بقلم: محمد الرصافي المقداد
عندما قامت الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني رضوان
الله عليه، وانتصرت بفضل الله تعالى، كان ذلك عامل أساسي، فسح المجال لقيام نظام
إسلامي، اعلن بصراحة ووضوح، انه جاء ليعيد للقران واحكامه دوره وفعاليته التي
اطفاها اعداء الاسلام، ولم يتردد في رفع شعاراته الاسلامية، النابعة من كتاب الله والعمل
بها، فتكونت جبهة الاستضعاف ضد الاستكبار، وقامت حركات المقاومة ضد المحتل والغاصب،
وباشرت الطلائع الطلابية الثورية عملها، وركزت نشاطها، في افتتاح مقارعة راس الاستكبار
العالمي امريكا، شيطانة هذا العالم وناشرة الفساد فيه، فارغم انف قادتها في تراب
طهران، عندما اقتحمت وكر جاسوسيتها، واخذ طاقمها رهائن من اجل قطع ايديهم من ايران،
وغلق باب تدخلاتها السافرة، التي كانت ستتسبب في اضرار كبيرة، من شأنها ان تعوق مسيرة الشعب الايراني الثورية، لو بقيت تلك البعثة تعمل في طهران.
ولم تتوانى ايران الاسلامية لحظة في طرد البعثة الدبلوماسية الصهيونية
من طهران، واعلان مقرها سفارة فلسطين، وتسليمه لمنظمة التحرير الفلسطينية حينها،
وهو عمل لم يجرؤ عليه احد من العرب والمسلمين، ثم امر الامام الخميني ببدء مشروع
تاسيس مقاومة العدو الصهيوني، ووجدت افكاره اذانا صاغية وعقولا واعية، فكانت حركة
الجهاد الاسلامي في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس في فلسطين، ولم تتردد
ايران الاسلامية في دعمها لكل حركة مقاومة تعمل من اجل انهاء الوجود الصهيوني، وضحت
من اجل نموها واستقوائها على مواجهة عدوها الغاصب، بكل ما من شانه ان يعطيها اسباب
مواصلة كفاحها، وحسن التصدي لغطرسة عدو، طالما تبجح باعتدته، وتطاول بقوته، وكان
من قبل مستهترا بها، منتهكا بواسطتها دماء وحقوق الشعب الفلسطيني.
ما انجزته ايران الى اليوم، وانفردت به على غيرها من الدول الاسلامية
في هذا المجال، جعل منها عدوا اساسيا للقوى الاستكبارية الغربية، وعلى راسها
امريكا، التي شنت عليها حربا بالوكالة، وعقوبات اقتصادية متتالية، بلغت مداها هذه
السنة، من اجل تحطيم الاقتصاد الايراني، وخلق مناخ من عدم الاستقرار داخل ايران،
يتيح فرصة اضعاف النظام الاسلامي واسقاطه، امنية طالما ركض وارءها اعداء ايران من
استكبار وعملاء.
جريمة ايران إذا، كما يعتبرها اعداؤها، تمثلت في نصرة القضية الفلسطينية، والعمل على
ازالة الكيان الصهيوني من على ارض فلسطين، وهي بنظر امريكا وحلفاؤها، جريمة لا
تغتفر، الا بالتخلي عنها، وهذا مستحيل في استراتيجية النظام الاسلامي، على اساس ان
ذلك الكيان الغاصب والمعتدي، لم يتاسس ليستهدف فلسطين فقط، وانما ليهيمن على الشرق
الاوسط والبلاد الاسلامية، وكانت نظرة ايران الاسلامية الى ذلك الكيان وحقيقة
اهدافه صائبة مائة بالمائة.
تصوروا الموقف الامريكي والغربي لو ان ايران تعلن عن تخليها عن القضية
الفلسطينية، وتعتبر ان ما قامت به من قبل كان خطأ وتعتذر منه، ماذا سيكون موقف
امريكا والغرب بل والكيان الصهيوني نفسه؟
من المؤكد ان ايران ستصبح في موقع التبجيل والتفضيل والتقديم، حتى على
عملاء امريكا، من الدول العربية والاسلامية، وتنتهي معاناتها، وترفع عنها جميع
العقوبات، بل ويقع تعويض جميع خسائرها، وتعود امريكا الى الاعتراف بخطاها، في
الخروج من الاتفاق النووي السلمي، فلا تعد هناك حاجة لعرقلته، بل وقد يسمح لها
بصناعة القنابل النووية، طالما ان تلك الاسلحة الفتاكة لا تهدف امريكا والغرب
والكيان الصهيوني .
جريمة ايران انها بنت عقيدتها على الاسلام المحمدي الاصيل، الذي جاء
ليغير عقلية الاستقواء بالباطل، والتعالي على الخلق، ونشر الوية الظلم على المجتمعات،
ويستبدلها بعقلية سواسية الناس في الحقوق
والواجبات، وهذا خط احمر هيمن به الغرب على العالم الثالث، قد اقتحمته ايران، دفاعا عن حقوق جميع الشعوب المستضعفة الى جانب
الشعب الفلسطيني، فاعتبرت سياستها عدائية للقوى الكبرى المستغلة، ووصفت بالنظام الارهابي،
مع ان ايران ضحية ارهاب تلك الدول، الصانعة للارهاب الحقيقي.
ان اصرار اعداء ايران على
مواصلة نهج محاربتها بكل السبل، لم يترك خيارا صالحا لايران، يضمن بلوغ اهدافها
الثابتة، فزادت من وتيرة صمودها، مواصلة تقدمها باصرار وعزيمة، ايمانا منها بانه
السبيل الوحيد الذي يضمن حقها في نشر القيم الاسلامية، التي لا تستثني مجتمعا من
الامن والعدل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire