samedi 26 décembre 2020

فتنة الدجالين أدعياء المهدوي

 


 

بقلم: محمد الرصافي المقداد
 

لم أكن أتصور أبدا أن يبلغ الجهل والحمق، ببعض من يحسبون أنفسهم شيعة في زماننا، أن تتفرق بهم سبل الغواية والتمحيص مبلغا، أصبحوا ينقادون فيه صوب كل ناعق، ينادي فيهم كل واحد منهم، بصوته الشيطاني، جالبا عليهم بتافه ومنكر من القول وزورا.

وبما أن هذه الدعوات الباطلة، مما لا يبعد منشؤها ومصدرها عن منحرفين، سواء أكان هؤلاء قد جاؤوا بإفكهم الذي أظهروه، مدفوعين بأنفسهم المريضة والمنحرفة عن الحق، أو نتيجة صناعة الغرب والصهيونية لنسيج عناكبهم، وهم في جوهر دعوتهم أعداء الإمام المهدي ونهجه، هدفهم بث البلبلة والفوضى من أجل إرباك الغافلين من شيعته، وتشتيت شملهم، وإبعادهم عن تركيزهم وتوجههم الصحيح، الى حيث يجب أن يكونوا ضمن حركة المنتظرين لظهوره المبارك، على ما صح من نصوص،

وحسن التعامل معها بما ينمي الإيمان، ويسهم في تحقيق أقصى قدر ممكن من الإستعداد، لحسن قبول المصلح العظيم، جعلنا الله وإياكم من أنصاره، وأعوانه، وشيعته، وخلصائه، ومن المستشهدين بين يديه .

وفيما يصارع الممهد الحقيقي لصاحب العصر والزمان، ولي الفقيه الإمام الخامنئي، ونظامه المتميز الذي أسسه الإمام الخميني رضوان الله عليه، في إيران الإسلام، في عالم كاد يخلو من دين الله الحق، ونفاذ أحكامه على الأرض، قد تربصت به الدوائر قوى استكبارية شيطانية، تريد الإيقاع به، وتسفيهه في محضور نقضه لأهدافه المعلنة، في نصرة الإسلام، ورفع رايته فكرا  محمديا أصيلا، ونظما لمجتمعه، سعى أعداؤه إلى منعه من تحقيق ذلك بشتى الطرق، منها العقوبات الظالمة والحرب الإقتصادية والسياسية والإعلامية المغرضة، طوال 41 سنة، ارتفعت اثناء ذلك أصوات نشاز، متحاملة بعضها على المرجعية الرشيدة تشكيكا في ولايتها على الامة، ومفترية في بعضها الآخر، مدعية  أنها  المهدي المنتظر، كأحمد اسماعيل الحسن الكويطع العراقي، أو أنها تتحدث من طرفه، كعادل هزيمة اللبناني، والعجيب هنا، أن أعدادا من المخدوعين استجابوا إلى هاذين الندائين الشيطانيين، دون أدنى تربص، فأصبحوا تبعا للوهم وشياطين إنسه، ومن لا يمتلك بصيرة التمييز في دينه في هذه الحالات، من السهل أن يسقط عند أول امتحان. قال تعالى: (أحسب أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعملن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)(1)

لقد نسي هؤلاء المفتونين عدوا لدودا، قد نصب همه وطاقاته وجهوده، وركزها جميعا في سبيل واحد، وهو غواية الناس، وهو الشيطان وأولياؤه من الناس، وما باستطاعتهم  القيام به من أعمال إغوائية: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم*ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) (2) وهي جملة من الايحاءات العقلية والقلبية، ذكرها الله في قرآنه فقال : (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا.) (3)

والآيتين تشيران بكل وضوح إلى  مساعي الشيطان في غواية اتباع الحق، وأن مجال اهتمامه وتركيزه وعمله هو صراط الله المستقيم (فبما أغوينتي لاقعدن لهم صراطك المستقيم) ومع تاكيد الله سبحانه أن كيد الشيطان كان ضعيفا على أتباع أوليائه الذين ليس له عليهم سلطان، فإن تأثيره على ما دون هؤلاء الأتباع قوي، بحكم ضعف إيمانهم وعقولهم، فتراهم نتيجة ذلك الضعف، يستجيبون بسهولة الى أي دعوة تتناهى الى أسماعهم، تماما كما يستجيبون لأي مفسر لمتشابه القرآن تأثرا بمقالته: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله)(4).

وفيما كان عادل هزيمة يدعي أنه المنادي على سور الشام لحقه أبو علي الشيباني العراقي الى لبنان، فادعى هو الآخر بأنه المنادي، رغم انه كان يعيش بدمشق، وله مكتب على أتوستراد المزّة، يزاول فيه العلاج بالأعشاب والطب الرّوحاني، لم يصدر منه أثناء ذلك أية دعوى من هذا النّوع، فضلا عن كونه لا يحسن نطق الآيات القرآنية صحيحة، وليت شعري ما أوقح هؤلاء في دعاويهم العاطلة، كيف يمكن لعقل راجح، أن يصدق مثل هذه الدعوات الخاوية على عروشها، ولو أنهم علموا يقينا، أن الامام المهدي هو خاتم الامامة الالهية الهادية إلى دين الحق، لتبين لهم سوء تقديرهم، وسرعة استجابتهم لجلبة واهمة، لا أساس لها من خصائص الإمام المنتظر، وامكاناته الروحية والبدنية العظيمة، التي مكنه الله منها.

من لم يتعرف على سيرة الائمة الهداة عليهم السلام يفتقد عنصرا هاما  صبغ حياتهم، واضفى عليها مسحة من الغُرْبة، وهي قِلّة الناصر، مع وجود كم كبير أدعياء الإسلام، والتشيع لأهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم، فجميعهم بدأ من الامام علي(ع) لم يجدوا الناصر، رغم علو مكانتهم، ورفعة شأنهم، وجلاء حقوقهم على المسلمين، في المودة والاتباع والنصرة.

ولم تكن غيبتا الإمام المهدي (ع) الصغرى 260 هجرية، والكبرى 329 هجرية، إلا نتيجة خذلان الأنصار وفقد الموالين الصادقين، فهذا سبب قاهر يجب أخذه بعين الإعتبار لينطبق على هذا الزمن

من هو أحمد اسماعيل كاطع السّويلمي، المعروف لدى ذوي البصيرة بدجال البصرة أو ابن بثينة، ظهر قبل سقوط صدام بسنة 2002، وادعى انه الامام المعصوم، استمال اليه رعاع القوم وجهلتهم ليستحكِم بهم ويحاول السيطرة على جنوب العراق بعدة محاولات، بعدما حث أنصاره على نهب اموال النظام البعثي، والاستيلاء على اسلحة قواته المنهارة، ليتشكل حوله حزام من العصابات الاجرامية، زادتها دولة الامارات والسعودية، دعما وقوة في الأموال والاسلحة، تنفيذا لأهداف معروفة في مقدمتها القضاء على المرجعية الدينية، وادخال الشيعة في اقتتال بينهم، وبالتالي انهاء التمهيد الصحيح لصاحب العصر والزمان الحقيقي، أرواحنا لمقدمه الفداء.

جاء على صفحة وكالة انباء بُراثا تعريفه: (من خلال موقع هذا الدجال المسمى بالمهدويين، فإن هذا الرجل يبدو انه تدرج في الألقاب والأوصاف، ففي البداية أعلن انه اليماني، ثم غدا معصوما، ثم تحول إلى أن اليماني هو المهدي الثاني، ثم تحول إلى المهدي، فاليماني هو المهدي، والمهدي هو اليماني) (5)

أمّا (عادل هزيمة) فهو لبناني بقاعي، أظهر دعوته في 30شعبان 1434 في رسالة، ادّعى أنها وصلته من الامام المهدي، وادّعى انتسابه الى الشجرة الشريفة، وقال فوق ذلك انه يوحى اليه، مكذّبا في نفس الوقت بأن يكون العراقي البصري احمد اسماعيل الكويطع البصري العراقي اليماني، أو ابن الإمام المهدي أو المهدي بحدّ ذاته(6).

خلاصة القول هنا: ان الانحرافات التي تعاقبت وسط اتباع خط الامامة لالهية، كانت أغلبها من صناعة اعدائها، باستدراج عناصرها إلى شبهات واهية، كفرقة الخطابية والإسماعيلية الذين زاغوا عن منهج الائمة الإثني عشر المنصوص عليهم، إلى تصورات ما أنزل الله بها من سلطان وأصحاب غوايتها اليوم يعادون إيران، ويصطفون إلى جانب أعدائها في الإفتراء عليها، وإطلاق أوصاف وشتائم عليها لا تليق بها.

إن الإدعاء بأن قيام نظام اسلامي في إيران، يتعارض مع مفهوم الانتظار للمصلح العالمي، لا يمتّ الى العقل في شيء، من فهم معنى الانتظار، واعتقاد من هذا النوع ذهاب الى السّلبيّة وتحريض عليها، واهدار لتقريب موعد الفرج للأمة الاسلامية ومستضعفي العالم، وهذا هو الإستحمار بعينه، وكأني بهؤلاء الأدعياء بناء على ذلك، يعتقدون ببطلان قيام أي تجربة إسلامية قبل ظهوره، مما يدفعنا دفعا الى الاعتقاد بقوّة أن وراء معاداة إيران الإسلامية، موعودة الوحي والنبوّة، ومحاولات عرقلة مشاريعها القرآنية، جهات معادية للإسلام المحمدي الاصيل، غاياتها تزييف الدعوة المهدوية الحقيقية بدعوات كاذبة، والحدّ من اشعاع ايران في عالمها الاسلامي وسائر العالم.

ولا شكّ بأن ما جاءنا عبر الرواة الثقات، بشأن هؤلاء الكذابين، قد حال بيننا وبين دعواتهم الخبيثة، بعدما فضحوا كذبهم بتناقض مقالاتهم، فقد جاء في رواية: (لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابا، كلهم يقول: أنا نبي)(7)

وبنظر كل بصير متشيث بدينه وغيب وعد الله، فإن ما يشاع عن ايران من باطل وزور، أي طرف كان لا تستهدف به ايران وحدها، بل مشروعها الذي تبنّته وأعلنته على ملإ العالم، ومحاولات اعدائها الدخول الى حصنها الشعبي، لتفتيته بمقالات وشخصيات كاذبة، عن اليماني والخراساني و الامام المهدي، تعجيل واستعجال كذّابين، مموّهين من هؤلاء الأدعياء، عن الامام الصادق (ع):(إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر، إنّ الله لا يعجَلُ لّعجلةِ العباد، إنّ لهذا الأمر غايةٌ ينتهي اليها، فلو قد بلغوها، لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا.)(8) 

فلا يغترّن مؤمن بولاية أهل البيت عليهم السلام، وهو بعيد عن المرجعية الدينية الرشيدة، ومخالف لولاية الفقيه الواجب اتّباعها، ليس على المسلمين الشيعة فقط، بل حتى على بقية مسلمي العالم، التوّاقين لإقامة معالم دينهم السياسية، الحلقة المفقودة في عالمنا الإسلامي، تكل التي عمل الاعداء على حجبها واعتبارها غريبة عن الدين، وخارجة عن مكونه العام، وولاية  الفقيه هي حصن الأمة اليوم، ودرعها الواقي من دائرة الاعداء - في زمن غيبة الامام المنتظر عجل الله فرجه- بالالتفاف حولها يزداد المسلمون قوة، والاسلام الصافي، هو الاسلام المحمدي الاصيل، الذي جاءنا بواسطة الائمة الاطهار(ع)، ودون ذلك تشابيه، اختلط فيها السليم بالسقيم، والحق بالإدّعاء، وليت قومي يفهمون حقيقة الولاية، فيلجؤون إليها من زحف الفتن نحوهم، فتكون حصنهم الحصين، عندها فقط انتظروا الفرج الحقيقي.  

المراجع :

1 – سورة العنكبوت الايتين 2/3

2 – سورة الأعراف الايتين  16/17

3 – سورة الإسراء الآية 64

4 – سورة البقرة الآية 7

5 –من هو أحمد بن الحسن الملقب باليماني؟ وما هي عقائده؟

burathanews.com/arabic/news/34412

أحمد الحسن اليماني – ويكيبيديا ar.wikipedia.org

6 – لا تستغربوا m-mahdi.net/sada-almahdi/articles-1948

عادل هزيمة.. يماني منحرف يوحى إليه بدين جديد في لبنان!

yahosein.com/vb/node/217349

7 – لوامع الانوار البهية محمد بن احمد السفاريني الحنبلي الباب الرابع فصل أشراط الساعة القسم الثالث العلامات العظام ج 2 ص 78 / شرح احقاق الحق السيد المرعشي ج13ص266

8 –الغيبة  محمد بن ابراهيم النعماني ج1 ص304/ الكافي الشيخ الكليني ج1ص369