mardi 9 octobre 2018

الإرهاب أمريكي اوّلا وأخيرا



لم يختلف الناس في تحديد مفهوم الإرهاب لغة، فقد عُرّف بالتخويف والافزاع، الذي يصدر عن شخص أو جماعة أو دولة، من أجل بلوغ غاية، يراد تحصيلها بذلك الأسلوب، استضعافا للمستهدف، سواء كان شخصا أو أقلّية أو منظمة أو دولة، وعرّفوه بكافة اشكاله، واكتوى منهم بحرّ ناره، وبقناعة تامة، كانت طلائع الشعوب الثورية، ترى الإرهاب الأخطر هو الإرهاب المنظم، إرهاب الدول، التي تقابل عادة دعاة التغيير في شعوبها، باستعماله اسلوبا مجديا لقمع حركتهم.
والارهاب الذي نعنيه هنا، ويعتبر الأكثر خطورة، هو الذي صنعه الغرب بزعامة أمريكا، وأطلقوه على البلاد العربية والإسلامية، ليؤدي دوره في تشويه الإسلام المحمدي الأصيل أوّلا، فيرى في أسوأ مظاهره الوحشية المتخلّفة تنفيرا للناس من الدين الحنيف، وتدميرا لأمن ومقدّرات شعوبه ثانيا، فتزداد حاجة تلك الشعوب الى الغرب، في استيراد أبسط مستلزمات معيشته، وإخضاعا لدولها ثالثا، لتكون في خدمة القوى الغربية وزيادة هيمنتها الاقتصادية والمالية.
 وبدخول الإعلام كطرف مموّه في تعريف الارهاب، ورميه على محاربيه - وما حققه الاعلام في هذا المجال بسيطرته على العقول فاق سيطرة الجيوش - خالطا فيما قدّمه للعالم، المجرم مع الضحيّة، ساعيا الى قلب حقيقة مصدره، بتبرئة امريكا والغرب منه، ومحاولة تثبيت أنهم بصدد محاربته - كما أوهموا العالم بتحالفهم الكاذب - تبدو الحقيقة بعيدة عن متناول الناس، بعدما أنس أغلبهم بالتزييف الإعلامي للإرهاب، رضا منهم بما قدّمه لهم من كذب وخداع، وغالبية وسائل الاعلام في الدول، تستقي من صنّاع الارهاب وادعياء محاربته.
عندما يتحدث الصهيوني (افخاي ادرعي)، الناطق باسم جيش الارهاب والعدوان عن الارهاب، فينسبه الى حركات المقاومة الاسلامية، كحركة حماس وحزب الله والجهاد، على أساس أنها نسخ مستلهمة من الثورة الاسلامية الايرانية، وامتداد للفكر الثوري الذي وضع أساسه الامام الخميني رضوان الله عليه، من أجل صحوة الأمّة الاسلامية، واجتماعها في جبهة واحدة لنيل حقوقها المسلوبة، ندرك جيّدا ما يرمي اليه هذا الصهيوني من مغالطة......
من دون تفصيل لمقالته، كأنه بذلك قد وضع اصبعه على بيت الداء، الذي أصبح يهدد أمن العالم، بينما نجد أن السياسة الامريكية منذ ان تبنّت الكيان الصهيوني، تكفّلت بالدفاع عنه بكل قوة سياسيا في جميع المحافل الدّولية، وعسكريا بتقديم أحدث الاسلحة اليه، ومشاركته في تعاون عسكري فريد من نوعه، يفوق تعهدات أمريكا في حلف الناتو، ما أتاح لهذا الكيان العنصري، مجالا للعربدة والاستهتار بالقرارات الدولية، فلم يقم وزنا لشيء منها.
إدّعاء الساسة الأمريكيين بأن إيران هي مصرف الارهاب، مردود على أدعيائه، فجميع حركات التحرر التي تدعمها ايران علنا وتفتخر بذلك، كجميع حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية واليمنية، المصنّفة امريكيا إرهابية، والمدرجة ضمن الجماعات الارهابية، الخارجة عن طوعها بعد تأسيسها، واطلاق مجاميعها على الشرق الأوسط، ليس بإمكانه أن يغيّر من واقع حركات المقاومة في شيء، بل زاد من وعي الشعوب المستهدفة من مخططات امريكا، التي تسعى الى اشاعة الفوضى وانعدام الامن في المنطقة، لمصلحة الكيان الصهيوني.
محاولة امريكا والغرب قلب حقيقة المقاومة، وتحويلها الى حالة ارهاب، بينما هي الطريق الأمثل لتحرير الشعوب الواقعة تحت نير الاحتلال، وسبيل خلاصها النهائي منه، لن يمنع قوى المقاومة وراعيتهم الجمهورية الاسلامية الإيرانية، من مواصلة نهجهم التحرري من هيمنة أمريكا، وأدواتها الخبيثة في المنطقة، الإرهاب التكفيري، والإرهاب الصهيوني، وعملاؤها في المنطقة، والنجاحات التي حققها محور المقاومة، في دحر الارهاب الوهابي التكفيري، من العراق وسوريا، وقطع يده من لبنان، وتحقيق معادلة تفوّق المقاومة الفعليّ على جيش الارهاب الصهيوني، اربك حسابات أمريكا وأسقط مشروعها في شرق أوسط جديد، يهيمن بمقتضاه الكيان الصهيوني على المنطقة، فيصبح الحاكم المطلق لها المالك المتصرّف فيها.
كان على أمريكا، لو كانت ادارتها تملك شيئا من المصداقية، أن تعترف بمصدر الارهاب ومن يقف وراءه، مع أن تلك الحقيقة لم تعد خافية اليوم على طالبها، ومحاولتها التنصّل من تبعاتها، لن تتجاوز تعطيل انتشارها الى حين، ولم يكن مفاجئا ان ينشر موقع (جلوبال ريسيرش Global Research) الأمريكي، مقطع فيديو لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تعترف فيه بأن أمريكا هي التي صنعت تنظيمالقاعدة (وموّلته، عندما كانت الحرب السوفيتية الأفغانية في أوجها، موضحة ذلك بقولها: إنّ الذين نحاربهم الآن هم من قمنا بتمويلهم منذ 20 عاماً..) وقد علّق الناشر على الموقع بقوله: إن من يتظاهرون بقيادة حرب عالمية ضد الإرهاب، هم الإرهابيون الفعليون.
وأضافت كلينتون بكل وقاحة: (دعنا نستخدم هؤلاء المجاهدين، الذين أتينا بهم من أماكن عدة، وعلى رأسها السعودية، لهزيمة الإتحاد السوفيتي.) هذا ولم تذكر في اعترافها، التاريخ الذي توقفت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، عن تمويل تنظيم القاعدة، لزعزعة استقرار الدّول التي صنّفتها عدوّة لها.
وتبريرا لذلك التأسيس قالت: (احتل السوفييت أفغانستان، ولم نكن نرغب أن يسيطروا على وسط آسيا، فبدأنا العمل.. أخذ الرئيس ريجان  Reaganوالكونجرس قرارا، بضرورة عقد صفقة مع المجاهدين.) وقد لفت الموقع إلى أن حلف الناتو يستخدم تنظيم (داعش ) الإرهابي الآن - وهو نسخة متطابقة في الفكر الوهابي وتكفيره - لتحقيق مصالحه ومصالح إسرائيل.
تأسيس تبجّحت به كلينتون قائلة: (ما حدث بعد الاستعانة بالمجاهدين كان مدهشاً، فقد تراجع السوفييت وانهزموا في أفغانستان، وخسروا بلايين الدولارات، وأدى ذلك إلى إنهيار الإتحاد السوفيتي.)
إنّ الدّارس لتاريخ نشأة أمريكا، مرورا بكافة مراحله، يدرك مدى تجذّر وتأصّل النزعة العدوانية لهذا الكيان، القائم على الظلم والاستبداد وانتهاك الحقوق الانسانية ونقض المعاهدات الدولية، بعقلية الاستكبار الطاغية على سياساته، وكل ما يقال عن أمريكا اليوم - برمزية تمثال حريتها - من أبواق التطبيل والاطراء، تملّقا وخوفا من غضبها، ووقوعهم تحت طائلة عقوباتها، لذلك فان من عرف حقيقة أمريكا بعدما تعرّت لديه، لا يتردد في الحكم عليها حكما باتا، أنها رأس الارهاب الدّولي، إرهاب أحمق لا يمكن أن يستمر، وسيعود بالوبال على أهله.
نتيجة الظلم المسلط على ايران محسومة مسبقا، فما اقدمت عليه امريكا من اجراءات عدوانية لم تغيّر شيئا من توجّه ايران نحو اهدافها، بل وسرّعت في تقريبها اليها، فلم تفلح اجراءاتها الارهابية في تغيير مسارها في الوقوف بكل قناعة، الى جانب الشعوب المستضعفة، من طرف أمريكا وقواها الإستكبارية والصهيونية، وقد بدأ العدّ التنازلي لأفول نجم آفة العصر، وخلاص الشعوب من شرورها.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire