عندما تختلط التصريحات بشأن مركز ثقافي شيعي،
ينشط بشمال فرنسا، فيدّعي الموساد الصهيوني، أنه قدم معلومات استخبارية متعلقة به،
الى السلطات الفرنسية في شهر جوان الماضي، وبموجبها تصرّف الأمن الفرنسي، فقام بعمليات
مداهمة للمركز، وبيوت عدد من عناصره، وتتداخل فيه الأيدي العابثة به، بين سعودية
وهابية محرّضة ومشتكية، وصهيونية وفرنسية حاقدة، تريد أن تدلي بدلوها في التودد
للنظام السعودي هي أيضا، على غرار ما قامت به أمريكا، فيكون لها نصيب مما سيغدقه
عليها الملك سلمان وولي عهده، من الهبات والعقود، التي من شأنها أن تنعش حركة
الصناعة العسكرية الفرنسية، فينالها شيء مما حظيت به أمريكا.
على أنه لا تخلو أحداث مداهمة فرقة من
البوليس الفرنسي يوم الثلاثاء 2/9/2018، مركزا ثقافيا شيعيا، بتقديم وزير الداخلية
الفرنسي استقالته يوم الاثنين 1/10/2018، من علاقة ما بينهما لم تتوضح بعد، دفعت
بالسيد (جيرار
كولومب (Gérard
Collomb الى اتخاذ قراره، وبقطع النظر عما قابلها من جانب الرئيس
الفرنسي، من رفضها أوّلا و قبولها أخيرا، إذ ليس من المعقول أن يكون سبب الاستقالة
شخصيا، وفي هذا الوقت بالذات، وعلى أثر هذا الحادث المفاجئ، لذلك فإن المسألة
مرشحة للبقاء عالقة الى حين، وقد عوّدتنا سياسة أغلب الدول، المتقدّمة والمتخلّفة
على حد سواء، على خفاء التجاذبات الداخلية في حكوماتها، على الشعوب التي اعطت
ثقتها فيها وانتخبتها، فهي في هذه الحال آخر من يعلم.
مداهمة لا تخلو من عمل دعائي سافر، بتحريض من
السعودية، حيث ذكرت صحيفة (ليزيكو Les
Échos)
الفرنسية، أن الجمعية التي داهمتها الشرطة، صباح الثلاثاء في مدينة جرامد سانت،
كانت تنشر فيديوهات تحريضية ضد المذهب السني، وتتطاول على السعودية، واضافت
الصحيفة، أن المركز يبث وينظّم عبر موقعه الالكتروني، العديد من الرسائل ذات محتوى
معاد للمذهب السني، ومن بينهم فيديوهات، تطاول فيها على السعودية، وقد أوقفت
السلطات 11 من المشتبه بهم، ما لبثت أن أطلقت سراح ثمانية منهم، وبقي ثلاثة رهن
التحقيق، وهذا ما يؤشر ضمنيا الى أن العملية بأسرها مفتعلة وملفقة، وتمّت من أجل
ارضاء النظام السعودي، الذي التقت مصالحه في هذه القضية مع الكيان الصهيوني، فتحركا
معا من أجل ايذاء هذه المؤسسة الثقافية المحترمة، والمعادية فكريّا للإرهاب
وأصوله، وتوجيه اتهامات خيالية لإيران الاسلام من خلالها، في استهداف جديد لمحور المقاومة الاسلامية،
بالعنوان الذي خطّه الغرب عليه، على اساس أنه إرهاب يستهدف الكيان الصهيوني اللقيط،
وهو مسار يرضي الحكومة الفرنسية، المتورطة في صناعة الارهاب الحقيقي، وايوائه على
أراضيها كالجمعيات والمؤسسات الوهابية، التي جندت وأرسلت آلاف الارهابيين الى
العراق وسوريا عبر تركيا، وجماعة خلق، التي ارتكبت مئات جرائم القتل والتفجير داخل
ايران، منذ انتصار ثورتها الاسلامية، باستهداف رموزها وشخصياتها العلمائية
والقيادية، انطلاقا من الاراضي العراقية، ولما سقط صدام الذي كان يوفر لها المأوى،
لم تأمن من ضربات من المقاومة، فاستقدمتها فرنسا الى أراضيها حماية لبقاياها،
ولعلها تتخذ منها ورقة ضغط ضد ايران.
الصحيفة الفرنسية ذكرت، أن السلطات الفرنسية
تشتبه في ان المركز المذكور، يشرعن الارهاب، وعلى صلة بالحركات الارهابية المدعومة
من ايران، ذكرت منها حركة حماس وحزب الله، وهما كما يعلم الجميع، حركتان تحرريتان
سياسيتان، تهدفان الى تحرير الاراضي الاسلامية في فلسطين وسوريا ولبنان، من الكيان
العنصري الصهيوني، وعدادهما من الحركات التحررية من طرف أحرار العالم شعوبا
وحكومات، ينفي عنهما زيف ادعاء فرنسا والغرب، بانهما ارهابيتان بالمنطق الصهيوني،
الذي بدا واضحا في هذه العملية الأمنية المفتعلة.
محورية مركز الزهراء في فرنسا، جعل منه أحد
المراكز الرئيسية في أوروبا، ويضم في صلبه عددا من الجمعيات، الناشطة في المجال
الثقافي في المجال الاسلامي، ما جعله بعد التنسيق بين الحركة الوهابية والصهيونية
هدفا، من شأنه أن يقلّص من دوره التوعوي والثقافي في أوروبا، فلا شيء أشق على
هؤلاء، من كشف حقيقة الوهابية والصهيونية
العالمية للعالم .
في حديث
أدلى به لمجلة (تايم Time) الأمريكية، في شهر أفريل 2018، ومن بين تلك
القضايا، علاقة المملكة العربية السعودية بإيران، في ظل تصاعد حدة التوترات بين
البلدين على الساحة، أشار بن سلمان إلى أن السعودية نجحت في إخراج النفوذ الإيراني
من أفريقيا، بنسبة تجاوزت 95%، ونفس الأمر ينطبق على آسيا، واليمن، والعراق) ويبدو
أن ولي العهد السعودي قد ذكر رقما يتمنى حصولها وليس من تحصيل حاصل، لأن الدعوة
الى الاسلام المحمدي الأصيل المقاوم ليس بإمكان أحد ايقافها، وما ارتكبته أيادي
المجرمين في نيجيريا، من اعمال قتل لاتباع أهل البيت عليهم السلام، لن يثني
المسلمين في نيجيريا، وغيرها من دول افريقيا والعالم، عن البحث عن حقيقة الدين
والتعرف عليه، والانتماء اليه، والتضحية من أجله.
الادعاء الفرنسي بتدبير ايران لعمل
ارهبي، ضد جماعة خلق الارهابية، بواسطة هذه الجمعية المستقلة سياسيا، لا يستند الى
دليل، سوى إرضاء النظام السعودي والكيان الصهيوني، بما لفقته اجهزتها الأمنية من
مسرحية، زينتها بالعثور على اسلحة غير مرخص فيها، حسب تصريح الناطق باسم وزارة
الداخلية الفرنسية، وهي لا تعدو كونها مما هو مألوف في المجتمعات الغربية، كامتلاك
مسدسات دفاعا عن النفس، وتفشي ظاهرة حيازة الاسلحة الفردية في فرنسا، مما فاق
بأضعاف مضاعفة أصحاب التراخيص بحمله، فلا يتبادر الى اذهان المتابعين للحادث، أنها
رشاشات أو قذائف أو متفجرات.
وفي انتظار أن تطوى صفحة الادعاء هذه، بما ستبرره
الحكومة الفرنسية من قول، فندت إيران الاسلامية جميع المزاعم الفرنسية، ورأتها ضمن
سياق تشويهها وتشويه التشيع لأهل البيت عليهم السلام، داعية السلطات الفرنسية الى
التعقّل فيما ذهبت اليه، وعدم مجاراة اعدائها المعروفين بتشويهاتهم، خطاب عاقل
ينتظر تعقّلا من الطرف المقابل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire