لقد كان لانتصار الثورة الاسلامية في إيران،
بقيادة الإمام الخميني رحمه الله سنة 1979، أثر كبير في تنامي ثقافة المقاومة الإسلامية،
ووعي الجماهير العربية بها، كحلّ أساسي لقضاياهم التحررية في لبنان وفلسطين، فنشأت
حركاتها ( الجهاد 1982/ حزب الله 1985/ حماس 1987) مفتتحة عصرا جديدا، من مواجهة
الكيان الصهيوني اللقيط، زعزع هيمنته وخلق معادلة جديدة، سفّهت حلمه في بسط نفوذه
على المنطقة.
ولولا جهود ايران الاسلامية في نشر ودعم
مشروع المقاومة، لأصبح الكيان الصهيوني منذ زمن، الحاكم المطاع في الشرق الأوسط،
والمؤثّر فيما وراءه من دول، دسّت رؤوسها كالنعام في رمال التّبعية العمياء
للشيطان الأمريكي، راضية بما ينثره عليها من فتات مساعدات، لن تحلّ له مشكلة من
مشاكله الاقتصادية المعقّدة، وتزيد من سقوطه في مستنقع العمالة السّيء.
وازاء هذا التحوّل في الوعي والاداء
الجماهيري، وادراك الشيطان الامريكي لمدى خطورته على مشروعه الاساس، في الهيمنة
على الشرق الاوسط، اتجهت أدواته الى اطلاق دابة الارهاب التكفيري على دول وشعوب
المنطقة، لتكون رديف الصهيونية في ضربها واخضاعها، وقد أثبتت الاراضي السورية، مدى
متانة العلاقة والتعاون بين هاذين اللقيطين الشاذين، وسعيهما معا نحو هدف واحد،
وهو تدمير مقدّرات الشعب السوري.
لم يعد جديدا ولا مفاجئا، معرفة مصادر
الارهاب ومن يديره، متنقّلا من مكان الى آخر، فالقضية اليوم لم تعد بذلك الخفاء القديم،
الذي زوّر عند مقتل زعيم الخزرج المعارض سعد بن عبادة، والصقت الجريمة بالجنّ
وجاؤوا على لسانها بشعر.
مصدر الارهاب فكريا، كان مكشوفا منذ بداية تأسيسه،
وبريطانيا المعنيّة بغرس شجرته الخبيثة، قد عرفت أين توضع؟ وفي المكان الذي تهوي
أفئدة المسلمين اليه، وبالسيطرة عليه يسهل انتشاره بينهم، واستئناسهم به كفكر لا
يشكّون في إسلامه، طالما أنه قابض على مقدّسين هامّين من مقدسات الأمّة.
تأسيس مهّد بعد ذلك، لظهور دولة الإرهاب في
الحجاز، وتاريخها يكفي مؤونة للدلالة على قبح سرائرها ووضاعة أصلها، بمجرّد
الاطلاع على جناياتها بحق عرب الحجاز والعراق واليمن قديما زادها قتامة وسوء
جرائمها الحديثة بدعمها وتمويلها الارهاب الوهابي التكفيري في سوريا والعراق
وحربها العدوانية الظالمة بحق الشعب اليمني التي لا تزال تأكل الاخضر واليابس من
أهله، على مرأى ومسمع مجتمع دولي متواطئ، قد صم آذانه عن نداءات الاستغاثة، التي
أطلقتها أصوات حرة من منظمات انسانية، محذّرة من ابادة جماعية، يشترك فيها مرتزقة
العالم وحصار مطبق - برا وبحرا وجوّا - على اليمن قد فتح باب المجاعة عليه منذ
فترة.
ومع ذلك فقد أدّى صمود هذه الشعوب المستهدفة،
إلى هزيمة مشروع الشرق أوسط الجديد، باندحار الإرهاب الوهابي عن العراق وسوريا، بإسهام
إيران الإسلامية في كسر شوكته وتقزيم دوره، بوعي شعوبها المؤمنة بمبدأ المقاومة، ولم
ييأس الشيطان الأمريكي الى اليوم من إسعافه، أملا في إبقائه حالة شاذة قائمة،
مهددة لأمن واستقرار المنطقة، تكون خير عامل لسيطرة، وتمكّن الكيان الصهيوني
اللقيط، من الشرق الأوسط، وبقية البلاد العربية والاسلامية.
التفات الشيطان الامريكي الى دور ايران
الاسلامية، في انماء ودفع محور مقاومة الاستكبار العالمي، ودفعه قدما نحو هدفه
النهائي، في اسقاط مشاريعه في المنطقة، وعلى رأسها تثبيت الكيان الصهيوني في
فلسطين، ومنحه صلاحية الهيمنة الاقتصادية والسياسية، على دول وشعوب المنطقة، دفعه
الى الوقوف في وجهها بشتى أنواع العقوبات والعراقيل، التي لم تترك مجالا، يمكن
بواسطته الاضرار بها، الا اتخذته مسلكا يحول بينها وبين أهدافها المعلنة، في
مواجهة الظلم والعدوان، المسلط على الشعب الفلسطيني، وشعوب الحاضنة لقضية تحرره.
فشل الشيطان الامريكي وحلفاءه في ما رسموه من
خطط افضت بعضها الى الفشل الذريع دفعت به الى الايعاز الى ادواته من اعراب الخليج
وهما تحديدا السعودية والامارات الى التلويح بالتهديد والوعيد بنقل المعركة الى
داخل ايران كما صرح به وليّ عهد بني سعود ابن سلمان في شهر مايو الماضي، بوقاحة من
احتمى نظامه ببريطانيا وأمريكا، وكانا الضامنين في بقائه مهيمنا على الحجاز،
والمنطقة الشرقية، واجزاء من اليمن.
زاده وضوحا كتابة أحد
مستشاري ولي العهد الاماراتي على صفته بتويتر قال فيها: (ان
الهجوم الذي استهدف عرضاً عسكرياً، ليس عملاً إرهابياً، لأنه ضرب هدفاً عسكرياً.) وأضاف
متوعداً: (إنّ نقل المعركة إلى العمق الإيراني خيار معلن، وسيزداد خلال المرحلة
القادمة).
مما يقيم الدليل على أن مخططا ارهابيا يستهدف
ايران، بدأ بتنفيذه منذ الإعتدائين الذين استهدفا مقام الامام الخميني ومجلس
الشورى الاسلامي في 7/6/2017، وتشترك فيه محميّات الشيطان الامريكي من دول الخليج،
وعلى رأسها السعودية والامارات، وطبيعي أن يكون الكيان الصهيوني شريكا فاعلا
ومحركا، باعتباره مستهدفا من مشروع المقاومة الاسلامية الذي ترعاه ايران.
وما حصل في الاهواز من اعتداء ارهابي على استعراض
عسكري، وبحضور مدني عربي من اهالي الاهواز، وفي يوم الدفاع المقدّس، وسقوط شهداء
وجرحى فيه من العسكريين والمدنيين، يعطي دليلا على مدى عمق التورط الاعرابي في زعزعة
أمن واستقرار ايران، بالغدر الذي عرف به عادة أهل الغدر والخداع والخبث، ويؤّكد من
جديد حمق الأطراف المعادية لإيران الاسلامية، أعرابية كانت، أم أمريكية شيطانية،
ومن شأنه أن يزيد من تلاحم الصف الداخلي في ايران، زاده بيان 30 من زعماء العشائر
العربية المقيمة هناك، على مدى التزامهم وعزة انتمائهم الى الهوية الايرانية،
وولائهم التامّ للوليّ والقائد المفدّى.
لم يعد مجديا تنصّل الشيطان من أعماله المتواصلة
الساعية الى اسقاط النظام الاسلامي في
ايران، منذ ان تلقى صفعة في وجه غطرسته وكبريائه يوم احتجاز طاقم وكر
جوسسته بطهران، وهو الى اليوم متخفّيا في بذل قصاري جهده للنّيل منه، مقدّما
تجاربه وخبراته ومخططاته، الى اذرعه الخبيثة في المنطقة، بعد فشل مشروعه مع
دكتاتور العراق صدام، لعلها تفلح فيما أخفق هو فيه، وها قد اتى الآن دور الأعراب
الأشد كفرا ونفاقا، وسيكون مصيرهم أسوأ من صدّام، لأن الباطل لا يمكنه أن يعلو على
الحق مهما أوتي من قوة.
ايران الاسلامية تدرك جيدا ما يتهددها، وتحتمل
بحكمة الإستهدافات المعرّضة لها، من طرف أعداء اجتمعوا على شرّ، لا يحرجهم ظهورهم بمظهر الخبث والدناءة، بقدر ما
يحرجهم غضب سيدهم (ترامب) عليهم، قد تجردوا من الاسلام وأحكامه، ومن الانسانية
وقيمها النبيلة، ورضوا بالنزول الى حضيض التوحّش والغدر والمكر، ولا يحيق المكر
السيء الا باهله، وغدا قريبا سيجدون انفسهم في وضع لا يحسدون عليه، بما كسبت
ايديهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire