لم يكن
البيان الختامي للقمة العربية التاسعة والعشرين، المنعقد بالظهران يوم الاحد 15
/4/2018 ليختلف عن سابقيه بشيء، ويبدو أن مؤلفي بيانات جامعة الدول العربية، يستنسخون
أمثلة لديهم، تقلل من عناء بحثهم، عن العبارات الملائمة، لأي بيان يصدر من
مؤتمراتها، على مستوى وزراء أو قادة، ومقارنة بين مؤتمري قمة عمان الاردن ال28، وبين
المؤتمر الاخير، نجد أن المتغير الوحيد، هو ترقيم البنود وما بدا من تقديم أو
تأخير بعض الالفاظ والعبارات، كأنه تحديث برنامج الكتروني.
ففي ما يخص البند الحادي عشر من
مؤتمر الظهران، والذي جاء كالآتي: ( نرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية،
وندين المحاولات العدوانية الرامية الى زعزعة الامن، وبث النعرات الطائفية، وتأجيج
الصراعات المذهبية، لما تمثله من انتهاك لمبادئ حسن الجوار، ولقواعد العلاقات
الدولية، ولمبادئ القانون الدولي، ولميثاق منظمة الامم المتحدة.
ينطبق على ما جاء في البند الثامن، من البيان
الختامي للقمة السابقة، التي انعقدت بعمان (الاردن) ( ثامناً: نؤكد الحرص على بناء
علاقات حسن الجوار، والتعاون مع دول الجوار العربي، بما يضمن تحقيق الأمن والسلام،
والاستقرار والتنمية الإقليمية، كما أننا نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية
للدول العربية، وندين المحاولات الرامية إلى زعزعة الأمن، وبث النعرات الطائفية
والمذهبية، أو تأجيج الصراعات، وما يمثله ذلك من ممارسات، تنتهك مبادئ حسن الجوار،
وقواعد العلاقات الدولية، ومبادئ القانون الدولي، وميثاق منظمة الأمم المتحدة.)
وفي هذا التناسخ الذي لم يأتي صدفة، اشارة لمن يفهم
الاشارة، بأن القمم العربية وأغلب اجتماعات جامعة دولها، سيناريوهات متكررة تحاكي
بعضها بعضا، ولا ترتقي الى الحبر الذي كتب به بنودها، وهي استبلاه للشعوب العربية،
التي ما كانت لتولي اهتماما بمخرجات جامعتهم، التي أسقطوها من حسابات مستقبلهم،
بعدما انحرفت 180 درجة، عما يأمله كل عربي حر شريف.
ما يهمنا في هذا البند المكرر (8) و(11)، موقف القمتين
28و29 الرافض للتدخل في شؤون الداخلية للدول العربية، فهل كان قصد القادة الموقعين
عليه عموم أي تدخل، بما فيه تدخلهم أنفسهم في شؤون بعضهم البعض؟
أنا لا أعتقد ذلك، خصوصا وان بعض القادة العرب،
غرقوا في بحر غيّهم، بتكرار اعتداءاتهم على اشقائهم، دون اعتبار لأي قيمة دينية أو
عرقية أو انسانية تجمعهم، فقد بلغ بهم الاستهتار مبلغا، جعلهم يتعاونون على الاثم
والعدوان، فيتحالف بعضهم تبعا لأهوائهم وأحقادهم، من أجل تنفيذ مخططات القوى
الغربية والصهيونية، في التآمر على سوريا الممانعة والمقاومة، ودعم حرب ارهابية
عليها، والتحريض عليها، لضرب مواقعها، واضعاف قدراتها العسكرية، وبأموالهم التي
أنفقوها بسخاء غير معهود - وهم البخلاء على مصالح شعوبهم وأشقائهم - دمّرت بناها
التحتية، وخربت معظم مدنها، وهجّر أهلها منها طوعا وكرها.
وكما ألّبوا على العراق، بدعوى امتلاكه اسلحة الدمار
الشامل، فاستباحوه برا وبحرا وجوا، وصبوا على رؤوس أهله حمم حقدهم الصليبي، ثم
أعيت فرق خبرائه سبل البحث عن ذلك السلاح المحرّم فلم يجدوا له اثرا، ووقف العالم
على أن ذلك كان كذبة أمريكية، تراهم اليوم يؤلبون على سوريا، بزعم استخدام السلاح
الكيماوي، وبتحريضهم المتواصل، اقدمت أمريكا وبريطانيا وفرنسا، على ضرب منشآت
ومواقع داخل سوريا، عقوبة لجرم لم تقترفه.
وكما حرضوا من قبل حلف الناتو على ضرب ليبيا، وتدمير
منشآته، وتركه مهيعا للجماعات الارهابية المتناحرة، شنوا عدوانا سافرا على اليمن،
فاقدا لأبسط قيم الانسانية، فقتلوا ودمروا بمختلف الاسلحة، حتى المحرمة منها،
كالقنابل العنقودية والفوسفورية الحارقة، تحت ذريعة واهية، تمثلت في دعوى إعادة
الشرعية، بما معناه، إرغام الشعب اليمني على القبول بمقررات السعودية ومجلس
تعاونها الخليجي، في إبقاء اليمن تحت وصاية بني سعود وهيمنته عليه، خصوصا وأن
أجزاء هامة من اليمن، كانوا قد استولوا عليها، وضموها الى مملكتهم، وهي ( نجران/ جيزان/ عسيران)
فأي حسن جوار هذا الذي دعا اليه قادة العرب، وأي
امتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لدولهم، يقصدونهما ببياناتهم الختامية في كل
مؤتمر قمة؟
الا يعتبر عارا تحريض دويلات الخليج الكيان الصهيوني
بضرب قطاع غزة، وغزوه لإنهاء حركات المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس؟
أليس مشينا أن تدفع أموال النفط والحج، لأمريكا
وبريطانيا وفرنسا، لشن عدوان سافر على سوريا، وبينات الجامعة العربية وقممها، تحث
على حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الدول؟
أليس من اللائق بهم، أن يكفوا عن اعتداء بعضهم على
بعض، عوض اتهام الجمهورية الاسلامية الايرانية، بزعزعة الامن والاستقرار في
المنطقة، اتهاما باطلا لا يملك دليل صدق واحد على دعواهم؟
ألم تختبروا ايران الاسلامية، في كثير من القضايا
المصيرية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية، واستقرار المنطقة، والحفاظ على أمنها
محلّيا، دون اللجوء الى الاعداء المتربصين، فلم تروا منها سوى الصدق وحسن النية، ولم
يجد اعداؤها مستمسكا واحدا مخالفا، من شأنه أن يصبغ سياساتها بالشك والريبة؟
أليس فيهم رجل رشيد، ينطق بكلمة حق فيهم، فينصحهم
بالرجوع الى أنفسهم، فيتّهموها بدل اتّهام غيرهم، خصوصا وقرائن الإدانة لتدخلاتهم
واعتداءاتهم ظاهرة، لا تحتاج الى جهد في تقصّيها؟
هذا الاستهتار بمستقبل ومصالح شعوبهم، سينتهي بهم
الى سقوط أنظمتهم، وتّحولهم الى معرّة ومسبّة في التاريخ، خصوصا ونحن مقبلون على
تحوّلات كبرى في المنطقة، سوف لن تبقي لعملاء الغرب والصهيونية منهم باقية، ومن
احتمى بالقوى الغربية، واعتبرهم ولاة أمره، وحماة نظامه، فإنه سيفقد في قادم
الايام ذلك السند، فلا تنفعه قواعد عسكرية مدججة بمختلف الاسلحة والجنود، يدفع لها
من موارد شعبه، وسيواجه مصيرا سيئا، وهكذا دائما عاقبة العملاء والخونة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire