إن من عجز على إخضاع شعب يمني، بعد استضعافه
3 سنوات، ليس بمقدوره أن يصمد في وجه إيران القوية، بنظامها وشعبها ومؤسساتها
ومبادئها الاسلامية، يوما واحدا.
تعتبر السياسة الخرقاء التي انتهجها النظام
السعودي منذ تأسيسه المعلوم تفاصيله، من الخبث والمكر والدهاء بحيث مرّت على
الكثيرين، حتى مطلع هذا القرن، مخفيّة بين كواليسه والبيت الابيض، متعلّقة بتلابيب
العمالة، متخشّعة لأسيادها، قد كان يتوهّمها من لا اطّلاع له، أنها في خدمة العرب
والمسلمين، وجاءت سنوات القرن ال21 الأولى، لتثبت لنا حقيقة ما ظل خافيا طوال قرن
من الزمن، فيظهر هذا النظام على بوجه قبيح، لم يكن الكثيرون يتوقعونه بهذا والقبح
والبشاعة، توأما للصهيونية، من رحم الاستكبار العالمي، ولاّدة الشذوذ والتطرّف،
وهابيا في انحرافه العقائدي، وأعرابيا في تعامله السياسي - والأعراب أشد كفرا
ونفاقا – بما رأي الأكثر خطورة على الأمة العربية والإسلامية، في هذا الزمن الصعب
الحرج.
لقد استجاب النظام السعودي لرغبة (دونالد
ترامب) زيادة إنتاجها النفطي بدعوى تعويض النفط الإيراني فأعلن استعداده للقيام
بذلك، وتأتي هذه الاستجابة التلقائية - للطبع المعروف به - في إطار استراتيجية دأب
عليها، بعد أن اختارها طوعا، ليكون الى جانب أمريكا، الجريحة في كبريائها الزائف،
والمقطوعة يد مصالحها من إيران قطعا لا جبر فيه، بعد انتصار الثورة
الإسلامية(11/2/1979)، وقيام نظامها الإسلامي في إيران، بعد استفتاء جماهيري عام،
في مارس من نفس السنة، أسفر عن موافقة 98.2% من الشعب الإيراني.
عداء قابله النظام الإسلامي الإيراني، بكثير
من الصبر والحكمة والتعفف عن مجاراته، فكان في كل مرة، يقابل السيئة بالتجاوز
والاعتداء بالمسامحة، والكراهية بسعة الصدر، ولم يسلم الإيرانيون من سوء معاملة
النظام السعودي حتى في مواسم الحج، فذهب ضحية الإهمال وتعمّد الإهانة والدّفع بهم
إلى الإضرار مئات الإيرانيين قتلى.
ومع اشتداد نزعة العدوان المدفوعة بالحقد،
بدأت حرب إعلامية شرسة، جند لها السعوديون وسائل مختلفة، وطاقات وأموال كثيرة،
استهدفت ايران نظاما وفكرا إسلاميين، فلم تترك سبيلا للكذب والافتراء والفبركة
والدعاية المغرضة، إلّا سلكوه، ولم يكن نجاحهم الذي ادّعوه في هذا الاطار، سوى
ترفيه عن أنفس مأزومة بسلبية النتائج، ومهزومة واقعا بقناعة داخلية، تقول أنهم
فشلوا، ولم يحصلوا على ما أمّلوا، وما جمعوه بأموالهم، وركموه ببهتانهم من تصورات
في بلاد العرب والمسلمين، سيجعله الله هباء منثورا.
نتذكر جيّدا تآمر النظام السعودي على إيران
الإسلام، ووقوفه الصريح إلى جانب نظام صدّام عليها، في حرب عدوانية، استمرت ثماني
سنوات، وما خلّفته من آثار وأضرار جسيمة، في الأرواح والبنى، وضياع طاقات وأوقات
ثمينة، كان الاقتصاد الإيراني في أمسّ الحاجة إليهما، لبناء دولته الإسلامية الفتيّة،
وهي تخطو خطواتها الأولى، التي استبشر بها كل مؤمن، ينتظر قيام صرح إسلامي عتيد،
يكون نواة ظهور للإسلام المحمدي الأصيل.
بالإضافة الى ما قدمه السعوديون من دعم مالي
وعسكري غير محدود مستعينا بدويلات الخليج التي كان له سلطان عليها فكانت معه في
تبعات تلك الحرب إلى أخر يوم، أقدم نظام الحجاز على جريمة لا تقل شناعة عما قام
به، تمثلت في التآمر على ايران اقتصاديا حيث أغرقت سوق النفط العالمية بفائض جعل
أسعاره تتدهور بشكل خطير من 35 دولارا في 1981 إلى 31 دولارا في 1982، ثم تواصل الهبوط
إلى 29 دولارا في عام 1983، واستمر ليصل إلى 28 دولارا في 1984، وأخيرا إلى 26
دولارا في 1985، قبل أن تنهار في عام 1986 وتصل إلى 14 دولارا، (ويكيبيديا Wikipedia) وهي محاولة يائسة لتركيع ايران، وحرمانها
من عائدات طبيعية لنفطها، ستعين بها في مواجهة العدوان الصدّامي، وتصرفها في
مستحقات الشعب.
العبث بمقدرات الشعوب وبخس قيمة ثرواتها
الطبيعية يعتبر جريمة خطيرة، بحق دول الجوار، ليس فيها مصلحة واحدة لشعب الحجاز
ولا حتى نظامه، الذي يتهافت كل مرة لإرضاء أسياده، وتصبّ جميع محاولاته في مصلحة
أمريكا والغرب، الذين يعتبرون ذلك فرصة لنماء اقتصادهم، بتوفير أكبر قدر من النفط
وتخزينه، وجعله احتياطا لسنوات قادمة، وبأسعار زهيدة، لا تكاد تغطي تكاليف
استخراجه.
الردّ الرسمي الايراني لم يتأخّر، وكان واضحا
لا تأويل فيه، فقد صرح النائب
الأول للرئيس الإيراني (إسحاق جهانغيري)، إن أي دولة تحاول انتزاع حصة إيران من
سوق النفط، ترتكب خيانة، وستدفع ثمنها) وكالة
انباء رويترز(Reuters.
مؤامرة تخفيض أسعار النفط بإغراق سوقه العالمية
لم يجني منها النظام السعودي سوى الخسارة الفادحة لو كان يعقل ولكن هيهات أن يلتفت
هذه النظام الى مصلحة شعبه خصوصا سكان المنطقة الشرقية مكان أغلب حقول النفط في المملكة الذين يعانون الامرّين من التهميش
والاقصاء والاستهانة.
ويأتي تكرار هذه الجناية بحق الدول المصدّرة
للنفط وشعوبها، بأوامر أمريكية واضحة، من أجل تركيع ايران وزعزعة امنها
واستقرارها، وخلق حالة من العجر الاقتصادي فيها، من خلال حجب مواردها المالية
بمختلف الطرق، ومنها الاستعانة بالنظام السعودي مجددا، بدعوى تعويض النفط
الإيراني.
لقد كان الموقف الرسمي الإيراني واضحا من خلال ما
صرح به الرئيس الشيخ روحاني في معرضِ ردهِ حولَ سؤالٍ عن كيفيةِ تعامل ايران بخصوص
التهديداتِ النفطية الأميركية ضدَها فأكّدَ اَنّ تهديداتِ واشنطن مجردُ ثرثرة،
وغيرُ قابلةٍ للتنفيذِ والتطبيق، روحاني أشار أيضا خلالَ لقائهِ بالجالية
الإيرانية في سويسرا أنّ نفطَ المنطقة بأكملِها لن يُصدَّر،َ في حالِ تَوقّفَ
تصديرُ النفطِ الإيراني.
والجميع يعلم أن ايران ممسكة بمضيق هرمز الذي
تمرّ منه أغلب إمدادات النفط العالمية، وسهولة إغلاقه ولو لفترة زمنية بسيطة،
سيلهب أسعار النفط، وسيخلق أزمة عالمية حادة، قد ينجرّ عن ذلك حربا إقليمية أو
عالمية، لا اعتقد أن ايران لم تحسب لها حسابا، حينها سينقلب سحر الإفك على الساحر
ومن يدعمه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire