dimanche 10 juin 2018

ذكرى رحيل الامام الخميني محطة تعبئة أوفيائه




في الذكرى 29 لرحيل مفجّر الثورة الاسلامية في إيران، ومؤسس نظامها الاسلامي، الامام الخميني رضوان الله عليه، أطلّ سماحة الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي دام ظله، بطلعته البهيّة ووجه النورانيّ، فتباشرت به الجماهير الإيرانية - التي ملأت القاعة العملاقة لحرم الإمام الخميني رضوان الله عليه - وكل الذين آمنوا بمصداقية وجدوائية نظامه الإسلامي في أنحاء العالم، وانتظروا خطاباته الحكيمة المعالجة لقضايا الأمة، ولم تغب المناسبة حتى على المتربصين به وبإيران شرا، فتطلّعوا يستقرؤون خطابه، ويستشرفون مقاصد ومعاني كلماته، وإن لم تشذ هذه المناسبة عن سابقاتها فيما طرحه، باعتبار ما عوّد به الأمة الاسلامية إرشادات ونصائح، كانت جميعها تهدف الى تأصيل الآداب والأخلاق الاسلامية، وتنمية روح التقوى في الأنفس، وإعدادها لمواجهة تحديات الأعداء.
ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه، اتخذ منها أوفياء الولاية في إيران وخارجها، محطة لشحذ هممهم في محضر من روحه المقدسة، وتعرّضا لبركات رجل لم تنقطع آثاره الربّانية حت بعد رحيله.
ما عرف به الامام القائد السيد علي الخامنئي مضيّه قدما، في تحقيق كل ما من شأنه أن يعلي كلمة الاسلام، ويحقق أهدافه السامية في شعبه، شأنه في ذلك شأن الامام الخميني رضوان الله عليه، حملا ثقيلا وتكليفا جسيما، قدّما من أجله تضحيات كبرى بإرادة صلبة، وقف فيه معهما المؤمنون بالإسلام المحمدي الأصيل، ودوره الهامّ في التمهيد لنظام عالمي رشيد، بإمكانه وحده تخليص البشرية جمعاء، من نظم الاستبداد والظلم والقهر.    
خطب الامام السيد علي الخامنئي في حرم الامام الخميني قدس سره الشريف، وأمام حشود جماهير الثورة الاسلامية، التي جاءت كعادتها وفي كل سنة، وفيّة لمفجّر ثورتها وصانع عزّتها، لتعبّر عن مدى فخرها واعتزازها، بإنجازاتها ومكتسباتها، التي نقلتها من بلد تابع خاضع لأمريكا والغرب، الى بلد قرر نهج طريقه الثوري بنفسه، واختار بكل حرية وطواعية، أن يعتمد الاسلام نظاما لحكمه، مجسدة الرّصيد الجماهيري الصعب، الذي تنكسر عنده طموحات وآمال الاستكبار العالمي، وأذنابه من أعراب الخليج.
ومع ما عوّد به الامام الخامنئي جماهير الشعب الايراني والامة الاسلامية، من دقة في تحاليله، وصراحة وجرأة في آرائه حيال المستجدات على الساحة العالمية، فقد جاء خطابه الأخير أكثر وضوحا، حيال ما يجب فعله بخصوص الإتفاق النووي، بعد الانسحاب الامريكي منه، وتشبث الجانب الاوروبي به، والفرصة اليتيمة الباقية لبريطانيا والمانيا وفرنسا، تمثّلت في ضمان المصالح الايرانية الاقتصادية، والمالية المترتّبة على تنفيذها لبنوده، وهو استحقاق إيراني بحت، وليس منّا من أحد.
وتوازيا مع الفرصة الممنوحة للأوروبيين، دعا الامام السيد علي الخامنئي، إلى رفع انتاج الطاقة المولدة من أجهزة الطرد المركزي، وفق بنود الاتفاق النووي، وهذا ما أكّده رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية (علي اكبر صالحي)، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بطهران، بعد يوم من الخطاب المذكور، مؤكّدا في تصريحه إن قائد الثورة الاسلامية، أصدر أمرا لمنظمة الطاقة الذرية، بتسريع فعالياتها ضمن الاتفاق النووي، وملمّحا أنّ المشروع النووي الايراني، لن يعود الى ما كان عليه، بتقويض الاتفاق من الاطراف الموقعة عليه، بل سيشهد تطورا هائلا، حيث أن إيران لم تقم بتهميش أي نخبة من النخب النووية الايرانية، العاملة في مختلف الاختصاصات المدنية والطبية والصناعية.
ثبات الموقف الاوروبي قد يتواصل، في صورة ما إذا صمدت دوله متحالفة، أمام تعنّت وصلافة وعنجهيّة الادارة الامريكية، فقد خسروا الكثير بمجاراتها خلال 39 سنة، ومصالحهم أصبحت مهددة بقراراتها المتحيزة، التي تعمل على إرضاء الكيان الصهيوني، وطابور النفاق الاعرابي، وليس لهم من سبيل يثني الادارة الامريكية عن غيّها، سوى بالصمود في وجه التهديدات الامريكية، والتخلّي عن الاصطفاف معها في هذا الملفّ، وهذا سيشكل بداية العصيان والتمرّد الأوروبي في وجه أمريكا.  
جدير بالذكر، أن السيد علي الخامنئي لم يكن متفائلا بالإنجاز الذي حققته الدبلوماسية الايرانية - رغم جهودها المضنية، ونجاحها الباهر في اقناع الاطراف المتفاوضة، بسلمية برنامج بلادها النووي - ودعا المسؤولين والشعب الايراني، الى التريث في اعلان فرحتهم بعد ابرام الاتفاق، وها هي اليوم محاذيره، تطفو على سطح تفعيله سلبا أمريكيا، وقد يفشل الاوروبيون في فعل شيء، رغم الضمانات التي قدموها لإيران، مما سيجعله حبرا على ورق، وبلا فائدة منه، وامكانية حرقه إيرانيا تبدو مؤكدة، في حال تفكك صمود الجانب الاوروبي، وفشله في الوفاء بالتزامات دوله.
الى جانب ذلك، حذر الإمام الخامنئي أعداء إيران، من مغبة أي حماقة قد يرتكبوها في عدوان ما، ملمّحا بأن القوة الصاروخية سترد على الصاروخ بعشرة، بما معناه أن الضربة ستقابلها عشر ضربات، وأعتقد أن أعداء إيران فهموا حسابه ومقصده، وهو الذي اذا صرح بشيء فنسبة الخطأ فيه صفر.
نصيحة الامام الخميني رضوان الله عليه الى خبراء مجلس القيادة في ايران باختيار السيد علي الخامنئي ليكون خلفا له، كان الضمانة التي أراد بها ختم جهوده في الحفاظ على النظام الاسلامي، ووضعه بين يدين أمينتين، ولم يتأخر المجلس عن قبول تلك النصيحة والموافقة على ذلك الاختيار بالأغلبية الساحقة، هذا وشخص الوليّ وتاريخه الجهادي، أوضح من أن يعاد التذكير به، وهو الذي لقّبه الشهيد آية الله بهشتي بالشهيد الحي، بعد الاعتداء الارهابي الذي تعرض له في 27/6/1981 أثناء القائه خطبة الجمعة، وكان يودي بحياته، لولا الألطاف الالهية التي شملت النظام الاسلامي، وحالت دون الاضرار به في أكثر من حادثة.
أمريكا وحلفائها يدركون جيّدا ما وصلت اليه إيران من تطوّر، لكنهم الى الآن يجهلون تفاصيله ودقائقه، لذلك نراهم يناورون كل مرّة، بعد أن عقدوا العزم على الاضرار بها اقتصاديا ودعائيا، متكتّمين على محاولاتهم اليائسة القادمة، والتي ستكون عسكريا، عند ذلك الحين سيختلف الاحتمال بالنتيجة، ومن كان الله معه سيكون النصر حليفه.   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire