samedi 30 juin 2018

عندما تتكلم أمريكا بلغة المهزوم مسبقا

http://www.almayadeen.net/articles/blog/888937/%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%B2%D9%88%D9%85-%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%82%D8%A7


عندما تقدم أمريكا على اقتراف جريمة ما - وعادة ما تكون قصفا بأعتى أسالحتها - صواريخ أو طائرات، تسارع الى الإعتراف بان خطأ في تقدير الهدف قد حصل، تنصّلا من المسؤولية والتّبعة على تلك الجريمة، وتعمل ما في وسعها على تحييد اي مشروع قرار  قد يصدر من الامم المتحدة أو مجلس الامن بذلك الشأن يدينها .
وجرائم امريكا لو فتحنا عليها بابا خاصا لتقصّيها، لما كفته تحميلا، بتنوعها واختلاف اشكالها، العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجسّسيّة والعلمية والبيئية والحقوقية وجميعها بحق الانسانية المظلومة، وقوانينها المستخفّ بها، وبيئتها المنتهكة
جرائم ترتكب بغطاء المكر و الخداع، وتحت عناوين معاكسة تماما لدلالاتها، كما دلت عليه جرائم تحالفها الاول، لمكافحة الارهاب في العراق وسوريا، وما اسفر عليه من ضحايا مدنيين، واخرين عسكريين تعمدت اصابة نقاطهم العسكرية، ولا مبرر لها في ذلك، سوى دعم مشروعها الارهابي الوهابيّ نفسه، واعطاء بقاياه فرصة التقاط انفاسه الأخيرة المتقطعة، من ضربات التحالف الحقيقي ضده، الذي تقوده جمهورية ايران الاسلامية، ومحورها المقاوم، الذي أسسته بجهودها جبّارة الصادقة - تذكر بثناء الشكر والتقدير- ولولا إيران الاسلامية، لضاعت قضايا تحرر الامة الاسلامية من الاستعمار والتبعية، وعلى رأسها قضية فلسطين والقدس.
وجرائم اخرى بدأت تتجلى فيها بصمات أمريكا، تحت مسمى تحالف اعادة الشرعية في اليمن، ترعاها بوقاحة لا نظير لها، كاتمة بهيمنتها أصوات الاعلام العالمي، لمنعه عن تقديم الصورة الحقيقة لما يجري على ارض اليمن، من جرائم بحق شعب أبيّ مظلوم، طفح لها كيل أحرار العالم، فهبّ منهم من هبّ منددا بها في مختلف عواصم العالم، لعلّه يدير أنظار وشعوب العالم الى أي حدّ وصلت هذه الجرائم؟
وطبيعي أن يبلغ استهتار الادارة الامريكية، بكل تعهّداتها والتزاماتها واتفاقاتها، فلا شيء في عرفها يستحق القيمة عندها، ولو كان متعلّقا بترابط شعبها - واحتمال انفجار عرقيّ فيه - من ممارسات وجرائم البيض من أصول اوروبية، ضد السود من أصول أفريقية، تتكرر كل يوم وعلى امتداد ولاياتها، يرتكبها العنصريون هناك.
سياسة نقض العهود من طرف الادارة الامريكية قديمة، وتنصلها من إلتزاماتها التي امضت عليها تجاه المجتمع الدولي، قديمة ومتنوعة بسبب استكبارها واستعلائها على بقية دول العالم، وقد بلغت خروقاتها عنان السماء استهتارا بالقيم والقوانين الانسانية، حتى بدت في آخر مطافها سخيفة باستجابتها لنزوات لقطائها وعملائها على حساب مصالحها، فكان منها التنصل من الاتفاق النووي الايراني 5+1 والخروج منه ومن قبله الخروج من منظمة اليونسكو أواخر سنة 2017، وقد فعلت ذلك من قبل فرفضت الدخول في مجلس حقوق الانسان عند انشائه سنة 2006، في عهد (جورج بوش الابن)، ولم تدخل فيه سوى سنة 2009، في عهد (باراك أوباما) وفي هذه السنة ومنذ أسبوع، أعلنت أمريكا خروجها من مجلس حقوق الانسان، المنبثق عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بدعوى تحيزه ضد لقيطتها اسرائيل.
لم تكتفي امريكا كما اسلفت من التنصل من التزامها، وخروجها من الاتفاق الذي أمضت عليه، بخصوص الملف النووي السلمي الايراني، بل طلع وزير خارجيتها (مايك بامبيو) ب 12 شرطا، طرحه للتوصل الى اتفاق جديد مع ايران، مستحثا بقية الدول التي امضت عليه، الى الحذو حذوها ومساندتها.
بامبيو وفي تصريحه المتلفز يوم 21 /5/2018، كشف عن استراتيجية أمريكية جديدة من 7 محاور لمواجهة إيران الاسلامية، أساسها الضغط الاقتصادي عليها، ملوّحا بلهجة استكبارية مريضة، أن إيران ستتعرض للعقوبات الأكثر قسوة في التاريخ، إذا لم تنزل عند الرغبة الامريكية.

المطالب ال12 التي طرحتها أمريكا، بدت بعيدة عن التحقيق من الجانب الايراني، لأنها باطلة من اساسها، ومتعارضة تماما مع سياسات ايران اسلامية، واستراتيجيتها السليمة في مقاومة الارهاب الحقيقي المدمر للعراق وسوريا، والمهدد لحدودها الغربية، والذي ترعاه أمريكا، وتمارسه الصهيونية في فلسطين والجولان المحتلين، بينما ترى في كفاح الشعب الفلسطيني، وجهاد فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن بعين العداء، فتصنفه ارهابا ترعاه إيران الاسلامية، يجب عليها أن تتوقف عنه وتنسحب من سوريا.
لم يتأخر ردّ وزير الخارجية الإيراني السيد جواد ظريف على الشروط الامريكية، فجاء في مقالة نشرتها الصحف الايرانية، وجّه فيها اتهامه لأمريكا، بانتهاك الاتفاقيات الدولية، وخرق القوانين والعهود، والسعي الى تدمير أي شرعية، تسعى الدول للتوصل اليها، توافقا منها وصونا للأمن والسلم العالميين، وفي المقابل طرح 15 شرطا على أمريكا، كردّ دبلوماسي حاذق، وصفها بالضمانات التي يجب على امريكا الالتزام بها، كاختبار على مدى وفائها، وهي رفع العقوبات الاقتصادية المسلطة على ايران، وسحب قواتها المتواجدة بالمنطقة، واحترام وسيادة ايران نظاما وشعبا وارضا، والعودة الى الاتفاق النووي والالتزام ببنوده، وتعويضها عن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الايراني، واطلاق سراح جميع المواطنين الايرانيين وغير الايرانيين، المتهمين بانتهاك الحضر والعقوبات على ايران، وايقاف دعم اسرائيل، وادانة العنصرية وانتهاك حقوق الانسان، ووقف بيع الاسلحة، واجبار اسرائيل على نزع سلاحها النووي.
غير أن السيد ظريف خلص الى القول، بأن التطلّع لتغيير السلوك الامريكي لا يبدو اقعيا، في ظل الظروف الراهنة، كأنما لسان حاله يقول، أن شروطه التي ردّ بها على شروط بامبيو، هي شروط  واقعية وصحيحة قانونا اسلاميا ودوليا، وليست تعجيزية استكبارية ظالمة، كما هي حال ما صرّح به هذا الأخير.
ومع استقامة الدبلوماسية الاسلامية الايرانية، ووضوح مسارها في مختلف القضايا المحلية والدولية، وظهورها في جميع الاستحقاقات، بمظهر صاحبة الحجة الأقوى والموقف الأصوب، تبدو سياسات أمريكا وحلفائها متناقضة ومتباينة، ومخالفة للقوانين والاعراف الدولية، ومنقلبة حتى على نفسها، كما هي حال امريكا بشأن الاتفاق النووي الايراني، وعلى ضوء ما ذكر، وبقطع النظر عما سيسفر عنه الموقف الاوروبي، في مواجهة امريكا، من التزام ووفاء  تجاه ايران من عدمه، يرجّح أن يكون عجزا عن كسر الطوق الأمريكي، يبدو الموقف الايراني الأكثر ثباتا، وهي تنتظر حتى موفى هذا الشهر، لتعلن موقفها النهائي من محصّل الجهود الاوروبية، وقد اعدت له كما يجب، رغم كل الضغوط الاقتصادية المسلطة عليها، والتي سوف لن تجد امريكا شيئا أقوى منها، اقترفته بحق ايران.
وبكلمة اخيرة أقول ان النظام الاسلامي في ايران ليس كوبا، أو كوريا الشمالية، أو فنيزويلا، حتى تنجح أمريكا في سياساتها تجاهها، الأمر مختلف باختلاف الفكر والعقيدة السلمين.  


jeudi 28 juin 2018

المكر السعودي في آخر ملاجئه المتوقّعة


تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي تسريبا روسيا، مفاده أن النظام السعودي وحلفاءه، قد يلجأون الى أي عمل إرهابي، يستهدف الحرمين الشريفين، (المسجد الحرام والمسجد النبوي)، من أجل توريط الجيش اليمني ولجانه الشعبية، الذين درج اعداؤهم على تسميتهم بالحوثيين، وبالتالي، إتهام إيران بالوقوف وراء ذلك العدوان المحتمل، وإعطاء مبرّر لقوى تحالف الشرّ على اليمن، لمزيد من العدوان على أحرارها، ومن غير المستبعد - بناء على ذلك الإدّعاء- أن تشنّ حرب ظالمة أخرى على إيران الاسلامية.
فرضية تبدو متوقعة، من نظام فاحت من تاريخ تأسيسه رائحة الغدر، وسالت باعتداءاته دماء الابرياء في الحجاز والعراق، ذهبوا ضحايا أطماع فرقة وهابيّة متطرّفة، ظهرت شاذة على مبادئ الاسلام، وعن القيم الانسانية، بتخطيط وتأسيس وتدبير استعماري بريطاني، لا يشك في ذلك سوى من تلوث عقله، بالميل اليها وتبني أفكارها، ( راجع مذكرات المستر هامفر  Memoirs of Mr. Hempher  المنشورة سنة 1868) .
لقد بدا هدف نظام بني سعود منذ نشأته، عدوّا لكل معلم إسلامي، فهو من عمد الى تدمير أضرحة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام، بتاريخ 8 شوال 1344 هجري الموافق ل 21/4/1924ميلادي، بدعوى أنها بدع في بنائها وزياراتها، وتؤدي بوجودها الى الشرك، وقد وثقت تلك الجريمة النكراء، صحيفة الكون /الصادرة عن مجلة الكفاح العربي، في عددها رقم 526 بعنوان( ال سعود يدمّرون أضرحة الصحابة)، وعنوان أصغر جاء فيه (عبد العزيز ال سعود يتظاهر بالاعتذار ويتّهم رجاله).

وبمرور الزمن واستقواء شوكة الوهابية، وانتشار وباء دعوتهم، وتجرأ من تجرأ من دعاتهم، على مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعبّر عن أمله في إخراجه من المسجد، بعنوان توسعته ، ففي

وثيقة سعودية مثيرة للجدل، كشفت عنها صحيفة (الأنديبندنت الربيطانيةthe independent) سنة 2013 وأعيد نشرها سنة 2014، تقول إنها من إعداد عضو هيئة التدريس، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، الدكتور (علي بن عبد العزيز الشبل) - وما أكثر الالقاب الجوفاء عند الوهابية - وبحوزة لجنة رئاسة الحرمين، تدعو إلى تدمير قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ونقل رفاته إلى قبر مجهول، تحت غطاء توسعة المسجد، وبدعوى أساسية عرف بها الوهابية، اعتقادا وتطبيقا تقول: أن تعظيم المسلمين للقبر شرك ووَثنيّة.

الوثيقة التي تأتي في 61 صفحة، وفق صحافي الجريدة (أندور جونسون)، جرى نشر جزء منها في مجلة لجنة الرئاسة بالسعودية، حيث تدعو إلى تدمير الغرف المحيطة بقبر النبي محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وهي الغرف التي كانت تستخدم من قبل زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبناته رضوان الله عليهم، وتحظى بتعظيم من طرف المسلمين جميعا، شيعة وسنة على حد سواء.
وأوضح الصحفي في مقاله بالصحيفة المذكورة، أنه جرى تعميم الوثيقة، على مُشرفي المسجد النبوي بالمدينة المنورة، محذرة من كون هذه الخطة، من شأنها أن تهدد بإثارة الفتنة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بسبب رفض السنة والشيعة لها، مستدلّة بما نتج عن توسعة المسجد الحرام، من تدمير قرابة 95% من المباني القديمة في مكة، انتهاكا لآثار الاسلام وأماكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستبدالها بالفنادق الفخمة، والشقق السكنية الراقية، ومراكز التسوق التجارية الكبرى.
هذا ولا تزال أصوات علماء السنة والشيعة، تنادي بضرورة التنبّه لكل محاولة تصدر عن الجانب الوهابي والسعودي على حد سواء، فكل محاولة منشؤها الخبث، ستكون قطعا خبيثة، فآل سعود حكاما، ووهابيتهم شيوخا، رأسان فاسدان لجسد واحد، وكل ما قدماه لأهل الحجاز والمسلمين، لم يخرج عن إطار الفتنة والتفريق بين المسلمين، خدمة لمن كان له اليد والفضل عليهما، وقد اعتبر علماء الأزهر أن هذه الدراسة السيئة، والسعي الى تنفيذها، محاولة لإشعال الفتنة وإثارة غضب المسلمين، مؤكدين أن الأسانيد الشرعية التي اعتمدت عليها الدراسة باطلة، وأنه يوجد في القرآن والسنة ما يؤكد عكس ذلك، وقد استدلوا على مشروعية البناء على قبور الانبياء والصالحين، بما يقطع حجة الوهابية الواهية، ويدحض الشبهة التي رفعوها، في وجه ما درج عليه المسلمون أجيالا متلاحقة، وبنوا عليه عقائدهم، أمضوا عليه حياتهم .
ما دعاني الى اثارة هذا الأمر الخطير، محاولة سابقة من النظام السعودي الوهابي، عمل فيها على اتهام اليمنيين (أنصار الله) باستهداف مكة المكرمة بصاروخ بالستي، وانطلى اتهامهم على كثير من الانظمة العربية والاسلامية وأحزاب سياسية اسلامية، وأطياف من مجتمعات شعوبها المدنية، سارعت للتنديد بذلك الاستهداف، مع أن الصاروخ لم يكن يهدف مكة اصلا - ولا كان حتى في اتجاهها - وانما كان موجها الى مواقع عسكرية سعودية تحديدا، ومن أطلق الصاروخ مسلم، لا شك في صحة اعتقاده بالإسلام، وما يستوجبه من قداسة لمكة والمدينة، تنفي أي تهمة موجّهة الى هؤلاء الابرياء، الصامدين في وجه اشرس هجمة عرفها تاريخهم المعاصر.
 بناء على ذلك، فمن المتوقّع أن تلجأ السعودية ووهابيتها الى استهداف الحرمين الشريفين، بعمل عدوانيّ - وما سبق منهم من الشناعة والفظاعة، يستوي في الجرم مع ما سيلحق -كمقدّمة لتوريط أحرار اليمن، والزجّ بإيران المتعاطفة معهم، والمنددة بالجرائم المقترفة بحق الشعب اليمني، في تهمة تكون الملجأ الأخير للنظام السعودي وحلفائه، والملجأ الأخير لهم من السقوط في المستنقع اليمني، وتحويل هزائمهم المتكررة فيه، الى إمكانية انتصار قد يأتي بالغش والخداع.
القضية اليمنية مرشحة للتعقيد والتأزيم، وتورط جهات ودول اخرى، غير التي تورطت سابقا، ستقع فريسة طمعها، ولهثها وراء الاستدراج السعودي، لكن النتيجة في النهاية، ستكون الى جانب الحق اليمني المهضوم، الذي لا يزال أنصار الله وحلفائهم مستمسكين به، ومدافعين عنه بكل الرجولة والشرف والقوة، التي لم يعرفها شعب مستضعف مثلهم من قبل.




dimanche 24 juin 2018

ما يخيف أعداء إيران ويربك حساباتهم



عندما تشرق شمس الاسلام من ايران ، فلا شيء يحجبها عن بسط نورها  الدافئ، وان اجتمع الانس والجن، على ان يغيروا من مسارها ، او يطفئوا نورها، ما امكن لهم تحقيق شيء من غاياتهم الدنيئة، فهي قبل كل شيء وعد الهي، أخبرنا به الوحي مبلغا، توافقت فيه الآيات النازلة بشأنهم مع الأحاديث، مبلغا لا يسقطه توهم واهم.
جماهيرية وشعبية الثورة الاسلامية ركيزة، حاول زعزعتها اعداء ايران، على كثرتهم وتنوع امكاناتهم، وتعدد طرق محاربتهم، فلم يتوصلوا الى نتيجة تذكر، ومع ذلك لم يسقطوا فرضية الحاق الاذى بها من هذه الناحية، بعد تجربتين انتهيتا بفشل ذريع، بفضل الوعي الجماهيري والتزام أفراده الكبير، اللذان شكلا حاضنة قويّة للنظام الاسلامي وعائقا أمام الاعداء،  وصمّام أمان يصعب اختراقه، او تفتيت نسيجه المترابط.
المناسبات الدينية الاسلامية في ايران، لها مكانتها في وجدان الشعب الايراني، وحضوره الجماهيري بأعداده المليونيّة، يعطي الدليل على التزامه الكبير بدينه، ووفائه  للإسلام الذي عرف به منذ زمن بعيد، ليس وليد مرحلة الثورة الاسلامية فقط، انما هو نتيجة عقلية صالحة، ووعي عرف بهما قوم سلمان المحمدي، ورأى فيهما الامام روح الله الخميني رضوان الله عليه، عاملا ايجابيا، بالإمكان الاستفادة منهما، في تنمية صحوة ثورية لدى شعبه، فكانت دروسه ومحاضراته ومؤلفاته، أساسا لظهور فكر الاسلام المحمدي الاصيل، بشمولية بنائه ووضوح مطالبه، وتوافقها مع شريعة الله الخاتمة، كبداية ضرورية لتحضير  مرحلة اسلامية متطورة، تمهيدا لظهور ولي الله الاعظم، الامام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.
لقد اسهمت الثورة الاسلامية، في صقل هذه الروح المعنوية، وأخرجت للعالم الاسلامي نموذجا، استشعر منه اعداء الاسلام، خطرا مهددا لسيطرتهم، واستغلالهم للشعوب الاسلامية، وبقيّة الشعوب الرّازحة تحت ظل التخلّف والفقر والتهميش، فعملوا على عزلها عن محيطها الاسلامي والانساني، ومحاربتها بمختلف الطرق والوسائل، فصمدت وقاومت واثبتت جدارتها في معالجة ازماتها وطوارئها، وقوتها في الثبات على مبادئها، فلم تتزحزح عنها قيد أنملة،  واذا هي الان في موقع متقدّم، لم يتوقعوا وصولها اليه، وتمكنها منه، حرة ابية منيعة الجانب، بفضل الله أوّلا، وكل هذه العوامل التي شكلت منها قوة، يحسب لها اعداؤها اليوم الف حساب وحساب.
لصلوات الجمعة والعيدين مكانة ورونق وهيبة في إيران، بفضل الحضور والتواجد  الجماهيري المليوني، الذي جسّد فيهما رافدا معنويّا مهمّا للإسلام، وشعائره في ايران الاسلامية، ذلك الحضور الذي شلّ حركة الاعداء وقذف في قلوبهم الرعب، بعد يقينهم بأن هذا السواد الاعظم من المؤمنين، عصيّ بتماسكه وتلاحمه ووعيه وتضحياته، وقد أعطى أمثلة إيرانية، اعتقد أنها لا تزال ماثلة في أذهان المتربّصين بإيران، تكبّل مخططاتهم الهدّامة، وتزرع الوهن في صفوفهم.
صلاة الجمعة أوالعبادية السياسية، كما يحلو للإيرانيين تسميتها به، هي محطة شحن عقائدية ومعنوية، تحضرها الجماهيرالايرانية بكثافة، لتقف من خلالها على مجريات الحياة السياسية الداخلية والخارجية للبلاد، تتلقى فيها دروسا في الوعظ والارشاد، والتذكير بقيم الدين الحنيف، تفتح للإيرانيين افاقا واسعة رحبة، للالتزام بآداب الاسلام، وبلوغ التقوى المرجوّة من العمل بها، لمجتمع اقتنع بمشروعه، ومشى في تحقيقه اشواطا معتبرة.
النظام الاسلامي في إيران، والاسلام كدستور مجتمع ونظام دولة، لم يظهرا بهذا الشكل والنمط المتناسق، والمتطور في مؤسسات حكمه، سوى في هذا العصر، وعلى ايدي هؤلاء المؤمنين بحتمية النضال من اجل قيامه، وكان لهم السبق والفضل على بقية الشعوب الاسلامية، فيما أسسوا له ونجحوا فيه.
شعبية النظام الاسلامي في ايران، هي نقطة القوة، التي يعتمد عليها ماديا، في بقائه واستمراره محضونا ومؤيدا بها، فضلا عن القوة المعنوية، التي يستمدها من ايمانه العميق بالله، وتوكله الكامل عليه، وهما عاملان مجتمعين، تفتقدهما بقية الانظمة المحسوبة على الاسلام، والتي لا يهمها من أمره، الا ما تعلق بمصلحتها الخاصة، تاركة شعوبها فريسة مشاريع اعداء الاسلام، في تغريبها عن دينها الذي ارتضاه الله لها.
الحضور الجماهيري في اقامة الشعائر العبادية، حطم الارقام القياسية، بمساهماته في التعبير عن مواقفه، التي نبعت منه، وأوكل عليها قادة صادقين،  أفرغوا من قلوبهم حب الدنيا، اسوة بمقتداهم الامام علي عليه السلام، ( حبّ الدنيا رأس كل خطيئة)، وجعلوها بيوتا لله وحده، تلهج له منها ألسنتهم الأعجمية اللطيفة، بأدعية أهل بيت العصمة، وتتلقاها ملائكة عشقت إيران، كما أراد لها ربها أن تكون، في خدمة هؤلاء الذين إختارهم لإعلاء كلمته، ورفع رايته واعزاز دينه.
(اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيد ا، ولمحمد صلى الله عليه وآله، ذخرا وشرفا وكرامة ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون.)
ملايين الانفس الطيّبة اجتمعت في مدن الجمهورية الاسلامية في ايران لتبتهل الى الله سبحانه في كل مناسبة من هذه الاعياد الاسلامية، وتسأله من فضله أن يوفقها في خدمته، وأداء فرض طاعته، يكون هذا المطلوب منها بهذا الشكل من الالتزام الرائع وتكون الاستجابة الفورية من الله صاحب الوعد ( ادعوني استجب لكم).
هذه هي الجمهورية الاسلامية في ايران، في أبهى وأعلى نماذجها، مبهرة العالم باسره منتزعة الاعجاب حتى من أعدائها، وإن لم يظهروه، ومجددة العهد مع الله في كل مرة، بأنها لن تتأخر في تقديم ما يزيدها قربا منه وحبا وله، ومن أحب الله بكل قلبه ويقينه، أحبّه الله بلا أدنى شك، فهنيئا لإخواننا من قوم سلمان المحمدي على هذا المستوى الإيمانيّ، والنجاح في مسيرتهم الصادقة لإعلاء كلمة الله (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم).