يبدو ان فئة من التونسيين تدّعي المدنية والتحضّر محسوبة على الثقافة،
انخرطت في سريعا في نقد الكتورة أنسية الخزعلي مساعد الرئيس الإيراني لشؤون
النساء، بعدما قدّمت محاضرتها يوم الأحد
9/2/2025 في قصر النجمة الزهراء بالعاصمة لتتحدث عن تجربة المرأة الإيرانية - وهي
المؤهّلة لذلك بصفته ممثلة للحكومة
والمرأة الإيرانية - وهذا فيما يسمح به التبادل الثقافي بين البلدين
الشقيقين، ووزارة الثقافة على دراية وعلم بالأسبوع الثقافي الإيراني التونسي،
باعتباره مشتركا بين نُخَبِ علمية من البلدين، الهجوم المحموم الذي شنته بعض
الشخصيات التي أدلت بدلوها في مجال تشويه صورة ايران صحفية من جريدة الشروق، لم
تجد ما تقوله بشأن ما جاء في المحاضرة، فانبرت تقتات من نفايات الغرب وأخباره
الزائفة بشأن إيران بالطّعن على نظامها، وتصويره نظاما متخلّفا عن ركب العالم
المتقدم، مستبدا بحقوق شعبه، أملا في وقف اهتمام شعوبنا العربية والإسلامية بثورته
الرائدة ونظامه الذي قام بعد استفتاء شعبي بلغت نسبته 98.2%(1)، وهو نظام مثّل
هاجسا في وجوده ونجاحه، أقضّ مضاجع الغرب وعلى رأسه أمريكا، وكل من آمن بثقافته،
وقوانينه الإجتماعية الفاسدة، فانبرت طوابير منخرطيهم، في مناسبة وبدون
مناسبة، يكيلون الإساءات لإيران وينخرطون
في مؤامرات غرب المستهدفة لها.
ما ذكرته (أسماء سحبون) في مقالها على الصفحة 13 تحت عنوان : ( التونسيات لا يحتجن لدروس
ومكاسبهن ثابتة)، بعيد كل البعد عن محاضرة الدكتورة أنيسة خزعلي، وهذه الدكتورة لم
تاتي إلى تونس من أجل تقديم دروس للمرأة التونسية، بل لأجل التعريف بالتجربة
الإسلامية الإيرانية فقط، ومن حقّها القيام
بذلك، في إطار التبادل الثقافي المشترك، بأسلوب عربي فصيح بعيد كل البعد عن
الإثارة والتطاول والتجريح، بل كان ما دوّنته مجموع تشويهات، صادرة عن أعداء إيران،
كل ما فعلته كان كيديا خارج الموضوع، وجدت في هذه المناسبة فرصة، لتلقي فيها ذباب
جهلها على حقائق إيران الإسلامية، وهذه حال من لم يعد لهم دين يلتزمون به، ورضوا
بأن يستدرجهم الغرب إلى متاهاته وثقافته المنحرفة عن الفطرة الإنسانية ( فطرت الله
التي فطر الناس عليها ) (2)، الذي لم يرسل رسله بكتبه وقوانينها، إلّا من أجل
إصلاح البشرية، وبناء مجتمعات ملتزمة بأحكامه، دون تحريف أو اسقاط، وهذا التوجّه
الديني الذي طرحه الامام الخميني على شعبه وقبله بصدر رحب متفائلا بعصر جديد يحكم
فيه الإسلام المحمدي بعد غياب طويل.
السياسة الخارجية الإيرانية مبنية على احترام الأشقاء والأصدقاء، رغم
أنّها أوذيت من الكثيرين منهم، خصوصا أولئك الذين رضوا بأن ينخرطوا مع الدول
الغربية، في مؤامراتها ضد إيران بدعوى ملفّقة عن الشأن الداخلي للبلاد، أثبت
الوقائع والأحداث بطلانها بمرور الزمن، وفي هذا الإطار نرجو من الحكومة التونسية
الالتفات إلى أيّ إساءة أو دعاية أو تشويه، تصدر من شخصيات داخلية بحق نظام بلد
شقيق يكنّ لنا حكومة وشعبا كل الاحترام والتقدير، وهذا الذي صدر على صفحات الشروق
إساءة متعمّدة لا نريد تكرارها في بلادنا، وإيقاف هذا التسيّب من صميم أخلاقنا الإسلامية
عملا بقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على
ما فعلتم نادمين)(3)
أما ما دسّته صاحبة المقال من بهتان وهو كما قلت خارج عن الموضوع،
فرأيت التعريج عليه، إنارة للرأي العام التونسي والعربي، ودحضا لمفتريات من افترى
على إيران كذبا وبهتانا، تأسّيا بمنظومات الغرب وأبواقها الإعلامية المشوّهة
لإيران، إنّ للمرأة الإيرانية مكانة هامة في صلب المجتمع الإيراني على تعدد
طوائفه، تعدد لم يمنعها من الإنسجام والإنصهار في صلبه، وشق طريقها المعرفي
والمهني بكل اقتدار
مجالا للكيد ضد إيران والتعرف ايش مع ثقافة المجتمعات الأخرى، لم
يعد لها ما تقدمه على الساحة التونسية، سوى الركوب على دابة الحدث الثقافي
الإيراني التونسي المشترك، كما يحلو لهم الركوب ولو منكوسين، لا يدرون إلى أين
يذهبون؟ لعلّ فيهم من لم يتبيّن أن سائقه ودافعه غربيّ أمريكي ذو نزعة صهيونية،
هدفها دق إسفين في العلاقات الخارجية بين تونس وإيران، وتبدو غاية طابور التبعية
التغريبي التونسي، ممثلا في شخصيات ممسوخة الفكر والعقيدة، سارعت متحاملة، لم تدرك
حتى ما قالته الاكاديمية ونائبة رئيس الجمهورية الإيراني في محاضرتها التي ألقتها
بمناسبة الأسبوع الثقافي الإيراني التونسي، والدكتورة الإيرانية لم تأتي لتروّج بل
جاءت لتعرّف وتقدّم صورة واضحة للمرأة الإيرانية تحت ظل نظامها الجديد منذ 46 سنة.
فما الذي حرك طابور معاداة الانفتاح الثقافي على الأشقاء الايرانيين
ليتقولوا عليهم ما لم يقولوه في ندوتهم الثقافية بمناسبة الأسبوع الثقافي التونسي
الإيراني، فيحركوا بواطنهم الخبيثة إساءة واتهاما مع أن الحقيقة لا تحتمل كل هذا
التحامل، ويبدو أن الأخوة الإيرانيين أكثر دبلوماسية وتفهما للواقع التونسي، وهم
مدركون تماما، أن الساحة الإعلامية ملوّثة بدعايات وإملاءات قوى خارجية، لا تريد
أن يقف التونسيون على حقيقة إيران، بما يطرد عنهم اشاعات الأبواق الغربية المغرضة،
فلا ينساقون وراء ترّهات باطله بشأن إيران.
صيحات وكتابات الإساءة على ايران لن تغيّر شيئا من واقعها الداخلي
المتماسك والمتضامن مع نظامها وليد ثورة إسلامية شهدها العالم بتفاصيلها فكانت
بداية تغيير عالمي اقتحمه الإيرانيون بتجربة إسلامية لم يكن يتوقعها الغرب عدوّ
الإسلام المتربّص بها، بعد أن غلبته ثورتها فلم يقدر على ايقافها، خطط بعد ذلك
لإسقاط نظامها، بمختلف أساليب الشيطنة التي يمتلكها، عقوبات ودعايات ومؤامرات
داخلية وخارجية، وسلسلة اغتيالات طالت كبار علماء وقادة إيران، عجزت عن تحقيق ما
كان يصبوه زعماء الغرب من الخلاص من نظام، رفض بقوة ان ينضوي في سلك التبعية للقوى
الغربية الحاكمة في العالم بزعامة أمريكا.
المراجع
1 – الدستور الإيراني
https://mauritania.mfa.gov.ir/ar/generalcategoryservices/10461
2 – سورة الروم الآية 20
3 – سورة الحجرات الآية 6