بقلم: محمد بن عمر
أصحاب شرارة (الثورة السورية)، التي انطلقت صيحات
افترائها من درعا، كشفت منذ بدايتها على أنها دابّة فتنة، أسرج لها الغرب بزعامة
أمريكا، وتمويل من عملائه في الخليج، لم يطل بها الأمد، ارتمى مشعلوها بوعي كامل،
وادراك لا تشوبه شائبة شك، في احضان الكيان الصهيوني لاجئين اليه لعلاج جرحاهم من
الجماعات الارهابية المسلحة، أيّا كان انتماؤه فما يهم الكيان الصهيوني في هذه
العلاقة، هو بلوغ غايته التي يسعى اليها، بأدواته ووسائله، وطبعا هذا التواصل لم يأتي
بالصدفة، أو لأنّ الانسانية هبطت فجأة على الصهاينة، وهم أشدّ الأعراق عداوة
للمسلمين، المنطق يقول ان عمليات اجلاء جرحى الارهابيين، سبقتها اتصالات وتفاهمات
وشروط، ويندرج ضمن المؤامرة عالمية حيكت ضد سوريا الصمود، من أجل ارغامها للنزول
الى ما سقط فيه النظام المصري والاردني، مما عرف باتفاقيتي سلام العدو..
الذي يجب ان يفهمه بعض المعاندين، الذين لا زالوا
يعتبرون ما جرى ويجري في سوريا ثورة، هو سقوط هذا الادّعاء بذهاب وطنية ودين هؤلاء
المحتمين بالكيان الصهيوني، وهو المعروف بالضرورة، عدو سوريا ارضا وحكومة وشعبا..
كيف بلغت الجرأة وقلة الحياء عند هؤلاء الفسقة، ان يضعوا ايديهم في ايدي اعداء
العرب والمسلمين، وغاصبي الارض والمقدسات، زيادة على ذلك كله، مطالبتهم بقصف
بلادهم من طرف القوات الصهيونية، فأي عار اكبر قد يلحق ببشر، من سلوكيات مشينة لا
تكاد تحصى لهؤلاء الثوار المزعومين، حيث لم يعرف التاريخ عملاء حقيرين مثلهم،
وادوات فساد على الاراضي السورية.
صحيح أن سوريا فقدت اغلب بناها التحتيّة، ودمرت
أكثر مشاريعها التنموية، وشهدت مدنها الرئيسية خرابا يفوق الوصف، ويتعدى تصوّر
أولئك الذين تغنّوا بالربيع العربي، وثوراته ذات السبع سنين عجاف، لكن الذي قلب
طاولة التمادي في الخراب على أصحاب المؤامرة، هي الارادة الشعبية والسياسية
للسوريين، والتي أنتجت صمودا تاريخيا، في بداية تغوّل دابة الارهاب، واستتبعها التفاف
على دابة الارهاب، بمختلف فصائلها، والدخول في مرحلة طي صفحة وجودها على الاراضي
السورية، التي كانت مسيطرة عليها، بما توفّر لها من دعم غير محدود، من القوى
الداعمة لها، والتي باتت مكشوفة ومعروفة لدى الجميع.
وطبيعي أن تلتمس القيادة السورية، إزاء هذه
الهجمة الغربية الوهابية التكفيرية، مساعدة من أصدقائها، فوجدت في ايران وروسيا،
السند الذي ساعدها بفعالية وقوة، على اجتياز مراحل الخطر التي أحدقت بالبلاد،
وكادت تحولها من دولة ديمقراطية سائرة في طريق النمو، الى مجرد حلبة مواجهة ونزال،
تتصارع فيها فصائل تدّعي الاسلام، وتتخذ منه مجرّد شعارات جوفاء، لم يتحقق منها
شيء، وظهرت في مقابلها تلك الجماعات، بأبشع صور التخلّف والانحطاط الفكري
والاخلاقي.
حزب الله اللبناني بدوره، لم يتردد في الدخول الى
جانب الدولة السورية، في مواجهة تلك الجماعات، رغم تأخره النسبي في توقيت دخوله
أرض المعركة، كما عبر عن ذلك أمينه العام السيد حسن نصر الله، وكانت (القصير)
بداية انقلاب سحر الارهاب على صناعه، ولا يخفى على المتابعين، أن لبنان مستهدف
تماما كسوريا، في اجتياح الارهاب لأرضه، بعد سلسلة التفجيرات الارهابية التي استهدفت
ضاحية بيروت معقل الجزب، والمؤامرة المنفذة من بين اهدافها:
اسقاط النظام السوري، بما يتيح المجال لإنهاء
وجود حزب الله في لبنان، وتمكين الكيان الصهيوني من بسط هيمنته على المنطقة باسرها،
بعد الخلاص من بقية حركات المقاومة في فلسطين، هذا بقطع النظر عما كشف من مخزونات
عائلة من الغاز والنفط، ضمن الاراضي السورية برا وبحرا، أسالت لعاب أمريكا
وحلفائها بما فيهم تركيا.
ايران الاسلامية بدورها، لم تكن يوما بمنأى عن
الاستهداف، فقد كانت ضحية ارهاب دولي وتكفيري، طال نظامها ومدنها وشعبها، بسبب
مشروعها الذي اعلنته ابان انتصار ثورتها، والمتمثل في تحرير فلسطين كامل فلسطين،
وتلبيتها دعوة النظام السوري الممثل الشرعي لشعبه، بالوقوف الى جانبهما، دفاعا عن آخر
ميدان مواجهة للعدو الصهيوني، وسقوطه يعقّد تنفيذ مشروع التحرير، الذي تدعم ايران فصائل
مقاومته الفلسطينية واللبنانية.
الوضع الذي نشهده اليوم في سوريا، تغيّر عما كان
عليه قبل اربع سنوات، ومالت كفّته الى جانب الحلف الحقيقي لمحاربة الارهاب، وقد
أثبت جدواه وبرهن على فعاليته في مهمّته التي لم تكن سهلة بالمرة، والذي قصم ظهر
داعش ليس امريكا، ولا حلفها الوهمي في حربها الصورية على الارهاب، وانما الحلف
الرباعي ( سوريا ايران حزب الله وروسيا)، وعوض ان ينجح تحالف الشر الغربي في خططه،
باءت مؤامراته بالفشل، ونجحت في المقابل سوريا واصدقاءها الحقيقيين، في درء الخطر وتقليص
تمدده، وابعاده الى منطقة محددة (ادلب) تمهيدا للقضاء عليه في نهاية المطاف.
المنطقة (لبنان سوريا العراق) مقبلة على تحولات
كبرى، ستكون خاتمتها في صالح الحق واهله، فمنظومة المقاومة التي تسهر على استحقاقاتها
ايران الاسلام، قد استقام عودها، وقويت شوكتها، واصبح لها من الخبرة والامكانيات،
ما لم يحسب له العدو حسابا، فكبرت في حين كان يريد لها اعداؤها التقزيم والانتهاء،
ولسوف تنتصر وعدا من الله، والله لا يخلف الميعاد، ولسوف يلحق العار والشنار بأعداء
المقاومة، ولا يمكنهم الخروج من دائرة الخزي، ما بقيت فيهم حياة ذل ومهانة.
ثورة جهلة وقعت فريسة في يد الصهيونية العالمية
RépondreSupprimer