jeudi 14 juin 2018

قيمنا الإسلامية والإنسانية تأبى علينا أن نترك نصرة اليمن



مهما يتصوّر المطلع على ما يجري في اليمن السعيد، وما لقي شعبه الحرّ الأبيّ من الأذى،  جرّاء العدوان الهمجي الأعرابي الأمريكي الصهيوني، فإنه لن يستطيع إحصاء معشار ما وقع من جرائم فيه، مع أنه في مقابل ذلك، بإمكانه أن يكون الى جانب الحق الذي عليه اليمن المظلوم، ما بعد المقبور صالح، وشعارات مرحلته الثورية، التي تقودها حركة أنصار الله، واضحة وجليّة، لا تحتاج الى تفسير أو بيان.
عدوان جاء تحت غطاء مزيّف (استعادة الشرعية)، كأنما المشاركون فيه شرعيون، أو أهل ثقة، حتى يؤخذ بتبريرهم سببا مقنعا، يعطي كل هذا الحقد المصبوب على رؤوس أهل اليمن حقّا، وهو الذي تزداد نيرانه استعارا كل يوم، ولا تكاد حملاته الجويّة والبحرية والبرّية تهدأ، حتى تبدأ سلسلة أخرى من الغارات والقصف، ولا تستثني مشفى، أو مدرسة، أو سوقا، أو سيارة إسعاف، أو حفل زفاف تكيل كل متحرك فيه، حمم قنابلها وقذائفها وصواريخها.
عدوان وقح وقبيح، قد أسقط تحالفه كل المبادئ والقيم التي يدّعيها، وإتّجه الى اعتماد أسلوب التّركيع القصريّ، لشعب لم يتعوّد على الركوع الاختياري إلا لله وحده، فكيف سيقبل اليمنيون بهذا الإكراه السافر من كل حياء؟
لا أعتقد أن شيئا من هذا الذي ينشده تحالف العدوان على الشعب اليمني سيحصل، وقد انقضى على بدايته ما يقارب ال39 شهرا، أظهر فيه أهله كثيرا من الصبر والشجاعة، بقيادة تميّزت بالحكمة، وحسن ادارة دفاع قواتها، في وجه تكالب دوليّ، ماض في عربدته، واستهتاره بحقوق بلد وشعب، لم يرى منه ما يدعو الى كل هذا الاستنفار الدولي، وحقد أدواته السياسية والعسكرية والاعلامية.   
حركة أنصار الله اليمنية، التي اسسها السيد حسين بدر الدين الحوثي سنة 1992، والتي رفعت شعاراتها الثورية الاسلامية منذ أيامها الأولى (الله أكبر/ الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام)، شنت عليها سبعة حروب(2004-2009)، بدعم سعودي لنظام علي عبد الله صالح العميل، باءت جميعها بالفشل، ولم تفلح في قلع شجرتها الباسقة، من محيطها اليمني الذي رأى فيها أهله، أنها طوق انقاذ اليمن من الغرق في بئر العمالة والتّبعية، والسبيل الأقوم لاجتياز اليمن مخاطره وتحدّياته المحدقة به، بما لمسه فيها من حقانية وصدق وتقوى.  
هذه الحركة المباركة، ازعجت أعداءها كثيرا، عندما امسكت بزمام الأمور، في عدد من المحافظات، بما فيها العاصمة صنعاء، وهم أعلم بأهدافها المعلنة، في زوال أمريكا كقوة استكبارية مستغلة للشعوب ومهددة للأمن والسلم العالمي، وزوال اسرائيل ككيان غاصب لفلسطين ومنتهك لحقوق شعبها.


أشار قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، عند القائه احدى محاضراته الرمضانية اليومية، الى ما يتوجّب على اليمنيين فعله، في وجهه العدوان المسلّط عليهم فقال: مسؤوليتنا أن نتحرك وندافع عن بلدنا، في وجه عدوان هو ابتدأنا، وارتكب بحقنا أبشع الجرائم وأهلك الحرث والنسل.. ملمحا الى الدور الخطير، الذي يضطلع به التكفيريون، القادمون من كل مكان بإدارة سعودية..
أن التكفيريين يدّعون الجهاد في سبيل الله، في أكثر من 11 جبهة داخل اليمن، وهم في الواقع عملاء وخدم لأمريكا وإسرائيل، موضحا أن النشاط التكفيري، يتضح أمره بشكل سريع، كافتضاح العلاقة الجيدة بينهم في سوريا، وبين كيان العدو الصهيوني.
تدمير الشعوب المستهدفة بسبب مواقفها الثابتة من الاستكبار والصهيونية، بدأ بتدخل عسكري أمريكي فرنسي مباشر على لبنان سنة 1982، تحت غطاء قوات حفظ السلام الدولية، لإنهاء الحرب الاهلية والصراع على بيروت، واصطدم سريعا بخسائر فادحة، لم تكن متوقعة، واتجهت الادارة الامريكية بعدها الى شن حروب بالوكالة، فكان تأسيس التنظيم التكفيري القاعدة في افغانستان سنة 1988، لمقاومة التواجد الشيوعي السوفييتي، وقدم له الغرب بزعامة أمريكا كل الدعم الممكن، وبنجاحه في مقاومة التواجد السوفييتي، ثم بدأت التنظيمات الارهابية، المنبثقة عن الفكر الوهابي التكفيري، تظهر في مناطق مختلفة من البلاد العربية والاسلامية، بحسب حاجة الغرب وأمريكا السياسية، ومصالحها الاقتصادية، وترتيباتها الضامنة لبقاء هيمنتها وتفوقها على تلك البلدان.
وبما أن مسألة بقاء الكيان الصهيوني جاثما على أرض فلسطين، هي من أولويات أمريكا، وقد قدّمت نفسها للعالم على أنها حاميته، فإن كل من يظهر بثوب معاداته والعمل على زواله، يعتبر إرهابيا بنظر الادارة الامريكية، لذلك عدّت الجمهورية الاسلامية الايرانية ارهابية، بدعمها لفصائل وحركات المقاومة، وأدرجتهم في قائمتها السوداء، وكان لحركة أنصار الله اليمنية مكان متقدّم فيها.
التثبيت النهائي للكيان الصهيوني، يمرّ عبر تحييد كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على وجوده، وبالتالي، فإن ايران الاسلامية تعتبر الأولى في جدول عمليات الادارة الامريكية، يليها حزب الله اللبناني، وسوريا باعتبارها الحاضنة الأخيرة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وهمزة الوصل بين طهران ولبنان، فيما يخص الملف الفلسطيني، لذلك شنت على سوريا ولبنان والعراق - باعتباره عمقا استراتيجيا لقوى المقاومة - حرب ارهابية بالوكالة، استقدم فيها الارهابيون الوهابيون التكفيريون من القارات الخمس، وبأعداد هائلة، وتجهيزات عسكرية متطورة، ودعم لوجستي كامل، من أجل اسقاط النظام السوري، واستبداله بنظام عميل، يقبل التعايش مع الكيان الصهيوني، في اطار الاعتراف بشرعية وجوده على ارض فلسطين.          
ومع فشل المشروع الامريكي الغربي بصيغته التكفيرية، في كل من العراق وسوريا ولبنان، مع عدم اليأس في الاحتفاظ ببقاياه، واستعمالهم أياد قذرة في مناطق أخرى ومنها اليمن، في محاولة أخيرة يائسة، قد تحقق شيئا من إبطاء مشروع تكامل محور المقاومة، وجاهزيته لخوض حرب تحرير فلسطين، وباعتبار أن الادارة الامريكية لم تعد تثق بمردودية ادواتها الارهابية، فإنها بدأت تهيئ نفسها لتكون شريكا ظاهرا، مع حلفائها وعملائها في كل من سوريا واليمن، وهذا ما كشفت عنه وسائلهم السياسية والاعلامية. 
وبعد تبيّن الرشد من الغيّ، يجدر بكل مسلم مؤمن بقضايا أمّته، أن يقف الى جانب اخوانه  المظلومين في اليمن، وجوبا وليس اختيارا، عملا بما جاء في أحكامنا الاسلامية ونصرة للحق الذي عليه أشقّاء تكالبت عليهم قوى الشر والفسق والكفر، آملة بلوغ هدف تركيعه، واعادته الى ما كان عليه حكامه العملاء، من مهانة وسقوط، اليمن حر بإذن الله تعالى، وسيبقى كذلك حرّا أبدا، وملحمة الساحل الغربي والحديدة التي يخوضها أبناءه هذه الأيام، ستعرّف من لم يعرف معدن أحرار اليمن، وليوثه الاشاوس، في معركة حقهم ضد باطل أعدائهم.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire