تحت عنوان (التمدد الايراني ..التعنت
الاسرائيلي ..الفتنة بين العرب.. تمهيد لاستكمال تهويد القدس) نشر حسن المناعي
مقالا بصحيفة الصباح، بتاريخ 11 فيفري 2018، جاءت فيه جملة من المغالطات، رأيت من
واجبي الاشارة اليها، نظرا لما تكتسيه من خطورة تمريرها على القراء، دون تصحيح لمضامينها،
المشبعة قلبا للحقائق الميدانية، التي تعيشها المنطقة العربية والاسلامية، الخارجة
لتوّها من زمن الهزائم والخيبات، وقلب الحقائق وكبت الحريات، الى زمن الانتصارات التي
تحققت انجازاتها على أيدي رجال، صدقوا فوفّوا بوعودهم.
ان ما جرى ويجري على الساحة العربية
والاسلامية، وخصوصا الشرق أوسطية منها، يستهدف بالفعل انهاء القضية الفلسطينية،
ووأد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في تحرير جميع اراضيه، وعودة لاجئيه الى
موطنهم، وهذه المطالب لم يتحقق منها شيء، نظرا لتواطئ وصمت أغلب الانظمة العربية،
عن مناصرة حقيقية للقضية الفلسطينية في افضل حالهم سابقا، حتى الحروب التي خاضوها
ضد الكيان الغاصب للقدس، كانت مشوبة بغموض بقي طي الكتمان، محفوفة بمفاجآت الهزيمة
تارة، والخيانة تارة أخرى، ولو كان الموقف العربي قويا كما زعم الكاتب، وانما كان
كحال ملوك الطوائف، لما وجد الكيان الصهيوني موطئ قدم واحدة على اراضينا المقدسة،
وقوله بإضعاف الضعيف كلام غير عاقل وسخيف.
العمالة والتبعية في النظام الرسمي العربي، ظلت
ملتصقة بأغلب دوله حتى بعد (الربيع العربي)، حيث ينقلب المثل العربي، فلا تجوع أنظمته،
وان جاعت فإنها تأكل بثدييها، وما أتعسها من مواقف رديئة، لو فتحنا سجلّ توثيقها،
لطال بنا الحديث، عن خبائث ودسائس ومؤامرات الساسة العرب، ليس خيانة للقضية
الفلسطينية وحسب، بل وحتى شعوبهم.
خذلان القضية الفلسطينية، بدأ من بعض العملاء
الفلسطينيين، واخرهم السلطة الفلسطينية، وبقاء تنسيقها الامني مع الكيان الصهيوني،
حتى بعد قرار ترامب الجائر، باعتبار القدس عاصمة الكيان، وحادثة اغتيال الشهيد أحمد
نصر الجرار في جنين، تعتبر دليلا على تواطئ من باب اولى نسبته الى أهله.
وفي تصريح له لصحيفة (اسرائيل اليوم)، اعتبر
(دونالد ترامب) علاقات دول الخليج بالكيان الصهيوني وخاصة السعودية، افضل بكثير من
قبل، مشيرا الى أن هذه الدول تحترم قراره بخصوص القدس، وستكشف الايام القادمة،
مزيدا من التطبيع والتعاون والشراكة، بين ادعياء نصرة القضية الفلسطينية، بمجرد
الكلام والدعاية، ونأيهم بالأنفس فيما زاد على ذلك.
ان الحاجة التي الاكيدة التي يطلبها الفلسطينيون
بمقاومتهم الباسلة، في مواجهة غطرسة واعتداءات كيان الاحتلال الصهيوني، هي الدعم
الغير محدود بالأسلحة والاموال، وليس منح تذاكر الحج والعمرة، ومن عرف أولا بتقديم
الاموال والاسلحة، قد أشادت به فصائل المقاومة، وهي ايران الاسلامية، ونوّهت
بخدماتها الجليلة منذ فجر ثورتها 11/2/1979، في مؤازرتها لصدّ العدوان الصهيوني في
ثلاث مناسبات، سنة (2008 و2012 و 2014)على قطاع غزة.
وعندما ينتصر الشعب اليمني على تحالف عدوانه،
سيرتبك من لا يزال يلوك علكة الحوثيين والتمدد الشيعي والتدخل الايراني المزعوم في
اليمن، رغم الدلائل الثابتة على أن ما يجري على الشعب اليمني منذ حوالي 35 شهرا، بمشاركة
طيران الكيان الصهيوني - باعتراف أهله- هو عدوان خسيس، وانتهاك فظيع بحقة لحقوق
الانسان والدين، وهزيمة المعتدين على اليمن اصبحت مسألة وقت، والحق دوما يعلو ولا
يعلى عليه، ومن حرم على نفسه الظلم، سوف ينصر المظلوم مهما طال الزمن. وطالما هناك
مقاومة، نذرت على نفسها المضي بعملياتها، الى إنهاء العدوان الغاشم، مهما كانت
التضحيات.
ان ما يجري من عدوان على اليمن، يجب أن يتخذ
منه أي شريف، موقفا مناصرا لحرية الشعب اليمني، في خياراته السياسية، وتثبيت
استحقاقات ثورته، وبناء دولته التي ينشدها، دون املاء أو تدخل من أي جهة كانت،
وهذا ما أوغل صدور من كانوا يعتبرون انفسهم اوصياء على اليمن، فتحركوا لإفشال ثورته،
واعادته من جديد الى حضيرة التبعية والخضوع.
لقد أثبتت الوقائع والادلة أن ايران
الاسلامية، قامت ثورتها ونظامها على مطلب مهمّ، تمثل في قطع دابر الاستكبار والصهيونية
من أراضيها، واعلانها منذ تأسيس نظامها، أن فلسطين يجب أن تعود بكامل اراضيها دولة
للفلسطينيين، قاطعة العلاقات الدبلوماسية التي كان الشاه المقبور أقامها مع دولة
الكيان مانحة مقرها الى منظمة التحرير الفلسطينية على أساس سفارة دولة فلسطين، رافضة
الاعتراف بالكيان الصهيوني وبالمشروع الامريكي الغربي في حلّ الدولتين.
ايران كانت البادئة بتأسيس ودعم حركة مقاومتها
في لبنان وفلسطين، وقد أثبت مشروعها جدواه، كحلّ وحيد في مواجهة غطرسة الصهاينة،
في مقابل عقم المفاوضات وحل الدولتين، ولن يجد العرب والمسلمون طريقا لخلاص القضية
الفلسطينية بغير طريق المقاومة، الذي دعت اليه ايران الاسلامية، وتعمل اليوم على
تقويته بالجهد والحكمة المطلوبتين، للوصول به الى المستوى الذي يؤهله لخوض حرب
التحرير الشاملة، وسوف لن يتأخر ذلك الهدف المعلن.
ان من يدفع عجلة معاداة ايران من العرب المتوهّمين،
لا يمكنه أن ينفصل على أعدائها الحقيقيين، أمريكا والكيان الصهيوني، وأداتهم
الارهابية العابثة بأمن واستقرار سوريا والعراق، والتي بمساعدة الخبرات العسكرية الايرانية،
أمكن تقزيمها وحصرها اليوم في بؤر، سوف تزول بعزيمة الوطنيين من سوريا والعراق،
وهذه النتيجة حصلت بفضل الله وفضل ايران الاسلام.
دعاية اتهام ايران بنشر التشيع لا حقيقة لها
ولا اصل، ولو كانت ايران مولية أهمية لهذا الجانب، لشيعت ملايين من شعبها السنة (
حنفية وشوافع)، ولما دعمت ومولت الفصائل الفلسطينية السنّية، كما فعلت ذلك من قبل
مع الشعب البوسني السنّي، في درء الابادة العرقية عنه في حرب البلقان، وليتذكر
متذكر شحنات الاسلحة التي اشترتها ايران ومررتها عبر كرواتيا الى البوسنة.
وأخيرا اقول لصاحب المقال: إن المسجد الحرام
والكعبة المشرفة هما قبلة المسلمين وليس السعودية، فليترفع عن سفه القول الذي يؤشر
الى سقوط فكري وعقائدي لا أرتضيه له.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire