lundi 26 février 2018

دبلوماسية تجب الاشادة بها



قد لا يجد المتابع للحركة الدبلوماسية الايرانية، في المؤتمرات والمحادثات الدولية، عناء في استخلاص العبرة من نتائجها، في الشؤون الخارجية خصوصا، وفي احتواء الازمات الطارئة، ومعالجة المؤامرات التي عادة ما يلجئ اليها اعداؤها، باختلاف مشاربهم واهدافهم، في الداخل عموما، رغم صعوبة المهام وكثرة التحديات وتكالب الأعداء عليها، فمنذ انتصار الثورة الاسلامية سنة 1979، والنظام الاسلامي في ايران، في حركة دائبة لم تهدأ، تعمل على كسر أطواق عزل صنعها الاستكبار والصهيونية العالميين، بمنتهى حرفية رجال السياسة قوم سلمان المحمدي، التي عرفوا بها ماضيا وحاضرا، وبعد 39 سنة من كفاح ومقاومة، وتحدي اغلب العقبات التي اعترضت طريق نهضتها وتخطيها باقتدار، والعقوبات الجائرة المسلطة على نظامها، ما اثبت فعلا انه جدير باللقب الاسلامي، وملتزم بعوده التي قطعها على نفسه، لم يحد عنها يوما، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي تعتبر ايران الاسلامية طوق نجاة مشروع بقاء ونماء مقاومتها، من مؤامرات انهائها، بعد افتضاح المتآمرين عليها، من أنظمة عربية واسلامية، كانت فيما مضى تدعي نصرة الفلسطينيين وقضيتهم، وتأكد اليوم انها تريد بإصرار غريب وأدها، وانهاء وجودها الى الأبد
ويعزو نجاح الدبلوماسية الايرانية الى عاملين مهمين اثنين، اولهما اعتماد المنطق الاسلامي في التعامل والتعاطي الايجابي مع جميع القضايا المتعلقة بالشأن الاسلامي، والثاني حسن اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، ديمقراطيا (شورويّا) في تركيبة النظام، من حيث كفاءته، وقدرته على أداء تكليفه على أحسن وجه، وبكفاءة عالية حققت الدبلوماسية الاسلامية الايرانية انتصارات معتبرة، في اغلب ملفاتها المطروحة للحل، وخرجت من مفاوضاتها التي خاضتها، بإقناع الاطراف المقابلة بصواب حججها وصدق دعاويها، وهذا ما اظهرته مفاوضات الملف النووي مع الدول 5+1  الاخيرة، والتي كسرت عنجهية الغرب في اصراره على اثبات ما كان يروجه، من دعوى سعي ايران لامتلاك سلاح نووي، من خلال برنامجها السلمي، واجبرته على الاقتناع بسلمية برنامجها، فلم يجد بدا من الاقرار به والامضاء عليه.
تفوق ايراني جديد، ظهر به وزير الخارجية محمد جواد ظريف في مؤتمر الامن بميونخ، والذي اثبت جدارة بقيادة دبلوماسية بلاده، في مواجهة اعدائها، فبدا في مداخلته  بسيماء الطمأنينة والعزة، متحدثا بلغة انقليزية متقنة، ومعبرا بلسانه عن موقف بلاده من التهريج، الذي جاء به رئيس وزراء الكيان الصهيوني، قائلا:(لقد تسنى لكم مشاهدة سيرك هزلي هذا الصباح لا يستحق حتى الرد عليه). قاصدا بذلك طريقة استجداء ناتنياهو رئيس وزراء العدو الصهيوني في مداخلته بتلك الطريقة، التي رفع  فيها بيده قطعة معدنية، قال انها لطائرة من دون طيار ايرانية، خرقت اجواء فلسطين المحتلة، محاولا استعطاف الغرب، الذي لا يزال يأمل بقاء كيانه الغاصب على أرض فلسطين، ليكون محل فتنة وارهاب للعالمين العربي والاسلامي، وعامل زعزعة للأمن هناك
وبمقارنة بسيطة فيما وصلنا اليه لحد الان، يتبين لنا الفرق الكبير بين زمنين من حياة هذا الكيان، زمن استعلائه وتفوقه على دول وجيوش عربية، لم تعتمد الأسباب العملية الصحيحة لمواجهته، وفنون الحرب والاعداد لها، فانكسرت وانهزمت، ليس هذا فقط، وانما فرّطت في اراض عربية اخرى بهزائم احزنت شعوبها، وبين زمن، اعتمد رجاله رجال الله، اسلوب ومنهج المقاومة والاعداد، فاحدث توازنا في القوى، وانتصر في حربي 2000 و2006  صادّا عدوانين كبيرين على لبنان، وملقنا الحيش الصهيوني درسا قاسيا في الحرب، سيكون اقسى في المستقبل القريب، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا. 
محمد جواد ظريف بدا ظريفا، وانيقا ومتميزا، وتكلم بلسان الواثق، بينما بدا رئيس وزراء العدو بائسا تبدو الكآبة على وجهه، يكاد يبكي في مظهر مفاجئ، سيكون اكثر بؤسا للصهاينة مستقبلا، ان لم يرحلوا من تلقاء انفسهم من فلسطين كل فلسطين.
وتستمر الدبلوماسية الاسلامية الايرانية في التفوق، وأداؤها في الاقناع، وتحقيق النتائج المرجوّة من حركتها ونشاطها، رغم تعدد ملفاتها وتوسّع نطاقها ، ويزداد أعداؤها خيبة وفشلا في مواجهتها، مهما اجتهدوا في الايقاع بها متناسين أن هناك قوة عظيمة تقف معها وتسندها بألطاف لا يعلمها سواه، انه الله الذي شاءت قدرته، أن يكون لقوم سلمان مكانة وحظوة لديه، جعلته ينيطهم ميثاق اعزاز دينه، واعلاء كلماته التامّات، ( لو تعلق الايمان بالثريا لناله رجال من فارس) وهذا ما سيزداد ظهورا في قادم الزمن.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire