lundi 30 avril 2018

الاتفاق النووي بين وفاء ايران وخداع الغرب



لم يستطع الغرب بدعاياته، وبهارج قيمه الزائفة أن يصمد طويلا ، وهو يمرر مخططاته المهدامة، واذا بأقنعة خداعه تتساقط القناع تلو الاخر، فيبدو للعالم على حقيقته وجوهره، شيطانا أقرب منه لظاهر ملائكي ، استعاره من قيم انسانية، ادّعى اكتسابها ورعايتها ، واوقف دوله على الادّعاء باحتكارها، فلا انسانية الا انسانيته، ولا حرية الا حريته ، ولا ديمقراطية الا التي  يدعو الى اتباعها ، والعمل على منوالها ، موهما الشعوب المتخلفة عن مدنيته، انه صاحب الحل والعقد في هذا العالم، ولا قول الا قوله، واضعا حدودا وقيودا لعرقلة اي مشروع، يهدف الى التخلص من تبعيته، وينأى عن فكرته، ويستقل بذاته عن رفقته.
كنا ننتظر من زعماء فرنسا والمانيا، ان يكون لهما موقف مبدئي من الاتفاق النووي، خصوصا وقد شدد ماكرون وميركل كل من جهته، على ضرورة المحافظة عليه، وأبدى كل واحد منهم رغبة في اقناع الرئيس الامريكي بالبقاء فيه، كطرف من أطرافه الممضين عليه، وعدم الغائه من جانب واحد تحت اي ذريعة كانت ، طالما ان ايران ملتزمة به في جميع بنوده، وبشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن مني دعاة السلام وأنصار الحق في العالم بخيبة امل ، عندما انقلب ماكرون على موقفه الأول، فبدا صغيرا كأنه تلميذ بين يدي معلّمه، مهينا بلده أيّما إهانة، لو يشعر بها وطنيو فرنسا، وعوض ان يعبّر عن موقف بلاده المؤيد للاتفاق، بدا متأثر بقرار ترامب، ومبشّرا باحتمال خروجه منه، وهذا منتهى الاسفاف السياسي.
غير انه إحقاقا للحق، بدت انجيلا ميركل أكثر توازنا وواقعية من ماكرون، فزيارتها لم تستغرق سوى 3 ساعات، بينما أخلد ماكرون الى ضيافة دامت 3 أيام – وعادة الالمان الجدية والحزم خلاف الفرنسيين - مما يعطينا انطباعا، بأن اختلافا ما في وجهات النظر بين الشخصيتين، حال دون تمديد الزيارة، وهنا يبدو الفرق العمليّ في السياسة بين المانيا وفرنسا.
ويبدو أن البيان الذي صدر اليوم الأحد 29 أبريل، عن مكتب رئيسة الوزراء البريطاني تيريزا ماي، والذي جاء فيه: (أن زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا، اتفقوا على أن الاتفاق النووي الإيراني، هو أفضل وسيلة لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية).. مختتما: (إنهم  - البلدان الثلاثة المذكورة - ملتزمون بمواصلة العمل معا، ومع الولايات المتحدة عن كثب، فيما يتعلق بكيفية معالجة مجموعة التحديات، التي تشكلها إيران، بما فيها القضايا التي قد يشملها أي اتفاق جديد)، قد أفصح عن توجّه أوروبي جديد، يحاول أن يمسك بالاتفاق، ويمنعه من الانهيار، ولكنه في واقعه تمشّي في ركاب قرار ترامب، بإعادة النظر فيه، واضافة بنود أخرى يدفع اليها أعداء ايران، ويتمنون جميعا تحقيقها.
حركة دبلوماسية حثيثة، تبدو في شكلها الحالي، كالبحر بين مدّ وزجر، فيهما استدراج لإيران، لكي تقبل بحالة وسطى، بين ما يريده ترامب، وما تريده دول الغرب، وبمعنى أدق محاولة اقناع ايران بقبول أخف الضررين، وهو تنازل معبّر عن حسن نية لأي ملف آخر، كما يراها الأوروبيون اليوم مكمّلة لاتفاق، بدا لهم فيه نقص بعد لقاء ترامب، واطلاعهم على وجهة نظره، قد تحدّ من تشدد الأمريكي ومطالبه المجحفة.
غير أن ايران التي لم تعرف التراجع عن حقوقها، والتنازل عن مطالبها المحقة منذ أن أنشأت، قد اعتمدت مسبقا – تحسّبا لكل لاحتمالات - بناء على رأي ولي الفقيه الامام الخامنئي، القائد الأعلى للجهورية الاسلامية الايرانية، موقفا مفاده:
رفض إجراء أي تعديل على الاتفاقية، تأكيدا على أن الاتفاق معني فقط بالمنشآت النووية، وليس غيرها، وأن مواقعها العسكرية الحساسة، لا يمكن أن تكون موضع تفتيش، اعتبارا للسيادة الوطنية، وبرهنت من جانب آخر، أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت التزامها بالاتفاقية، وتعاونها الكامل معها، وفيما يتعلّق ببرنامجها الصاروخي، أكّدت أنه برنامج دفاعي بحت، وغير متعلق بإطار الاتفاق النووي.
وغير خاف على ذوي الافهام والعقول، أن الهدف الاساس لدول الغرب بزعامة أمريكا، من افتعال المشاكل لإيران داخليا وخارجيا، وتسليط العقوبات عليها، هو عرقلة تقدمها، ونموها العلمي والاقتصادي، بعدما اجتازت - رغم كل العراقيل التي وضعت في طريقها سابقا- خطوطا حمراء، في مختلف العلوم، التي كانت حكرا على تلك الدول، ويدرك هؤلاء جيدا، أن السلاح النووي المدمر للإنسان والحياة، محرم استعماله وفق فتوى ولي الفقيه، واصرارهم على الادعاء بإمكانية سعي ايران لامتلاك قنبلة نووية، ذريعة ليس لها واقع في الحقيقة.
إذا هاجس الخوف المفتعل بصناعة ايران للقنبلة الذرية، وهمٌ أريد به ترهيب دول المنطقة، وابتزازها واستغلال ردود أفعالها، في التحرك نحو وليّة أمرهم أمريكا، التي آووا اليها بولاءاتهم وأموالهم، يطلبون ارغام ايران التخلي عن برامجها النووية السلمية، والصاروخية الدفاعية، لتعود الى عالم سيطرة الدول المالكة للتكنولوجيا ومصانع الاسلحة، فلا تنال منها ما تحتاجه بغير استجداء، للدفاع عن ارضها وشعبها، تماما كما حصل لها في الحرب المفروضة عليها، من الغرب وعملائه بالوكالة، من طرف نظام صدّام.
استباقا لما قد تتوقعه ايران من أمريكا، المدفوعة بتحريض الكيان الصهيوني وعملائها في الخليج ، صرّح الرئيس روحاني بقوله:(إيران لن تنتهك الاتفاق النووي، لكن إذا انسحبت أمريكا من الاتفاق فسوف يندمون بالتأكيد، سيكون ردنا أقوى مما يتخيلونه، ويرون ذلك في غضون أسبوع.)
وللتذكير فإن الإمام الخامنئي القائد الاعلى للثورة الاسلامية الايرانية، لم يكن متحمسا بعد ابرام الاتفاق، وفي أول لقاء له مع المسؤولين الايرانيين، نبّه الى عدم التسرع في الحكم عليه، وها هي نظرته الصائبة اليوم تتحقق.
ايران اسلامية تدرك جيدا اليوم، أنها في مواجهة سياسية هامّة، وعليها أن تحسن الرّد، كما أحسنت من قبل، وأعتقد أنها تمتلك البدائل والحلول لكل طارئ سياسي، وفي اعتبارها وحسابها أيضا، أي احتمال لعدوان عسكري، قد يسقط فيه الاستكبار والصهيونية وعملاءهم، كل الاحتمالات تبدو مرشحة للحصول، والحذر والحيطة واجبتان، في مواجهة خبث ومكر غربيّ صهيونيّ، لا يجب أن يغفل عنهما الايرانيون.

dimanche 29 avril 2018

إلى قوى العدوان انتظروا يمن الصّماد

العدوان السافر الذي يرتكبه الغرب والصهاينة، تحت عنوان التحالف الأعرابي على اليمن منذ 25 /3/2015 الى اليوم جاوز المدى، وفاق حدود التصور، فلم يكفي المعتدين قتل كل شيء يتحرك على أرضه، وتدمير مكتسبات شعب حرّ أبيّ، اراد الخروج من مستنقع التبعية لعاهرة الخليج، اصيلة بني صهيون، ومستباحة العلج الامريكي، أقدمت طائرات يرجح انها امريكية او صهيونية، على ارتكاب مجزرة بشعة، بحق موكب رئيس المجلس السياسي الأعلى للجمهورية اليمنية صالح الصمّاد، ما أدّى الى استشهاده على الفور مع مرافقيه السّتة .
عملية اغتيال لفها صمت المعتدين وسكوتهم عن اعلان غارتهم الغادرة، والكشف عن جريمتهم البشعة، لأنها بنظر كل عاقل، عار على مرتكبيها لا يمحوه شيء، في مقابل حكمة القيادة اليمنية الشعبية والشرعية في الاحتفاظ بالخبر، وتأجيل الإعلان عن استشهاد الرئيس صالح الصماد، الى  انتهاء ترتيبات انتقال القيادة وتصريف شؤون المجلس الاعلى.
أسلوب الغرب عدو الاسلام والمسلمين – واقصد بالإسلام هنا الدين القيّم، الذي لم يفصل عن الحياة السياسية، وأقصد بالمسلمين كل الذين آمنوا بأن الدين جاء ليحيي الناس حياة طيبة، وعملوا من اجل تحقيقها - لم يتغير أبدا بأسلحته الخبيثة، الفتنة والدعاية المغرضة، ومعارضة القيم الاسلامية الأصيلة، بثقافة المدنية الغربية الزائفة، الخالية من مكارم الاخلاق، التي تأمر بالمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، استوعب درسا بليغا سنة 1979 بفوات ايران وإفلاتها من بين يديه، وخروجها عن دائرة هيمنته، بعد انتصار ثورتها بقيادة الولي الفقيه الامام الخميني، وتفطن أن اليمن سائر على نفس النهج، في معاداة الاستكبار والصهيونية وعملاءهم في المنطقة، فكاد كيده وناصب جهده، للحيلولة دون أن يفلح اليمنيون في الخروج من دائرة التبعية والعمالة، فسلطوا عليه عملاءهم يسومونه عدوانا تعددت جرائمه حتى بلغت عنان السماء لكثرتها وتنوعها، وجميعها تعتبر في نظر القانون الدولي، جرائم حرب شنيعة، موجبة لمثول مقترفيها أمام محكمة لاهاي الدولية، وتسليط العقوبات النافذة عليهم.  
دوائر القرار الامريكية الصهيونية - بوجه خاص-  التي تتحكم في ادوات العدوان أوعزت بتنفيذ جريمة اغتيال الرئيس المناضل صالح الصماد، من أجل التخلص منه أولا، لأنه شكل بمفرده جبهة حركة وعمل دائبين، لأجل عزة وصمود شعبه، فلم يمنعه أن يكون مستهدفا من طرف قوى العدوان - وهو يعرف ذلك جيدا – من التنقل من جبهة سياسية الى جبهة عسكرية، على خطوط التماس والنار، مستحثا أبناء شعبه على البذل والعطاء، والعمل المتواصل بلا كلل، من أجل إلحاق الهزيمة بالمعتدين، مثمّنا تضحياتهم، رافعا من معنوياتهم، الى أعلى ما يمكن أن تبلغه من الثبات والتوفيق، في مواجهة اعداء خبيثين لؤماء.
لقد أرادت قوى العدوان من اغتيال الرئيس الصماد، أن تحبط من عزائم القيادة اليمنية الشرعية، وقواعدها الشعبية، وتربك حساباتهم وتشلّ خططهم، وكانت النتيجة أن لحقت وصمة عار أخرى أشدّ بالمعتدين، وإذا بالقواعد الشعبية اليمنية تزاد تلاحما ووحدة في مواجهة العدوان، وتخرج في مسيرة تشييع رئيسها الى مثواه الاخير، كالأمواج الكاسحة الهادرة، معبّرة في مشهد لا يمكن أن ينسى وبإصرار عجيب - رغم القصف العشوائي عند اطراف التجمع الجماهيري – أن الصمّاد وإن أكرمه الله بشهادة طيّبة، شبيهة بشهادة الامين العام السابق لحزب الله، السيد عباس الموسوي، فإنه ترك وراءه ملايين الأوفياء لوطنهم ومبادئهم، مستعدين ليكونوا مشاريع صمّاد جديد، فلا شيء أغلى من الوطن وقيم البلاد.
وسام الشهادة ناله فارس اليمن المغوار، ورغم قصر مدة رئاسته لأحرار اليمن، فإنه قدّم لأهله الكثير، وسار فيها بسيرة الصالحين، فدخل قلوب شعبه في فترة وجيزة، محبوبا مبجّلا، وما الجماهير لبّت نداءه لمسيرة البنادق الى مدينة الحديدة، تعبيرا للعدوّ أنها خط أحمر، والتي خرجت لتشييع ما بقي من جثمانه الطاهر، سوى تعابير ولاء وطاعة، يحاول اعداء اليمن اخفاءها، وهيهات أن يفلحوا في طمس الحقيقة.
يمن العز والاباء، ولاّدة الأحرار وأباة الضيم ستبقى، وإرادتها التي يعمل المعتدون على كسرها، لن تنكسر أبدا، في ظل شعب اختار طريق إعلاء كلمة دينه، ورفض حياة الخنوع والخضوع التي يريدها له أعراب الخليج، وقد مضى موقنا بأن الله متمّ وعده، ومحقق عهده، بنصر عباده، ورفع الظلم عنهم، وسيكون الشهيد الرئيس صالح الصماد، قربان العبور الى مرحلة قادمة من النصر، وكسر شوكة العدوان.
فجر الحسرة والندامة قادم، لكل من اشترك بجرم في حق الشعب اليمني، وشرعيته الثورية، وقيادته المنتخبة دستوريا، ولن يتسامح أهله بمن شارك في العدوان عليه، مهما كلفه ذلك الموقف من تضحيات، هذا والقصاص مشروع له، ولا يلام على ذلك، خصوصا إذا استأصل شفة حكام الحجاز ووهابيّتهم، قد يستهين مستهين بهذا التوقّع، لكنه حقيقة بنظري واقع لا محالة.