dimanche 18 mars 2018

الشيرازيون شرّ مكانا وأضلّ سبيلا



بقلم: محمد بن عمر
عرفتهم في بداية تشيعي، وكنت متصوّرا أن لهم حظا من ايمان، أو نصيبا من ثورة اسلامية، وطبيعي أن يقع في اشتباه من هذا التّصور، أي شخص عرف طريق الولاية والحق، واعتقد بسجيته ان أهل ولاية الله تعالى، خط ومنهج واحد، وهمّ واحد، ووحدة لا تنفك بعضها عن بعض، ولم التفت وقتها الى ان الشيطان أقسم، بأن يقعد على طريق وصراطه المستقيم، فيغوي ويعرقل، ويثبط ويناور، لعله يثني أكبر عدد من السالكين عن ذلك الصراط، وفاتني أيضا في غمرة فرحتي بالهداية أن التفت الى قوله تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (سورة العنكبوت الاية 2)
عن الامام الباقر عليه السلام: (والله لتميزنّ، والله لتمحصنّ، والله لتغربلنّ، كما يغربل الزوان من القمح) (بحار الانوار: ج52 ص114) 
وباختصار شديد، لم أكن أتصوّر أن في خط التشيع لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سيلحقه ما لحق غيره من الخطوط الاسلامية، من ابتلاءات وفتن واختلاف، اوجدتها وعملت على تعميقها، جهات ليس من مصلحتها التئام الجماعة، وتوجهها للعمل من أجل تحقيق وحدة اسلامية، تسعى لبناء غد افضل للإسلام والمسلمين.
بحكم الحاجة الكتب التي كانت تنقصنا في بداية تشيعنا، تواصلنا مع عنوان مكتب اسلامي -تابع لمنضمة العمل الاسلامي التي تاسست في 13/4/1979 بعد شهرين من انتصار الثورة الإسلامية في ايران- بمدريد يديره الشيرازيون، وتتركز اهتماماته بأوروبا وشمال افريقيا، ومنه جاءتنا بعض الارساليات التي تضمّ كتبا ونشريات واشرطة المهاجر والصفار وهادي وتقي المدرسي، ثم تطورت العلاقة الى زيارات لتونس قام بها عدد من اعضاء هذا الخط، وكان في اعتقادنا أن هؤلاء من ضمن خط ولاية الفقيه، الى أن اكتشفنا حقيقتهم، بضبط موفد منهم من دمشق سنة 1986- بقي في ضيافتنا اياما- وفي حوزته شريطا تطاول فيه الخطيب - لم اعد اذكر اسمه - على الامام الخميني رضوان الله عليه، فقررنا قطع أي صلة بهؤلاء، بعد انكشاف نواياهم تجاه الثورة الإسلامية في ايران وقائدها الامام الخميني.
حقيقة لا بد من معرفتها
عندما ظهر الامام الخميني على الساحة النضالية والسياسية في ايران وقاد ثورته، لم يعرف الايرانيون منافسا له ولا انصارا لغيره، حتى يلتبس الامر على الناس في ذاك الزمان، ولو رفعت صورة واحدة للشيرازي، من بين الاف الصور للإمام الخميني رضوان الله عليه، لكنا صدقنا انه يحتمل ان تكون هناك امكانية لقائد مغمور، يمكن اعتباره منافسا للإمام، ولكن شيئا من ذلك لم يكن، فلم يضع هؤلاء الشيرازيون أوهامهم، في مقابل الحقائق التاريخية الثابتة، اليس هذا تحريف وتدليس ركيك وغبيّ؟  
ان صناعة الشخصية العلمية لدى الشيرازيين هي نوع من الشخصنة البغيضة، التي تحاول القفز على مقامات العلماء الحقيقيين، بإظهار تفوق وهمي لزعيمهم في عدد المؤلفات المضخّمة أوراقا ومجلدات، من أمثال تقريب القران للأذهان (طبع مؤسسة الوفاء)، فقد تتفاجأ وانت تقرا سيرة محمد الشيرازي العلمية، بأرقم خيالية في عددها كتبا ومجلدات، وصلت الالف، مع ان الرجل مطعون في مرجعيته العلمية، من طرف كبار العلماء كالسيد الخوئي ورفضها ايضا السيد محمود الشاهرودي، والشيخ يوسف الخراساني الحائري، فضلا عن بطلان ادعاء من ادعى ان احد هؤلاء الشيرازيين، كان من تلاميذ الامام الخميني رضوان الله عليه، عندما كان يلقي دروسه بالنجف، فترة نفيه بالعراق، والتلميذ الحقيقي الذي ينسب الى حلقة دروس الامام، كما هي حال الشهيد محمد باقر الصدر ، او مرتضى مطهري رضوان الله عليهما، هو من هؤلاء الذين مضوا على نهجه، وتبنوا افكاره حتى اخر ايام حياتهم، اما مجرد ادعاء لم تقم له قائمة، وثبت عكسه بالتهجم عليه، ومحاربة نهجه فإسفاف وتدجيل.
لقد ثبت أن ادعاء الشيرازيين مساهمتهم في الثورة الاسلامية في ايران محض افتراء لم يدعمه شيء من واقع، وانما على العكس من ذلك، فقد استغل هؤلاء علاقتهم بمهدي الهاشمي صهر حسين علي منتظري ابشع استغلال، ما أثار حفيظة اجهزة النظام الاسلامي، الذي باشر التحقيق في انشطتهم المشبوهة، بعد ثبوت ادانة رجلهم المقرب من حسين علي منتظري، والحكم عليه بالإعدام وتنفيذه فيه، فكان لزاما على الجمهورية الاسلامية في ايران، اخذ الحيطة من رموزهم.
مجتبى الشيرازي وارث التطرّف
عُرِف الشيرازي بحدته وشدة آرائه وتطرّفه تجاه عقائد السنة، بلغت حد تطاوله بسبّ رموزهم من الصحابة، كأبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة وحفصة، وبانتقاده الصريح للحكومة الإيرانية المعاصرة، ومؤسسها روح الله الخميني، و قائد الثورة الإسلامية الحالي علي خامنئي، وكذلك بآرائه الشاذة بخصوص رجال الدين الشيعة، من أتباع المدرسة الفلسفية والعرفانية، مثل محمد تقي بهجت، ومرتضى مطهري، ومحمد حسين الطباطبائي، والطهراني،  فيحكم بضلالهم وانحرافهم و زندقتهم، فضلا عما كان يذهب اليه، من اسقاط مكانة كل عالم شيعي، يسعى إلى التقارب مع المذاهب السنية، كالسيد محمد حسين فضل الله.
ويعتبر خروج الشيخ حسن الصفار من تنظيمهم – وهو من علماء المنطقة الشرقية من الحجاز – وتنكره وبراءته من تصرفاتهم وموفقهم الشاذة والخارجة عن سياق الاجماع والمصلحة العامة للامة، واتهامه بالعمل على احداث فرقة بين المسلمين، فقد قال عن حديث مجتبى الشيرازي الموجه ضد أبي بكر وعمر وعائشة - ممن يعدّون شخصيات مقدسة عند أهل  السنة - في محاضراته بأنها (غير مقبولة على الإطلاق، وتأتي ضمن الجهود الخبيثة لإيقاع الفتنة بين المسلمين)
الشيرازيون تاريخا وتأسيسا وشخصيات
الشيرازية هي تيار فكري وسياسي،أسسه السيد محمد الشيرازي في منتصف الستينات بكربلاء، يرث والده السيد مهدي، وجده السيد عبد الهادي بالتصدي للمرجعية، دون ان يحظى باعتراف علماء النجف، حتى ان السيد محسن الحكيم حذّر من خطر ( حركة الرساليين ) او حركة المرجعية، الاسم الذي أطلقه سيد محمد على تياره .. ان ما ذكره علي المؤمن بكتابه ( سنوات الجمر ) بأن السيد مهدي الشيرازي، كان صاحب السبق بتأسيس الفكر الشيرازي، وادعي ان الشيرازية بالعراق كانت بمرحلة النمو، مستغلة بعض مظاهر الانقسام بين سكان مدينتي النجف وكربلاء، الذي كان يتحول لصدامات في الزيارات بين مواكب المدينتين، فاستغل الشيرازي الاب رغبة عوام المدينة، بالاستقلال عن سطوة المرجعية النجفية، وتحولت بمرور الزمن الحوزة الكربلائية، الى حوزة تمثل هوية سكان الولاية، فنشأت حركة الشيرازي بمعزل عن حوزة النجف، كمرجعية كربلائية بديلة، ولم تكن تملك مشروعاً سياسياً، حتى منتصف الستينات .
بعد انكشاف خطط الشيرازيين في ايران، وتقلص نفوذهم بالواسطة بعزل منتظري ومقتل صهره المدان بجرائم قتل علماء معروفين، والتواطئ مع دوائر استخبارية معادية للثورة الاسلامية، غيروا خطابهم بالخليج، وبدأوا يتبنون خطاباً معتدلاً مع الحكومات العربية، فقد عاد الشيخ حسن الصفار للسعودية، وتبنى الحوار مع السلفيين والدولة، ودخل العديد من شيرازية البحرين في البرلمان، وتصالحوا مع آلِ خليفة، النائب الكويتي صالح عاشور يعتبر عرّاب الشيرازية بالكويت، والمشرف على قناة الانوار، التي يديرها المليونير الشيرازي الحاج اسماعيل جنتي، في العراق عاد السيد محمد تقي المدرسي الى كربلاء، للحفاظ على الوجود التاريخي في المدينة التي انطلق منها التيار، واهتم بالإعلام، ولم يدخلوا بصراعات مع الاحزاب الشيعية، كحركة الوفاق لجمال الوكيل، وحزب الطليعة للياسري.
جدير بالذكر، أن الشيرازية لم تعلن عن خططها الدعوية الحقيقية في الثمانينات، لأنها كانت تعمل بمحيط ليس شيعياً في بعض الدول، وتسعى لكسب الانصار، فكانت تحرص على طرح افكارها السياسية فقط، وهنا اشير فقط، أنهم طبعوا كتيبا موجها الى تونس، عنوانها: (عشر نصائح الى الحركة الاسلامية في تونس.)
صادق الشيرازي قائد الانحراف
تعتبر فترة قيادة صادق الشيرازي، منذ ان نصب نفسه قائما بأمر هذه الفرقة، هي الفترة الأكثر وضوحا، من حيث انخراطها في مؤامرات لا تخدم مصلحة الامة الاسلامية، في التقارب والتآلف وتقريب وجهات النظر، فقد عكس الرجل آراءه الشخصية الأكثر تطرفا على التيار، وبه بدأ يتضح وجه التيار الحقيقي، بعد دخولهم بصراعات إعلامية مباشرة مع حزب الله لبنان والجمهورية الاسلامية في إيران وخصوصا ولاية الفقيه، التي يرونها شرعية فقط بشورى الفقهاء، كنظام اسلامي بديل يرون فيه مجالا لتمثيل أحدهم في مجلسه.  
موقف التيار من حوزة النجف، لا يختلف كثيراً عن موقفه من حوزة قم، فقد دخلوا بصدامات إعلامية وخطابية مع علماء النجف الذين اعتبروهم من البترية، وكعمل استفزازي سافر، قام أنصار الشيرازية ببعض المظاهرات في المناطق السنية ببغداد، سبوا بها رموز السنة، وحرضوا على الفتنة الطائفية، يعتبر بعض رجال الدين كالسيد كمال الحيدري الذي كان من قيادات هذا التيار ان الشيرازيين تستخدم خطابهم المتشدد بعض القوى العالمية لإشعال الحرب الشيعية السنية بالمنطقة.
لازال الشيرازيون يستغلون عاطفة الشيعة ايام محرم لبث الفكر الطقوسي الذي ليس له علاقة بالخطاب الفكري الجعفري ليجعلوه بديلاً عن التشيع الجعفري، الذي يعتبر مدرسة فكرية متكاملة، في البحث والتحقيق العقدي والفقهي، تشهد لها كل مدارس الفكر الاسلامية .
شبهة العمالة مع بريطانيا
من المعلوم ان سفارات الدول لها حرمة وحصانة، من طرف الحكومات المضيفة، فما حصل في لندن، من اعتداء سافر على سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية، واقتحام عدد من الصعاليك لبنائها، المقترض ان يكون محروسا، وانزال العلم المقدس من على شرفتها، يثبت تورط الحكومة الاستعمارية البريطانية، أم المصائب والبلاوى سابقا، وشريكة امريكا في ما سيحصل مستقبلا، ولو كان الحادث عرضيا وغير مدبر، لما أمكن لهؤلاء بلوغ شرفة السفارة، وانزال العلم منها، وتصوير الجريمة بكل أريحية، يمتلك الشيرازيون امكانيات ضخمة، من مراكز وحسينيات وقنوات فضائية، وصل عددها الى 16 قناة، تمركز اغلبها في انقلترا وامريكا واستراليا، تبث افكارهم المتطرفة واراءهم الكاسدة، والتي استمالوا بها نسبة من عوام اتباع اهل البيت، اعتقادا منهم بان ما يسوقه هؤلاء، يمثل حقيقة الائمة الاطهار.
وباعتبار تجربتي، فإنني لا اتردد في اعتبار هؤلاء مشروعا فتنويا، يرعاه الغرب لخدمة اهدافه الشريرة، في عرقلة أي عمل اسلامي، يدعو الى الاخوة والوحدة، بين مختلف الطوائف الاسلامية، من خلال الدعوة الى السبّ واستفزاز شركاء الدين، وجرّهم الى حالة من العداء والبغضاء، تمهيدا لمرحلة مواجهة، يسعى اليها اعداء الاسلام للنيل منه، وعلى هذا يجب على كل من يمتلك ذرة دين وايمان، ان يتبرأ من هؤلاء ويعمل على فضحهم، واظهار حقيقتهم، الغائبة عن اذهان البسطاء والمغررين، فالشيرازيون اليوم قرناء التكفير ودواب فتنة، لا يختلفون في شيء مع بقية ادوات التطرف والارهاب، يمثلون جميعا خطرا محدقا بالإسلام المحمدي الاصيل، الذي يرعاه النظام الاسلامي في ايران،  والسكوت على ما يدبّرونه شيطنة وقلة دين.     





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire