري في مداخلته، أن الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك بدوره، طالبه بضرب إيران، حين كانت الأخيرة على بُعد شهرين، من استكمال دورة الوقود النووي، وبين كيري خلال ندوة نقاش في واشنطن، في (29 تشرين الثاني 2017)، أنه عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية، بمجلس الشيوخ الأميركي بين 2009 و2013، اجتمع مع كل من الملك السعودي عبد الله بن عبدالعزيز، والرئيس المصري حسنى مبارك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجميعهم ضغطوا، وخاصة نتنياهو على واشنطن، من أجل القيام بعمل عسكري ضد إيران.
وأضاف، أن كل واحد منهم قال لي: إنه عليكم قصف إيران، إن ذلك الشيء الوحيد الذي يفهمونه في طهران.
لذلك قابلت ادارة الرئيس الاسبق باراك أوباما طلب هؤلاء  بالرفض، فلم تسقط في شراك رغابتهم الحاقدة، وقرأتها على أنها فخ لتوريط أمريكا، وانتقادها فيما بعد، تمويها وخداعا وتغطية، من طرف المحرضين، على أنه لا علاقة لهم بما حصل من عدوان.
تحريض ما كان له أن يكون، لو كان في اشخاص من حرضوا رادع من دين، أو وازع من انسانية، يحولان دونهم واقدامهم على ما أرادوا الوصول اليه، لو كانوا يفقهون قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) الذي يحرم موالاة اعداء الله، والتماس الاضرار الكبير ببلد وشعب اسلاميين، وهذه حال كل من اتخذ غير سبيل الله سبيلا.
هكذا اذا تضاف صورة سيئة، الى جملة صور انظمة عربية تعرّت بعد أن باعت نفسها للشيطان، فلم يعد يحول بينها وبين خبث معدنها شيء من قيمة، تثنيها عن السقوط في هاوية العمالة، وما زالت الايام تحمل في أحشائها، فيما سيقدم من أحداث عمالة ما، يظهر فيها صاحبها بمظهر الخزي والعار، وانّى له أن يشعر به وهو الخزي والعار نفسه.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire