dimanche 29 juillet 2018

هل يستوعب العرب درس صدّام؟



فهم حكام العرب أم لم يفهموا حقيقة الثورة الاسلامية الايرانية، واستوعبوا أم لم يستوعبوا مضامينها واهدافها، منذ أن قام نظامها الاسلامي، بنشر ثقافته التي جاء من أجلها، من خلال اصداراته القيّمة، التي عمّت المنطقة العربية والاسلامية والعالمية، فسيّان الحال والتجربة التي مررنا بها، نحن الشعوب العربية المتحمّلة أوزار ذلك التقصير، أكّدت أن حكوماتنا إن فهمت أمرا، فببطئ شديد، لا يساعدها على اغتنام تجلّياته في طريقها، وتسقطه سريعا من حساباتها، بفعل أو تأثير خارجي، يأتي دوما بما لا تشتهي عامة الشعب - الغالب على طبعه وسلوكه الاسلام - وغالبا ما يكون العامل الخارجي، المؤثر الفعلي في سياسات حكوماتنا.
ضعف تلك الدّول رغم ما تمتلكه من ثروات طبيعية، نتيجة اهدارها بنهب أو سوء تصرف، وقدرات وارادة وطنية، جعل أغلبها يقع ضحية سياسات خاطئة، أمليت عليها من قوى خارجية، استكبارية متحكمة فيها، بمفعول التقسيم الاستعماري، الذي ما زال نافذا وبقوّة الى اليوم. 
وايران بثورتها التي أزاحت عن بلادها وشعبها غمّة عمالة حكامها، وتبعيتهم لبريطانيا وأمريكا، أعطت لعالمها الاسلامي وجهته التي يفترض أن يسلكوها من أجل انعتاقهم وتحررهم من نير المذلّة، وتعتبر الحلّ الأمثل، لاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من براثن القوى الكبرى الاستعمارية، المهيمنة على شعوب العالم المستضعف، وقد قدمت كل ذلك في شكل ثقافة اسلامية اصيلة ولم تفرضها يوما على أحد أبدا، وجعلت الاختيار أو الرفض بيد الشعوب المتضررة من سياسات حكامها، وما الاسلام في حقيقته الا النصيحة.
لكن تفطن القوى الغربية بزعامة أمريكا، الى خطورة هذه الثقافة عليها وعلى مصالحها في العالم الاسلامي، ووقوفه في وجهها، حوّل ايران دعائيا، من ناصح وطالب خير للامة الاسلامية، الى بلد مثير للفتن والقلاقل في المنطقة، وحرّك ضدها أنظمة العمالة والمهانة، فقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، بشتى التّهم الملفقة، التي يسخر من حيثياتها التي أعلنتها ابسط الناس، ويعتبرها مجرّد تهويل ومغالطة، واصطفاف جديد مخز ومهين، الى جانب باطل السياسات الغربية.
ولم يكن صدّام التكريتي دكتاتور العراق، سوى ورقة مهينة لعب بها الغرب، على طاولة التبعية الخليجية، وحاولوا جهدهم استثمارها بأقصى حد، للنّيل من إيران الإسلامية، لكنهم مع جمعهم الذي جمعوا له، على مدى ثماني سنوات كاملة، أخفقوا في تحقيق أهدافهم، ولم يصلوا الى شيء مما أمّلوه، وحصل العكس، وما لم يكن متوقعا لديهم، ورب ضارة نافعة حولت ايران، من حال العسرة التي وجدت نفسها فيها، الى بلد ينافس الدول الكبرى، في امتلاك التقنيات المعقدة والدقيقة العسكرية والمدنية، في مختلف الفنون والتخصصات، التي كانت حكرا على الغرب، زادت من تشنج أعدائها بالأصالة وأعدائها بالتبعية، حملت زعيمتهم - كما صدق في تلقيبها بالشيطان الاكبر الامام الخميني رحمه الله- على تشديد العقوبات الظالمة عليها، في محاولة لخنقها اقتصاديا، بعد باءوا بالفشل في عزلها سياسيا.      
ويبدو أن الادارة الامريكية في عهد الرئيس الجديد (ترامب) ستعيد صياغة المشروع الذي عمل عليه سلفه (جيمي كارتر) في اقامة تحالف عربي دولي ضد ايران، يختلف عن التحالف الأول في اشتراك اكثر من طرف غير عربي في شن عدوان على ايران تنخرط فيه دول خليجية مع العدوّ الصهيوني، مع احتمال أن تضاف اليهم كل من الاردن والمغرب والسودان ومصر،( المشاركة الان في العدوان على اليمن) بمشاركة وقيادة أمريكية، يراه مراقبون عسكريون قابلا للتحقق، ومباشرة المهام الموكلة اليه، في ضرب ايران وتحييدها عسكريا، عن تهديد أمن وبقاء الكيان الصهيوني.
ولقائل ان يقول: وما مصلحة الدول العربية المشاركة في العدوان المحتمل على إيران، مع علمهم يقينا بأن إيران بقيت وحدها، حاملة لهموم وآمال الشعوب العربية والاسلامية، في تحرير فلسطين من البحر الى البحر؟ فهل انقلب العرب على انفسهم وتنكروا لما عاهدوا بعضهم عليه من لاآت ومقاطعات ومعاداة للعدو الصهيوني، ليتحول بسرعة الى مودة وتبادل وتطبيع، ويرى عدو اسرائيل الحقيقي بالعين العربية (المتأمركة) عدوا للعرب يجب التخلص منه نأيا بأنفسهم عن المغامرة بمواجهة محتل ارضهم ومنتهك عرضهم ومستهين مقدساتهم، مغامرة غير مضمونة بحسابهم المتخاذل الانهزامي.
وهنا يؤسفني أن أقول: إن أغلب حكام العرب أصبحوا من عشاق الطاقية الصهيونية، أكثر من الصهاينة أنفسهم، بعدما درّت عليهم من سابغ نعمتها أموالا وهبات اقتصادية، وتزكيات ودعم سياسي ما ثبّت لحكوماتهم وجعلها تتنفس الصعداء وهي في مستنقع ازماتها الخانقة.
حرب قادمة لا تزال في حال الاخذ والرد ومراجعة الخطط، خصوصا وان ما ينتظر المعتدين قد يفوق التوقع، بعدما حسبوا حسابا لكل شيء، وترددهم ناجم عن التفاصيل المادية فقط، واستحكام الخطط وزيادة أدوات العدوان، لكنهم نسوا أن هناك حساب آخر لا قبل لهم بتقديره، رآه الناجون من صحراء طبس ذات 24/4/1980، يومها كان الامريكان وعملاؤهم وحدهم، وكانوا يرون انفسهم في عمليتهم العسكرية لاستعادة رهائنهم، الاقوى والاقدر على النجاح والتفوق، وكل شيء معدّ لتذليل كل عائق، ونسوا شيئا واحدا وكان الغالب، وهو عالم الغيب والشهادة، الذي قال كلمته التي لا راد لها، وكفتهم عاصفة رملية عاتية، لم تبقي من المعتدين سوى أثر بعد عين.
وما قاله الامام الخميني رحمه الله غداة فشل العدوان من ان كارتر لم يفهم بعد أي شعب يواجه ولأي عقيدة يتصدى، فشعبنا شعب التضحيات وعقيدتنا عقيدة الجهاد. هو نفس الكلام الذي وجهه الامام الخامنئي الى الادارة الامريكية، منطق واحد ووجهة واحدة لن تنثني مهما كثرت التحديات وارتفع منسوب التضحيات، دون أن أنسى كلمة الامين العام لحزب الله (للقدس رايحين شهداء بالملايين). فهل يعي هؤلاء الحمقى ماذا يعني هذا اللسان؟  


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire