تكاد تطوى صفحة معاناة أهالي مدن وبلدات الغوطة
الشرقية بدمشق- كما طويت من قبلها صفحات ارهاب سوداء - بقرب انتهاء إخراج دفعات المسلحين،
من أوكارهم التي كانوا يحتمون بها، ويقصفون منها بمئات القذائف الصاروخية قلب دمشق،
فتسقط بسببها ضحايا من المدنيين غدرا، ويتلاشى بذلك طوق الخطر الي كان يمثله تهديد
هؤلاء الارهابيين، من الطرف الشرقي للعاصمة، في انتظار أن يحسم الأمر في دوما
عسكريا، بعد أن تحركت تعزيزات الجيش السوري وحلفاؤه باتجاهها، وتضاءل فرصة خروج ما
يسمى بجيش الاسلام طوعا.
وتبدو الحالة النفسية السيئة جدا - حسب توثيقات
مصورة - ظاهرة على وجوه الارهابيين المغادرين، والشعور بالانكسار والخذلان
والهزيمة، في قرارة كل واحد منهم، أكبر وأعمق أثرا، وكان من بين ردود افعالهم
اليائسة، منع المدنيين من الخروج، واحتجاز باصات النقل المخصصة لهم بقوة السلاح،
ليستقلوها مع عائلاتهم، تلهفا على النفاذ بجلودهم، في حوادث برهنت على اضطراب
وانهيار معنوياتهم، وخوفهم من البقاء الى ما بعد خروج المدنيين.
وقد تواردت أنباء مؤكدة، أفادت بإقدام مسلّح مغادر من الغوطة الشرقية،
على إطلاق الرصاص على عائلة استضافته، بعد ساعات من وصوله، يوم الاثنين (26/03)، في
قرية (الحويجة) بسهل الغاب، شمال غرب (حماة)، ويبدو ان نقاشا دار بينه وبين افراد تلك
العائلة، عما جرى في الغوطة والانسحاب الذي رأوا فيه خذلانا وخيانة، ما أثار غضبه
فقام بإطلاق نيران سلاحه عليهم فقتل 5 أشخاص وأصاب 4 آخرين.
وفيما يحتدم الاقتتال، بين فصائل الارهاب الدولي، في ريفي ادلب وحلب،
وتشتد المعارك بمختلف الاسلحة الثقيلة، بين ما يسمى (هيئة تحرير الشام)، تحت زعامة (جبهة النصرة) من ناحية، و(جبهة
تحرير سورية) من ناحية اخرى، لليوم الثالث على التوالي، وقد أسفرت عن سقوط أكثر من
1000 قتيل ومئات الجرحى، منذ اندلاع المعارك بينهما قبل أسابيع.
يبدو صراع الارهاب بالوكالة هناك، قابل للاستمرار والتوسع، في مؤشر
جديد يؤكد أن الربيع العربي والثورة السورية، لم يكن لهما وجود على أرض الواقع، كلّ
ما في الأمر، مؤامرة محبكة الخيوط، اشتركت فيها عدد من الدول الكبرى بعملائها في
المنطقة، لتقويض الامن والاستقرار في سوريا، واسقاط نظامها، تمهيدا لإخضاع بديله
لاستسلام مهين للكيان الصهيوني، كمقدمة لخنق مشروع المقاومة في لبنان وفلسطين
وايران، وانهاء وجوده الى غير رجعة، هكذا يمنون أنفسهم الخبيثة، وليتهم يقنعون بأن
دون ذلك المستحيل، فعزائم رجال الله على ساحات المواجهة، ستمسح الارهاب صنيعة الغرب بمكوناته.
وتيرة المصالحات تبدو متسارعة هذه الايام، فلم يبقى من تهديد معتبر للعاصمة
دمشق، سوى (دوما)، التي يستعد مسلحوها للنزول عند شروط النظام وحلفائه، والخروج من
حصار ثبت جدواه، واعطى نتائجه المرجوّة اليوم، لعل اهمها شراء ارواح المخطوفين، وانقاذهم
من عناء وعذابات سجون الارهاب في الغوطة وفي دوما، حيث يرجّح أن هناك آلافا منهم،
أخذوا من طريقهم غرة وغدرا، منهم من كان مسافرا الى منطقته، ومنهم من كان عائدا من
عمله أو ذاهبا اليه، وهي مبادرة ذات قيمة انسانية عالية، راعت ايضا سلامة المدنيين،
الذين اتخذتهم المجموعات الارهابية دروعا بشرية، كلما ضيق حلفاء المقاومة الخناق
عليهم.
وفيما تنخرس أصوات ثورة الخداع، وثوارها المزيفين، لتنكشف زمر الارهاب
المتعدد الجنسيات، التي يسوق لها الاعلام المعادي للمقاومة، على أساس أنها صوت وارادة
الشعب السوري، تتصاعد وتيرة مقاومة المشروع الغربي الصهيوني في سوريا، من طرف أبناء
سوريا الشرفاء، الملتحمين بجيشهم وقيادتهم، مدعومين بالأصدقاء الحقيقيين لهم، من
ايران ولبنان وروسيا، من أجل تطهير بلاد الشام، من جيوب الارهاب، العابثة
بخياراتها حكومة وشعبا، والحاق الهزيمة النهائية، بأبشع أداة دمار، وافساد في
الارض، عرفها تاريخ الانسانية.
وفيما تستعد الباصات الخضر كعادتها - وقد أصبحت منذ مدّة عادة - لإيصال
اخر ارهابيي الغوطة الشرقية بمختلف فصائلهم وانتماءاتهم الاقليمية، يتوقع الإعلان
عن خطوة جديدة لإخراج ارهابيي (جيش الاسلام) من مدينة دوما، حيث لم يعد لهم خيار
آخر، غير اغتنام الفرصة المتاحة لهم، والخروج بأخف الاضرار، مقابل تسليم اسلحتهم
الثقيلة والمتوسطة، والافراج عن آلاف المعتقلين المدنيين الابرياء في معتقلاتهم
بالمدينة.
ومع استمرار حشد المجموعات الارهابية - رغم أنوف
قادتها - في مساحة لا تتجاوز ال750 كلم مربع أفاد ناشطون معارضون من (المرصد
السوري لحقوق الإنسان) بأن قرية واحدة تفصل القوات الحكومية، المتقدمة من
حلب، عن الالتحام بقواتها المتواجدة شرقي (إدلب)، لمحاصرة تجمعات (النصرة) و(داعش)
المتقاتلتين فيما بينهما، في منطقة تشمل نحو 78 قرية، ضمن أرياف حلب وحماة
وإدلب.
ويبدو أن الاصوات التي كانت تغطي بدعاياتها الكاذبة، سوء اعمال هذه
الجماعات الارهابية، قد خفّت نبرتها، من جراء هزائم ادواتها المتلاحقة، وهي اليوم
أقرب منها الى الخرس من الصياح، والاقلام التي كانت تتصدّر بكتاباتها، صحف عار
الاعلام العربي، قد جف حبرها، ولم يعد لها بيان ترسم به الوضع السوري، كما يريد
أعداء سوريا، والمشروع التآمري كله، يكاد يسلم روحه الخبيثة، الى شياطين الانس
المتآمرة سوريا - بلد الممانعة المتبقي وحاضنة المقاومة - فليس بعد ادلب ملجأ للإرهاب
يحتمي به، وقد تقرر أن تكون مقبرته الاخيرة في سوريا، وعلى بقية التبّع ان يستخلصوا الدرس، ويتعظوا مما حصل، ان
بقي لهم عقل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire