http://www.almayadeen.net/articles/blog/888937/%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%B2%D9%88%D9%85-%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%82%D8%A7
عندما تقدم أمريكا على اقتراف جريمة ما - وعادة
ما تكون قصفا بأعتى أسالحتها - صواريخ أو طائرات، تسارع الى الإعتراف بان خطأ في
تقدير الهدف قد حصل، تنصّلا من المسؤولية والتّبعة على تلك الجريمة، وتعمل ما في
وسعها على تحييد اي مشروع قرار قد يصدر من الامم المتحدة أو مجلس الامن بذلك
الشأن يدينها .
وجرائم امريكا لو فتحنا عليها بابا خاصا
لتقصّيها، لما كفته تحميلا، بتنوعها واختلاف اشكالها، العسكرية والسياسية
والاقتصادية والتجسّسيّة والعلمية والبيئية والحقوقية وجميعها بحق الانسانية المظلومة،
وقوانينها
المستخفّ بها، وبيئتها المنتهكة.
جرائم ترتكب بغطاء المكر و الخداع، وتحت عناوين
معاكسة تماما لدلالاتها، كما دلت عليه جرائم تحالفها الاول، لمكافحة الارهاب في
العراق وسوريا، وما اسفر عليه من ضحايا مدنيين، واخرين عسكريين تعمدت اصابة نقاطهم
العسكرية، ولا مبرر لها في ذلك، سوى دعم مشروعها الارهابي الوهابيّ نفسه، واعطاء
بقاياه فرصة التقاط انفاسه الأخيرة المتقطعة، من ضربات التحالف الحقيقي ضده، الذي
تقوده جمهورية ايران الاسلامية، ومحورها المقاوم، الذي أسسته بجهودها جبّارة
الصادقة - تذكر بثناء الشكر والتقدير- ولولا إيران الاسلامية، لضاعت قضايا تحرر الامة
الاسلامية من الاستعمار والتبعية، وعلى رأسها قضية فلسطين والقدس.
وجرائم اخرى بدأت تتجلى فيها بصمات أمريكا، تحت
مسمى تحالف اعادة الشرعية في اليمن، ترعاها بوقاحة لا نظير لها، كاتمة بهيمنتها
أصوات الاعلام العالمي، لمنعه عن تقديم الصورة الحقيقة لما يجري على ارض اليمن، من
جرائم بحق شعب أبيّ مظلوم، طفح لها كيل أحرار العالم، فهبّ منهم من هبّ منددا بها في
مختلف عواصم العالم، لعلّه يدير أنظار وشعوب العالم الى أي حدّ وصلت هذه الجرائم؟
وطبيعي أن يبلغ استهتار
الادارة الامريكية، بكل تعهّداتها والتزاماتها واتفاقاتها، فلا شيء في عرفها يستحق
القيمة عندها، ولو كان متعلّقا بترابط شعبها - واحتمال انفجار عرقيّ فيه - من
ممارسات وجرائم البيض من أصول اوروبية، ضد السود من أصول أفريقية، تتكرر كل يوم
وعلى امتداد ولاياتها، يرتكبها العنصريون هناك.
سياسة نقض العهود من
طرف الادارة الامريكية قديمة، وتنصلها من إلتزاماتها التي امضت عليها تجاه المجتمع
الدولي، قديمة ومتنوعة بسبب استكبارها واستعلائها على بقية دول العالم، وقد بلغت
خروقاتها عنان السماء استهتارا بالقيم والقوانين الانسانية، حتى بدت في آخر مطافها
سخيفة باستجابتها لنزوات لقطائها وعملائها على حساب مصالحها، فكان منها التنصل من
الاتفاق النووي الايراني 5+1 والخروج منه ومن قبله الخروج من منظمة اليونسكو أواخر
سنة 2017، وقد فعلت ذلك من قبل فرفضت الدخول في مجلس حقوق الانسان عند انشائه سنة
2006، في عهد (جورج بوش الابن)، ولم تدخل فيه سوى سنة 2009، في عهد (باراك أوباما)
وفي هذه السنة ومنذ أسبوع، أعلنت أمريكا خروجها من مجلس حقوق الانسان، المنبثق عن الجمعية
العمومية للأمم المتحدة، بدعوى تحيزه ضد لقيطتها اسرائيل.
لم تكتفي امريكا كما
اسلفت من التنصل من التزامها، وخروجها من الاتفاق الذي أمضت عليه، بخصوص الملف
النووي السلمي الايراني، بل طلع وزير خارجيتها (مايك بامبيو) ب 12 شرطا، طرحه
للتوصل الى اتفاق جديد مع ايران، مستحثا بقية الدول التي امضت عليه، الى الحذو
حذوها ومساندتها.
بامبيو وفي تصريحه المتلفز يوم
21 /5/2018، كشف عن استراتيجية أمريكية جديدة من 7 محاور لمواجهة إيران الاسلامية، أساسها الضغط الاقتصادي عليها، ملوّحا
بلهجة استكبارية مريضة، أن إيران ستتعرض للعقوبات الأكثر قسوة في التاريخ، إذا لم
تنزل عند الرغبة الامريكية.
المطالب ال12 التي طرحتها أمريكا، بدت بعيدة عن التحقيق من الجانب الايراني، لأنها باطلة من اساسها، ومتعارضة تماما مع سياسات ايران اسلامية، واستراتيجيتها السليمة في مقاومة الارهاب الحقيقي المدمر للعراق وسوريا، والمهدد لحدودها الغربية، والذي ترعاه أمريكا، وتمارسه الصهيونية في فلسطين والجولان المحتلين، بينما ترى في كفاح الشعب الفلسطيني، وجهاد فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن بعين العداء، فتصنفه ارهابا ترعاه إيران الاسلامية، يجب عليها أن تتوقف عنه وتنسحب من سوريا.
المطالب ال12 التي طرحتها أمريكا، بدت بعيدة عن التحقيق من الجانب الايراني، لأنها باطلة من اساسها، ومتعارضة تماما مع سياسات ايران اسلامية، واستراتيجيتها السليمة في مقاومة الارهاب الحقيقي المدمر للعراق وسوريا، والمهدد لحدودها الغربية، والذي ترعاه أمريكا، وتمارسه الصهيونية في فلسطين والجولان المحتلين، بينما ترى في كفاح الشعب الفلسطيني، وجهاد فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن بعين العداء، فتصنفه ارهابا ترعاه إيران الاسلامية، يجب عليها أن تتوقف عنه وتنسحب من سوريا.
لم يتأخر ردّ وزير الخارجية الإيراني
السيد جواد ظريف على الشروط الامريكية، فجاء في مقالة نشرتها الصحف الايرانية،
وجّه فيها اتهامه لأمريكا، بانتهاك الاتفاقيات الدولية، وخرق القوانين والعهود،
والسعي الى تدمير أي شرعية، تسعى الدول للتوصل اليها، توافقا منها وصونا للأمن
والسلم العالميين، وفي المقابل طرح 15 شرطا على أمريكا، كردّ دبلوماسي حاذق، وصفها
بالضمانات التي يجب على امريكا الالتزام بها، كاختبار على مدى وفائها، وهي رفع
العقوبات الاقتصادية المسلطة على ايران، وسحب قواتها المتواجدة بالمنطقة، واحترام
وسيادة ايران نظاما وشعبا وارضا، والعودة الى الاتفاق النووي والالتزام ببنوده،
وتعويضها عن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الايراني، واطلاق سراح جميع المواطنين
الايرانيين وغير الايرانيين، المتهمين بانتهاك الحضر والعقوبات على ايران، وايقاف
دعم اسرائيل، وادانة العنصرية وانتهاك حقوق الانسان، ووقف بيع الاسلحة، واجبار
اسرائيل على نزع سلاحها النووي.
غير أن السيد ظريف خلص الى القول، بأن
التطلّع لتغيير السلوك الامريكي لا يبدو اقعيا، في ظل الظروف الراهنة، كأنما لسان
حاله يقول، أن شروطه التي ردّ بها على شروط بامبيو، هي شروط واقعية وصحيحة قانونا اسلاميا ودوليا، وليست
تعجيزية استكبارية ظالمة، كما هي حال ما صرّح به هذا الأخير.
ومع استقامة الدبلوماسية الاسلامية
الايرانية، ووضوح مسارها في مختلف القضايا المحلية والدولية، وظهورها في جميع
الاستحقاقات، بمظهر صاحبة الحجة الأقوى والموقف الأصوب، تبدو سياسات أمريكا
وحلفائها متناقضة ومتباينة، ومخالفة للقوانين والاعراف الدولية، ومنقلبة حتى على
نفسها، كما هي حال امريكا بشأن الاتفاق النووي الايراني، وعلى ضوء ما ذكر، وبقطع النظر عما سيسفر عنه الموقف الاوروبي، في مواجهة
امريكا، من التزام ووفاء تجاه ايران من
عدمه، يرجّح أن يكون عجزا عن كسر الطوق الأمريكي، يبدو الموقف الايراني الأكثر
ثباتا، وهي تنتظر حتى موفى هذا الشهر، لتعلن موقفها النهائي من محصّل الجهود
الاوروبية، وقد اعدت له كما يجب، رغم كل الضغوط الاقتصادية المسلطة عليها، والتي سوف
لن تجد امريكا شيئا أقوى منها، اقترفته بحق ايران.
وبكلمة اخيرة أقول ان النظام الاسلامي في ايران ليس كوبا،
أو كوريا الشمالية، أو فنيزويلا، حتى تنجح أمريكا في سياساتها تجاهها، الأمر مختلف
باختلاف الفكر والعقيدة السلمين.