jeudi 20 avril 2023

 

إعلان يوم القدس العالمي إحياء للقضية الفلسطينية 


عندما بدأت القضية الفلسطينية تضيع من أيدي من نصبوا أنفسهم أولياء أمورها، بدءا من الحكام العرب، وانتهاء بمنظمة التحرير الفلسطينية، على أنّها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بعدما أُثْقِل ملفّها بخيبات عسكرية عربيّة زادت من معاناة شعبنا المظلوم، تلتْهُ تنازلات دخل بابها الحكام العرب بجامعتهم الفاشلة، وتخلّ صريح من حركة فتح كبرى الحركات الفلسطينية عن السلاح، كسبيل وحيد لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، والدخول في سلسلة مفاوضات غير مباشرة ثم مباشرة مع العدوّ الصهيوني، على أساس حلّ الدولتين()، هذا المسار الذي لم يجني منه الفلسطينيون  شيئا يذكر بل زاد من معاناتهم وضياع حقوقهم المشروعة.

لم تكن مصادفة أن يُستدرج الرئيس المصري الخائن السادات، ليقع في فخ الإمضاء على اتفاقية كامب دافيد في 17/9/1978، بعد مفاوضات سرّيّة - وقع التكتّم عليها إعلاميا - تمت بين النظام المصري والكيان الغاصب تحت رعاية أمريكية في عهد الرئيس جيمي كارتر(1)، فالمنظومة الصهيونية العالمية استبقت انتصار الثورة الإسلامية، من أجل قطع الطريق على نتائجها التي ظهرت، من خلال فكر الامام الخميني رضوان الله عليه، وموقفه الثابت من عدالة القضية، ووجوب نصرة الشعب الفلسطيني فيها، تضييع حقوق الشعب الفلسطيني ونزع سلاح مقاومته، يكون بمفاوضات التسويف، التي بدأوها بتحييد مصر والأردان، واسقاط منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، في مفاوضات ماراطونية لا طائل من ورائها.

ما نحمد الله عليه أنّ انتصار الثورة الإسلامية لم يتأخر عن أوّل خيانة للقضية الفلسطينية، وإلّا كانت الأضرار بها جسيمة، فبعد أشهر قليلة اشتعل فتيل الثورة، وانفجرت بانتصار مدوّ أذهل العالم بأسره، وأربك حسابات أمريكا وليقطها الكيان الغاصب، وهما معا يدركان أن قائدها ونظامها الإسلامي، سيذهبان بعيدا في مشروعهما لتحرير فلسطين، ليس بالمفاوضات التي لا يعتبرها طريق حل سوى الحمقى والعملاء، بل بالمقاومة ولا شيء غيرها.

من أجل حشد الإمكانات والجهود الإسلامية للقضية، جاءت دعوة الإمام الخميني رضوان الله عليه لإعلان آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، يوما عالميا للقدس، ليس لرمزية القدس كعاصمة لدولة فلسطين، ولكن لقداستها كمدينة جامعة للمقدسات الإسلامية والمسيحية، ونزل نداؤه نزول الصاعقة على مخططات دول الغرب وتصهينهم، حيث لم يكونوا متوقعين أن يبدأ نضاله من أجل فلسطين بهذه الطريقة الهامة، والتي أخذت صبغة إعلامية بدأت في الانتشار من طهران إلى سائر دول العالم، وإقامة هذه التظاهرات بالمناسبة اليوم، أخذ طابعا فكريا أكاديميا وإعلاميا تحسيسيا، فضلا عن طابعه الحشدي الجماهيري، الذي كبر نطاق حاضنته الشعبية.

لقد كان بيانا واضحا صريحا أختصر منه دعوته رضوان الله عليه: ( .. أدعو جميع المسلمين في العالم، أن يعلنوا آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ـ وهو من أيام القدر ويمكن أن يقرر قدر الشعب الفلسطيني ـ يوماً للقدس، وأن يعلنوا خلاله عبر المراسيم الخاصة، عن تلاحم الأمة الإسلامية في الدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني المسلم. أسأل الله تعالى النصر للمسلمين على القوم الكافرين.) (2)

دعوة لمن فهم أبعادها تُعْتبر زلزالا هزّ الكيان الصهيوني بعنف، حيث لم يعهدوا مدّة تاريخهم أن يقف رجل دين مسلم له كلمته ووزنه وقواعده الشعبية ليس في إيران وحدها بل في عديد الدول التي آمن مثقفوها من المسلمين وغيرهم، بأن بداية استعادة مقاليد توجيه القضية الفلسطينية وجهتها الناجحة، وأن ثمار هذا الإعلان التاريخي، بدأ يظهر من انتصارالمقاومة اللبنانية، في مواجهة العدو الصهيوني، في 2000و2006، وتجلى في صمود وانتصار المقاومة في غزّة، وافشال عدوانه على القطاع ثلاث مرات.

لقد افتتح الإمام الخميني رضوان الله عليه بيانه ب(إنّ يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، وإنما يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين، ويوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى .. إنه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، الذين يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس ويعملون ما ينبغي عليهم. أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء لـ «إسرائيل»، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، بل ويمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات( . (3)

رؤية الامام الراحل ليوم القدس بناها على أساس موسّع وعنونها بيوم استنهاض المستضعفين  لمواجهة للمستكبرين، في مدلول أشمل وأعمّ من القضية الفلسطينية ليحوّل أنظار واهتمام المستضعفين في العالم لتكون قضيتهم فيتبنّوها بالتأييد لأهلها ومناصرتهم، وهكذا فهمت الشعوب المستضعفة هذا النداء وهذه القضية، فتضامنت معها بكل تلقائية.

لقد كان الإمام الخميني رضوان الله عليه قاصدا من تعيين آخر جمعة من شهر رمضان، يوما عالميا ثابتا كل سنة، ليكون ضمن إطار عبادي هامّ فيه تتجلى مظاهر طاعة الله في شهر الصيام، حيث يجتهد المسلمون في التعبير عن ولائهم له ولدينه وأوليائه ومقدساته، ولا شكّ بأن تعيينه لآخر جمعة قصده منها ليالي القدر المباركة، وما تتضمّنه من تهجد وقيام في تلك الليالي المباركة، بما يزيد من قيمتها المعنوية والروحية، بما يعود على ذلك اليوم بالتوفيقات الإلهية على القضية الفلسطينية.

في هذه السنة أحيينا يوم القدس بشعار (الضفة درع القدس) في مخيم اليرموك، في قلب هذا المخيّم الذي بقي شامخا رغم الخراب الشديد الذي تعرض له من طرف الجماعات التكفيرية، وحضور شعبي فلسطيني لافت، واستعراضات عسكرية لفصائل المقاومة، في مشاهد نعشة تدعو الى الاعتزاز بهذا الشعب البطل المقاوم، وتُطَمْئن بأن للقضية المظلومة رجال، هم من خيرة شباب فلسطين، وقد قدّموا ولا يزالون التضحيات المتتابعة، فداء لبقاء قضيتهم حيّة، وفي انتظار ساعة الحسم الحقيقية، بإزالة الغدة الصهيونية السرطانية، وتطهير فلسطين منها.

لم يعد هناك مجال لمشروع الجامعة العربية في حلّ الدولتين، ولا حتى بنسبة 1% بعدما أثبت الكيان الصهيوني بملايين الأدلة أنه كيان عنصري عدواني مجرم، يستحيل التعايش معه كما يعمل رئيس السلطة الفلسطينية، على إبقاء علاقته السخيفة وسلطته المسخرة لصالح الكيان الصهيوني في تعامله الأمني الخائن، لقد سقطت مشاريع أمريكا في فلسطين ومحيطها، وعلت راية المقاومة بجهود أهلها، لتقول كلمتها الفصل في المستقبل القريب.  

المراجع

1 – إتّفاقات كامب ديفيد https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – دلالات يوم القدس في فكر الامام الخميني

https://www.alkhanadeq.com/post.php?id=418

3 – الامام الخميني(قدس) واعلان يوم القدس العالمي

https://www.taghribnews.com/ar/report/335484/

 

dimanche 16 avril 2023

هذا هو رأيي وهذه هي قناعتي

ما ذكرته بخصوص ميثاق التعايش السلمي واثاره السلبية على تاريخ التشيع المعاصر في تونس، بل هو وصمة عار لاحقة بمن تورط فيه تاسيسا ورضا به، وهو عمل باطل بحدّ ذاته كافيا لإدانة من قام به،  فضلا عن مجهولية صاحبه سيرة.

لا يهمني الأشخاص بقدر ما يهمني المنهج السياسي، وهذا ما يُميز الخط الشيعي عن غيره، خط يتعامل مع الأحداث والمستجدات ببصيرة وواقعية لا تجيز له الخروج عن أساسيات الأحكام الشرعية، وكم من متكلم بدا للسامع وجاهة كلامه وحسن منطقه، ووقف عند ذلك المستوى مع أن الولاية لها وجهة سياسية لا يمكن إهمالها، تعني بالضرورة تمام الإنتظام تحت راية تمهيد ظاهرة متمكنة، وليست هناك راية الآن مؤهلة لاحتضان الإسلام المحمدي غير ولي الفقيه دام ظله الشريف، والمنحرف عن هذا النهج بالنسبة لي، بعيد عن حسن الإختيار وغير صائب، وبالمناسبة حتى أغلق هذا التجاذب، ما يهمني من الشيعة في تونس فقط، من هم على نهج ولي الفقيه، غير ذلك لا يلزموني في شيء، مع احترامي لكل من يقدر ويحترم إيران وان كان غير موال، وعدم احترامي لمن يعاديها ولو كان مدعيا تشيعا لاهل البيت عليهم السلام، والتشيع في نظري منه براء، اعتبرْ هذا تشددا أو تطرفا، لكنه موقف رجل مؤمن ومتقرب الى الله بالولاية والبراءة.

ما هو مطلوب منا اليوم أن نكون يقظين أكثر من أي وقت مضى - ولا ننسى أننا طوال تاريخنا مستهدفون من قبل اعدائنا وما اكثرهم- من قبول أي شخص يدخل علينا، خصوصا من يريد أن يتصدر المشهد الشيعي، ونحن لا نعرف عنه شيئا تقريبا سوى أنه متكلم، ولابس زي العلماء، والقدرة على الكلام وحدها لا تكفي لتقييم الشخص، بقدر ما يجب علينا أن ننظر الى جوانب أخرى عملية وسلوكية صادرة منه، والمواقف هي المحددة لقيمة أي شخص ألم تستوعب ما قاله الائمة عليهم السلام: كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم. وقمّة الدعوة أن تكون مثالا يحتذى في مجتمع مخالف، وليس مجرّد متكلم فقط، بالسلوك تُذَلّلُ القلوب، وتنقاد العقول.

والموقف الأبرز اليوم، هو التعبير بالمشاركة في تظاهرة مصيرية تظاهرة القدس، التي من اعتبرها غير واجبة، على اساس مبرر واه، مفاده أنه ليس من مقلدي الإمام الخميني والإمام الخامنئي، فهو إنسان بحاجة إلى مراجعة دينه واختبار إيمانه من جديد.

في تظاهرة القدس هذه السنة التي أقيمت بقلب مخيم اليرموك الفلسطيني بريف دمشق، رأيت قِسّا مسيحيا مشاركا بزيه الخاص في هذه التظاهرة، في دلالة واضحة على أن القضية الفلسطينية أخذت بعدها الذي تستحق ليس عربيا ولا إسلاميا وحدهما، بل شملت كل حر في العالم بقطع النظر عن عقيدته وفكره، صحيح أن القضية الفلسطينية لها عمقها وأهميتها وقداستها الإسلامية، لكنها أيضا قضية كل انسان حر.

المتكلمون في عالمنا كثر، ولكن العاملين وأصحاب المواقف المفيدة هم جواهر كل مشروع عمل صالح، فأجو أن أكون قد وفقت في بيان ما أراه أولوية مؤكدة ليس فيها مجال للتّرك والتقصير، من التحق بقافلة القدس فقد أدرك المولى صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف.

jeudi 13 avril 2023

 

الإتحاد الأوروبي وبداية التحرّر من أمريكا 

بقلم: محمد الرصافي المقداد 

لم يبقى أدنى شك لقبول حقيقة، أن الإتّحاد الأوروبي متبنّ للسياسات الخارجية الأمريكية منذ زمن، وهذه المنظومة الدولية الهامة، سائرة على خطاها في استعباد الشعوب واستغلالهم، وتسخيرهم لمشيئة الغرب، فإذا تنمّرت أمريكا بشأن قضيّة دولية، تنمّرت معها فرنسا وألمانيا وبريطانيا المنسلخة من الاتحاد، ويكفينا أن نستشهد بمواقف هؤلاء من القضية الفلسطينية، ومساندتهم المطلقة للكيان الصهيوني في هضم حقوق الشعب الفلسطيني.

تغريدة  الرئيس الأمريكي السابق (ترامب) على حسابه ب(تروث سوشيال Truth Social): (بالطريقة التي تسير بها أمريكا سيكون هناك حرب عالمية ثالثة قريبا)(1)، كشفت سعيه  المحموم للعودة إلى رئاسة أمريكا، بالتظاهر أنه يمتلك وحده حلول تجنيبها خيبات ما وقعت فيه، من جراء سياسات خلفه بايدن الخاطئة، مستعملا أسلوب الإستفزاز والإثارة الدعائية، وإطلاق احتماله بإمكانية نشوب حرب عالمية، يعلمه كل من له إطلاع على السياسة العالمية، والتجاذبات العسكرية التي طغت عل ساحتها، حيث أصبح التسلّح والمناورات العسكرية والإتفاقات الأمنية، خبز الدّول اليومي الذي يرُوج في أخبارها وما خفي أعظم.

شبح الحرب هذه السنوات بدأ يقترب منّا شيئا فشيئا، ولا يحتاج إلى مُنجّم مثل ترامب كي يستخرجه من بطن الغيب، ليقال عنه أنه أفلح في شيء، كل ما يريده ترامب هو بقاء بلاده قطبا مهيمنا على العالم، ومؤثرا في قرارات دوله المصيرية، ولاعبا منفردا بينها يحقق مكتسباته الشخصية ويؤمّن ثروته بالمقدار الذي يُرضِي نهَمه، وبالتأكيد أنه حنّ الى بقراته الحلوبات في الخليج، وهو يأمل عودة إلى رئاسة بلاده ليجدد حلبه، لكن مع هذا الإنقلاب السياسي الذي نشهده هناك، يبدو أن البقرات دخلن فترة حمْل وجفّ حليبهن.

جناية أمريكا على أوروبا، قديمة قدم الإتفاقات التي أبرمت عليها معها، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي فيما يبدو كفّتها راجحة لها بعدما أوهمتها بأنها من صنعت الانتصار على الرايخ الألماني، غبنا لجهود وتضحيات الاتحاد السوفييتي والدول الأخرى، التي شاركت إلى جانب المحور للقضاء على أطماع هتلر، ومنذ قبول دول غرب أوروبا مشروع مارشال(2)، وأمريكا تستعبدها مع كل من دخل مظلة الغرب مؤمّلا مساعدته، سياقا تاريخيا سياسيا يجب أخذه بعين الإعتبار، ففيه مربط الحصان الأوروبي.  

وبعد أن دفعت أمريكا أوروبا وغيرها من الدول، إلى مساعدة أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ظهر تململ وعدم رضا بين الشعوب الأوروبية، نما إلى حكوماتها، والقناعة الحاصلة لديهم أنه فخ أوقهم فيه الأمريكيون، سيدفعون ثمنه غاليا، ولن ينجو من تبعات هذه الحرب، سوى من نآى عنها وابتعد من حريقها قبل انتشاره، ولم يتورّط في شيء منها يحسب عليه، وهذه الحقيقة ستعيها الحكومات الأوروبية، عندما يضغط الشارع باحتجاجاته عليها بقوة، ويفرض عليها بأسلوبه السلمي أو العنفي، النأي عما تورطت فيه، وقد بدا الرئيس الفرنسي ماكرون غير بعيد عن ذلك، بتصريحه الأخير المثير للجدل، كأنه الطوق الوحيد الذي بقي لبلاده، لإنقاذ ما يُمكِنُ انقاذه من الهيمنة الإقتصادية الأمريكية

الرئيس الفرنسي قال بالمختصر المفيد ولأوّل مرّة يتحدّث متجرّئًا: (يتعيّن على أوروبا تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، وتجنب الإنجرار إلى مواجهة بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان)، مؤكدا على نظريته حول "الحكم الذاتي الإستراتيجي" لأوروبا، التي من المفترض أن تقودها فرنسا، لتصبح "قوة عظمى ثالثة"، بحسب تعبيره- وهو مطمح لا يمكن أن تقبله ألمانيا الفيدرالية، التي تُعتَبَرُ القطب الاقتصادي والمالي الأقوى، في السوق الأوروبية المشتركة - وتابع قائلا: "الخطر الكبير الذي تواجهه أوروبا هو أنها عالقة في أزمات ليست من شأننا أو أزماتنا مما يمنعها من بناء استقلاليتها الاستراتيجية". وشدد ماكرون على أن الأوروبيين يجب ألا يكونوا أتباعا للولايات المتحدة في أزمات لا دخل لأوروبا بها(.(3)

فيما (حذر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، من إن فرض حظر على إمدادات الطاقة من روسيا سيضع حدا لازدهار اقتصاد ألمانيا. وأوضح هابيك، وهو أيضا يشغل منصب نائب المستشار الألماني، في تصريح لقناة "ZDF" التلفزيونية، أنه لا توجد بنية تحتية في ألمانيا في ألمانيا لاستيراد الغاز والنفط بطرق أخرى (أي من غير روسيا). واعتبر أنه في حال رفضت روسيا تزويد ألمانيا بالطاقة، فإن ذلك سيهدد بإغلاق أكبر شركة كيميائية في العالم.(4) العجب كيف للدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي - هذه القوة الاقتصادية الضخمة - أن ترضى بهيمنة أمريكا عليها وتحكمها في سياساتها الخارجية؟

حراك الشارع الأوروبي سيزداد انتشارا وكثافة، بنزول جماهيره المعبرة عن رفضها لسياسات حكوماتها (تشهد كل من فرنسا وألمانيا مجموعة من التظاهرات والإحتجاجية، بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وسط دعوات لرفع العقوبات المفروضة على روسيا، ويتزامن هذا مع احتجاجات في ألمانيا حول الوضع الاقتصادي، ويعود ذلك إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، والعقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، بسبب العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والتي أثّرت بشكل كبير على الحياة المعيشية للأوروبيين.)(5)، فتردّي أوضاعهم المعيشية دفعتهم إلى رفض سياسات بلدانهم ضد روسيا، التي تمتلك عصب حياتهم، وهو الغاز والنفط، وهي عقوبات سلّطتها دولهم متزامنة مع الأمريكيين، ستُلجِئ روسيا كآخر الحلول، للدفاع عن نفسها بكل الوسائل، ولو أدّى ذلك إلى استعمال سلاحي الطاقة، التي لا يمكن لأوروبا العيش من دونها، والسلاح النووي الإستراتيجي، فآخر الطبّ الكيّ كما يقول مثلنا العربي.

وفيما بدأت معاناة الشعوب الأوروبية من تبعات الحرب الأوكرانية، بدأت أمريكا في التحرش بالصين الشعبية، بتدخلها في تايوان، التي تعتبرها الصين جزيرة تابعة لها، وستحصل عليها في نهاية المطاف، ولو أجمع الشعب الصيني في تايوان على رفض ذلك، ولو وقف العالم بأسره ضد القرار الصيني، فحتمية عودة تايوان إلى الحضن الصيني لا جدال فيها، ولا مجال لبقائها مصدر تهديد لوحدة الصين، وشوكة انفصال في خاصرتها الشرقية، يزعج الصين بقاؤها تحت رعاية العين الأمريكية.

وليس الإتحاد الأوروبي وحده مهدد في بُنْيَتِه، فحتى حلف الناتو واقع تحت طائلة التفكّك والانهيار، متغيّرات ستفرضها عنجهية أمريكية متواصلة، لم تنصدم بواقع أن أمريكا انتهت قطبيّتها، ودخلت مرحلة العدّ العكسي، من ركود اقتصادي وسقوط للدولار، فانتظروا صدمة مدوّية للأمريكيين تعيد لهم رشدهم، سيسارع في الداخل إلى تفكيك ولاياتها.

المراجع

1 – حرب عالمية ثالثة .. كلمات جديدة لترامب تثير فزع أمريكا

https://www.youtube.com/watch?v=KnDWHwdosGE

2 – مشروع مارشال https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – ماكرون:على أوروبا أن تقلل اعتمادها على واشنطن وتتجنب الانجرار إلى مواجهة بين بكين وواشنطن

https://arabic.rt.com/world/1450616-

4 – المانيا تحذّر من حظر الغاز الروسي

https://www.alalam.ir/news/6112858/

5 – فرنسا وألمانيا.. أوروبيون يحتجون على وضعهم الاقتصادي ومطالبات برفع العقوبات عن روسيا https://arabic.rt.com/world/1391288