vendredi 6 avril 2018

من بقي للقضية الفلسطينية؟




لا يكفي أن تتعاطف الجماهير العربية والاسلامية مع أشقائهم في فلسطين، ومع انها مشاعر جيّدة ومحمودة، الا أنها  لا ترقى الى خلاص فلسطين من ربق الصهيونية، المطلوب اليوم هيكلية مقاومة، بما تعنيه الكلمة في بعدها التنفيذي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا.
شكك أعداء إيران منذ وانتصار ثورتها وتأسيس نظامها، في جميع شعاراتها التي تبنّتها، وجعلت لها اهتماما وحيزا مهمّا في جدول أعمالها، فتحركت مجاميعهم الاعلامية بكل بوق ومنبر، وعلى كل صفحة ودعاية، يمخضون آثارها، وكأنّ الأمر مجرّد كلام، يسوّقه عادة أهل السياسة في خطاباتهم، ويروّج له أهل الدعاية، تسكينا لحرارة مطالب شعوبهم، التي تتوق الى تحقيق ما لم يتحقق من مطامحهم وآمالهم، حشرا لإيران في نفس مستوى الحكام العرب والمسلمين، الذين تورّطوا في بحر القضية الفلسطينية، وقد علقت شباكهم في عمق أماني شعوبهم، فلم تخرج لهم شيئا، بعد طول انتظار، وقد بدا لبعضها رأي آخر، فسلكوا طريق مسح آثار ما مضوا عليه سابقا، من التزام بالقضية الفلسطينية، ( اللّاآت الثلاثة: لا صلح لا اعتراف ولا تفاوض مع العدو) واختاروا طوعا أن يكونوا عبيدا لأمريكا، وخدما بلا مقابل للكيان الصهيوني، يعملون بكل جدّ، من أجل أن يثبّت أركانه على أرض مغتصبة، ارتوت بدماء ابنائه ولفيف من أبناء الامة الاسلامية.      
حركة التنازلات التي عرّاها الزمن، واكتشفتها الشعوب المطالبة بإنصاف الشعب الفلسطيني، في استعادة ارضه وحقوقه المسلوبة، التي شهدت المنظمات الأممية على ضياعها، بالسكوت على الغصب الصهيوني على جرائمه، فمضى معظمها بغير ادانة، ومرّ ما مرّ منها في شكل قرارات تنديد واستنكار، وبقيت بقيّة عالقة، لا تجد سبيلا للتنفيذ، طالما أنّ أمريكا ودول غربية كبريطانيا وفرنسا، مجتمعة على عرقلة تنفيذها منذ صدورها، خرج علينا غِرّ ربابنة أسطولها، ليشرعن للكيان الصهيوني، مزيدا من قتل ابناء فلسطين، باعتبارهم أصحاب حقّ.
لقد آثرت دول عربية خليجية ومنها (السعودية والامارات والبحرين) أن تدخل مع الكيان الصهيوني، في مرحلة متقدمة من التعامل، بأشكال مختلفة وعلى مستويات متعددة، مبشّرة بعصر من التطبيع معه، لم يسبقها اليه أحد، اذا استثنينا اتفاقيتي العار( كامب دافيد ووادي عربة)
وفيما صرّح وأكد وليّ العهد السعودي، والحاكم الفعلي للمملكة، أن بلاده تشترك في كثير من المصالح مع اسرائيل، وإذا تحقق سلام (حسب العرض الامريكي الصهيوني) سيكون هناك كثير من المصالح، بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي، في دلالة واضحة على مسار خيانيّ، بات اوضح من الشمس في تداعياته، تواصل ايران الاسلامية سياستها الثابتة تجاه الكيان الصهيوني، باعتباره جسما غريبا عن المنطقة، وسرطان خطير محدق بها، نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ليس لها غاية اخرى، سوى استرداد حقوق مسلوبة، وملعوب بمصيرها بالأمس القريب، واليوم تجلّى مدى سقوط حكام، لم يعد يهمهم شيء من أمر فلسطين، بعد أن افتضحت سرائرهم عن خبث وعمالة.
ولم تعد المصالح المشتركة مع الكيان الصهيوني، التي المح اليها ولي العهد السعودي، خافية على أحد، فقد بات من الواضح، أن التصدّي لتنامي القدرات العلمية والتقنية والانتاجية الايرانية، في مختلف التخصصات، بات أمرا ملحّا، اجتمعا عليه منذ مدّة، وهما يبحثان مع شركائهما، سبل تفعيل الياته، للوصول به الى مرحلة التنفيذ، لوقف نمو النظام الاسلامي، الذي يصبّ في صالح القضية الفلسطينية ودعمها.
سيرة ايران تجاه القضية الفلسطينية واضحة، لم يشبها لبس منذ انتصار ثورتها، ووضعها في مقدمة اهتمامات سياساتها الخارجية، كان من بين ما نقم عليها منه القوى الغربية وعملاؤهم، فحاربوها بكل الوسائل، من أجل ثنيها عن عزمها، واجبارها على ترك أولويتها الخارجية فلم يفلحوا، لكنهم لم ييأسوا، ولا زالوا بجمعهم الذي جمعوه، يعملون على تحقيق شيء، يحول دون مراد ايران الاسلامية.
وعوض أن ينجح مشروع الغرب الارهابي التكفيري في سوريا والعراق ولبنان الذي يستهدف في خاتمته ايران، في وضع حد لتنامي ظاهرة مقاومة العدو الصهيوني، باء بالفشل الذريع، وأسفرت مقاومة شعوب المنطقة له، ولادة فصائل مقاومة جديدة(الحشد الشعبي العراق واللجان الشعبية سوريا)، تلاحمت مع سابقتها في محاربتها، كظاهرة دخيلة وخطيرة على التعايش السلمي للتعددية الطائفية، في المنطقة مهددة استقرارها، وفيما يضمحلّ الارهاب في المنطقة المستهدفة، تكبر في مقابله مقاومته، وهذا مؤشر خير بالإمكان أن تبني عليه شعوبنا أسس مستقبل واعد، ومبشّر بكل خير، لتغيير قاعدة التفوق الصهيوني الغربي، وتحويلها الى صالح محور المقاومة، حتى النصر النهائي، الذي أصبح اليوم في متناول الرجال الساعين الى تحقيقه.
وفيما أشاد اسماعيل هنية مجددا، بمواقف إيران الداعمة للشعب الفلسطيني، وذلك في مكالمة هاتفية مع علي  لاريجاني رئيس مجلس الشوري الاسلامي، حيث قال: (نفتخر وكما عبّرنا عن ذلك سابقا، بموقفكم، ومواقف سائر المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، الداعمة للشعب الفلسطيني، ونتمنى لقائد الثورة والشعب الإيراني مزيدا من التوفيق)، أعلن مسؤول العلاقات الدولية في حركة (حماس) أسامة حمدان، أن وفدا من الحركة برئاسة (إسماعيل هنية) رئيس مكتبها السياسي، سيزور إيران قريبا، وطبيعي أن تكون هذه الزيارة، نابعة من قناعة المسؤولين في الحركة، أنه لم يعد لهم بعد الله غير إيران الاسلامية، شريكة فعلية في دفع عجلة المقاومة، نحو التمكن والاقتدار العسكري تسليحا وتخطيطا واسنادا.
هذا وأكد القائد الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية الامام السيد علي خامنئي، في رسالة بعثها إلى رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، إسماعيل هنية، على مواصلة دعم إيران لتيّار المقاومة، مهاجماً في الوقت نفسه، نهج التفاوض مع إسرائيل، قائلاً إنه خطأ لا يُغتفر، مبينا ان العلاج الوحيد لحل قضية فلسطين، يتحقق بدعم تيار المقاومة.
بين نهج مقاومة العدو الصهيوني الذي تسهر عليه ايران الاسلامية، ونهج الخضوع له والذي أصبحت عناصره ظاهرة، سجالات قادمة، سوف تزيد من توضيح صورة من بقي وفيا للقضية الفلسطينية، وعمل ولا يزال يعمل من اجل إحقاق الحق الفلسطيني، ومن باعها بالعرض الادنى والثمن البخس، وسوف لن يتأخر كشف الحساب قريبا.


2 commentaires: