vendredi 22 mai 2020

خطاب الإمام القائد الخامنئي في يوم القدس العالمي سنة 1441/2020


القى قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي اليوم الجمعة خطابا متلفزا بمناسبة يوم القدس العالمي.

بسم اله الرحمن الرحیم
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين.
تحية من الله طيبة مباركة، أبعثها إلى جميع أبناء أمتنا الإسلامية، من إخوة وأخوات، سائلاً الله لهم قبول الطاعات في شهر رمضان المبارك، وأبارك لهم مقدّماً عيد الفطر السعيد، شاكراً لله سبحانه، أن أنعم علينا بالحضور في شهر الضيافة الإلهية.
اليوم، يوم القدس، يوم أقدم على إعلانه الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) بابتكار ذكي، ليكون حلقة وصل بين نداءات المسلمين، بشأن القدس الشريف، وفلسطين المظلومة، وكان له في هذه العقود الأخيرة دوره الفاعل، وسيكون له في المستقبل إن شاء الله مثل هذا الدور، الشعوب رحبّت بيوم القدس، باعتباره الواجب الأول، أعني ابقاء راية تحرير فلسطين مرفوعة مرفرفة، سياسة الاستكبار والصهيونية، تتركز على تغييب المسألة الفلسطينية، من ذاكرة المجتمعات المسلمة، والواجب الفوري هو التصدّي لهذه الخيانة التي تحاك بيد عملاء العدو السياسيين والثقافيين في داخل البلدان الإسلامية، والحقيقة أن مسألةً بعظمة المسألة الفلسطينية، لا يمكن لغَيرة الشعوب المسلمة، وثقتهم بأنفسهم، ووعيهم المتزايد أن تسمح بنسيانها، مهما جنّدت أمريكا وغيرها من السلطويين وعملائهم في المنطقة، كل أموالهم وقواهم في هذا السبيل.
أول الحديث -  في هذا الخطاب - استعادة الذاكرة بشأن المأساة الكبرى، التي حلّت باغتصاب فلسطين، وزرع الغدة السرطانية الصهيونية فيها، لا توجد بين الجرائم البشرية في العصور القريبة من عصرنا الراهن، جريمة بهذا الحجم وبهذه الشدّة، اغتصاب بلد وتشريد أهله تماماً من بيوتهم، وأرض آبائهم وأجدادهم، كل ذلك بأبشع أنواع القتل وإهلاك الحرث والنسل، ثم استمرار هذا الظلم التاريخي لعشرات السنين، هو حقاً رقم قياسي جديد من الوحشية والشيطنة على الساحة البشرية.
العامل والمجرم الأصلي في هذه المأساة، البلدان الغربية وسياساتها الشيطانية، حين عمدت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، إلى تقسيم منطقة غرب آسيا، أي القسم الآسيوي من الأرض الخاضعة للحكومة العثمانية، باعتبارها من أهم غنائم الحرب في مؤتمر باريس، كانوا بحاجة إلى قاعدة آمنة في قلب هذه المنطقة، لضمان المزيد من تسلطهم الدائم عليها، قبل ذلك بسنوات كانت بريطانيا قد مهّدت بمشروع بالفور لذلك، وبالتعاون مع رؤوس الأموال اليهود، قد استحدثت بدعة باسم الصهيونية، لتقوم بهذا الدور، ثم توفرت الأجواء للتنفيذ.
منذ تلك السنين رتبوا المقدمات، ثم بعد الحرب العالمية الثانية، اغتنموا فرصة غفلة دول المنطقة ومشاكلها، فنفّذوا مخططهم، وأعلنوا هذا الكيان الزائف، الكيان الصهيوني، لقد كان المستهدف من هذه الضربة بالدرجة الأولى الشعب الفلسطيني، ومن بعده شعوب المنطقة بأجمعها.
نظرة على ما تلا ذلك من الحوادث في المنطقة، تبين أن الهدف الأصلي والقريب للغربيين، والكارتلات اليهودية، من إيجاد الكيان الصهيوني، كان بناء قاعدة لتواجدهم ونفوذهم الدائم في غرب آسيا، ليتمكنوا من التدخل وفرض السيطرة على شعوب المنطقة كلها، من هنا فإنهم أغدقوا على هذا الكيان المفتعل والغاصب، مختلف إمكانات القوة العسكرية منها وغير العسكرية، بما في ذلك الأسلحة النووية، ووضعوا في برنامجهم هذه الغدة السرطانية، لتمتد من النيل إلى الفرات.
ومن المؤسف أن معظم الدول العربية، بعد أن أبدت في البداية مقاومة، كان بعضها يستحق الثناء، قد استسلمت بالتدريج، خاصة بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية، على أنها المتولي للمسألة، ونسيت واجبها الإنساني والإسلامي والسياسي، كما نسيت أيضاً غيرتها ونخوتها العربية، واتجهت لمساندة أهداف العدوّ، تحدوها أمال واهية، وكامب ديفيد مثال واضح لهذه الحقيقة المرة.
الفصائل المكافحة الفلسطينية، هي أيضاً بعد أن قامت بعمليات جهادية، وقدمت تضحيات على هذا الطريق في السنوات الأولى، انجرّت بالتدريج إلى نهج خائب، في إجراء محادثات مع المحتل وحماته، وتركت نهجها الذي كان بإمكانه أن ينتهي بتحقيق الآمال الفلسطينية، المحادثات مع أمريكا والدول الغربية الأخرى، وكذلك مع المجامع الدولية العديمة الفائدة، هي تجربة مرّة خاسرة في مسيرة القضية الفلسطينية، غصن الزيتون في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تكن له نتيجة، سوى اتفاق أوسلو الخاسر، ثم انتهى أيضاً بمصير ياسر عرفات وما فيه من عِبَر.
بزوغ فجر الثورة الإسلامية في إيران، فتح فصلاً جديداً في النضال من أجل فلسطين، ابتداءاً من الخطوة الأولى، أي طرد العناصر الصهيونية، التي كانت تعتبر إيران في عصر الطاغوت إحدى قواعدها، وتسليم السفارة الكيان الصهيوني - التي أقامها الشاه - في طهران لممثلي فلسطين، وقطع إمداد النفط، حتى الأعمال الكبيرة والنشاطات السياسية الواسعة،. كلها أدت إلى ظهور «جبهة المقاومة» في المنطقة كلها، وأحيت الأمل في القلوب بحلّ القضية.
بظهور جبهة المقاومة، فإن العقبات أمام الكيان الصهيوني أصبحت أصعب فأصعب، وستصبح أكثر صعوبة إن شاء الله، لكن مساعي حماة هذا الكيان، وعلى رأسهم أمريكا في الدفاع عنه، قد ازدادت بشدّة. ظهور القوة المؤمنة الفتية والمضحية من حزب الله في لبنان، وتشكيل المجاميع المقاومة، من حماس والجهاد الإسلامي، داخل حدود فلسطين، قد أثار الاضطراب والهلع، لا بين الصهاينة فحسب، بل أيضاً بين حكام أمريكا وحكام الغرب، فعمدوا إلى استمالة الأتباع من داخل المنطقة وداخل المجتمع العربي، ووضعوا ذلك في رأس قائمة اهتماماتهم، بعد بذل كل ألوان الدعم الناعم واللوجستي لهذا الكيان الغاصب، ونتيجة هذه الأعمال الضخمة ماثلة اليوم للعيان، في تصرفات وأقوال بعض حكام الدول العربية، وبعض الخونة من النشطاء السياسيين والثقافيين.
النشاطات المتنوعة تجري اليوم، على ساحة الصراع في الجانبين مع فارق، هو أن جبهة المقاومة تتصاعد فيها القوة، ويزداد الأمل واستحصال المزيد من عناصر الاقتدار، وبالعكس فإن جبهة الظلم والكفر والاستكبار، تنحدر باستمرار نحو الخواء واليأس والضعف، الدليل الواضح على ذلك أن الجيش الصهيوني الذي كان يوماً ما الجيش الذي لا يقهر، وأنه القادر بضربة خاطفة، أن يصدّ الجيوش الكبرى لبلدين مهاجمين خلال بضعة أيام، هو اليوم مضطر إلى الانسحاب، أمام القوة الشعبية المناضلة في لبنان وغزة، وإلى الأعتراف بالهزيمة.
مع ذلك، فإن ساحة المواجهة خطيرة جداً وقابلة للتغيير، وبحاجة إلى مراقبة دائمة، وموضوع هذا النضال حياتي ومصيري، وعلى غاية من الأهمية، وأية غفلة وتساهل وخطأ في المحاسبات الأساس، ستُنزل خسائر فادحة، على هذا الأساس أتوجه بعدد من التوصيات لكل الذين يحملون همّ القضية الفسلطينية:
1 - النضال من أجل فلسطين جهاد في سبيل الله، وفريضة إسلامية لازمة، والنصر في ساحة الكفاح هذه مضمون، إذ من يقتل في هذا الطريق، فقد نال إحدى الحسنيين، أضف إلى أن القضية الفلسطينية مسألة إنسانية، إخراج الملايين من الناس من بيوتهم ومزارعهم، ومحل معيشتهم وكسبهم، كل ذلك بالقتل، وارتكاب ألوان الجرائم التي تجرح الضمير الإنساني وتوجعه، وتدفع في حال توفر الهمة والشجاعة إلى التصدّي له، إذن حصر القضية في النطاق الفلسطيني، أو على الأكثر العربي، هو خطأ فادح. أولئك الذين يرون في تنازل بعض العناصر الفلسطينية، أو عدد من حكام البلدان العربية مجوّزاً للعبور من هذه المسألة الإسلامية والإنسانية، قد وقعوا بشدّة في خطأ لفهم المسألة، وقد يكونون قد ارتكبوا خيانة في تحريفها.
2 – هدف هذا النضال تحرير الأرض الفلسطينية بأجمعها، من البحر إلى النهر، وعودة الفلسطينيين جميعهم إلى ديارهم، والتقليل من هذا الهدف، وجعله مجرد إقامة دولة في زاوية من هذه الأرض، وبالطريقة الموهنة التي يذكرها الصهاينة في أدبياتهم الوقحة، ليس مِنْ طلب الحق في شيء، ولا من دلائل النظرة الواقعية، الواقع أن ملايين الفلسطينيين، قد ارتقوا إلى مستوى معتبر من التفكير والتجربة والثقة بالنفس، بحيث يدعوهم الى أن يعقدوا العزم على هذا الجهاد الكبير، وأن يثقوا بالنُصر الإلهيّ والانتصار النهائي، حيث قال سبحانه ) وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( ولا شك، أن كثيراً من المسلمين في أرجاء العالم سيساعدوهم، وسيواسوهم إن شاء الله تعالى.
3 - مع أن الاستفادة من أي إمكان حلال ومشروع، في هذا النضال هو جائز، بما في ذلك الدعم العالمي، ولكن من المؤكد أن الاعتماد على الدول الغربية، وعلى المحافل الدولية المرتبطة بهذه الدول ظاهراً أو باطناً، يجب الحذر منه بشكل مؤكد، فهؤلاء يعادون أي وجود إسلامي فاعل، ولا يعيرون أهمية لحقوق الناس والشعوب، وهم وراء أكثر الخسائر والجرائم التي حلّت بالأمة الإسلامية، والآن أية مؤسسة دولية أو أية قوة اجرامية تتحمل مسؤولية الاغتيالات، المجازر والحروب، والدمار، والمجاعات المصطنعة في عدد من البلدان الإسلامية والعربية.
العالم اليوم يحصي عدد المصابين بالكورونا واحداً واحداً في أرجاء العالم، ولكن لم يسأل أحد ولا يسأل، من هو الفاعل والمسؤول عن مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والمفقودين، في البلدان التي أشعلت فيها أمريكا وأوروبا نيران الحروب؟ من المسؤول من كل هذه الدماء، التي أريقت بدون حق في أفغانستان، واليمن، وليبيا، والعراق، وسوريا، والبلدان الأخرى؟ لماذا لم يحصِ أحد هذه الملايين، من الأطفال والنساء والرجال المظلومين في العالم الإسلامي؟ لماذا لم يرفع أحد صوت التعزية بما ينزل بالمسلمين من مجازر؟ لماذا يجب أن يبقى الملايين من الفلسطينيين سبعين سنة في المنافي، بعيدين عن أرضهم وديارهم؟ لماذا تنزل بالقدس الشريف، قبلة المسلمين الأولى كل هذه الاهانات؟ منظمة ما يسمى بالأمم المتحدة لا تقوم بواجبها، ومؤسسات ما يسمى بحقوق الإنسان ميتة، وشعار «الدفاع عن حقوق الأطفال والنساء»، لا يشمل المظلومين من النساء والأطفال في اليمن وفلسطين.
هذا هو وضع القوى الظالمة الغربية والمجامع المرتبطة بها، ووضع ذويلهم من حكومات المنطقة في الفضيحة أفظع من ذلك، ويعجز التعبير عن وصفيها، إذن المجتمع المسلم الغيور المتدين، يجب أن يعتمد على نفسه وعلى قوته الذاتية، وأن يشمّر عن ساعده القوي، ويتكل على الله لاجتياز هذه الموانع.
4 - ثمة مسألة مهمة، يجب أن لا تغيب عن أنظار النخب السياسية والعسكرية في العالم الإسلامي، وهي السياسة الأمريكية والصهيونية في نقل الصراع إلى خلف جبهة المقاومة، إضرام نار الحروب الداخلية في سوريا، والحصار العسكري والقتل المتواصل ليلا ونهاراً في اليمن، والإرهاب، والتخريب وانتاج داعش في العراق، والقضايا المشابهة في بعض بلدان المنطقة، كلها دسائس من أجل إشغال جبهة المقاومة، ومنح الفرصة للكيان الصهيوني، بعض ساسة البلدان المسلمة، قد وقعوا عن علم أو دون علم، في شباك دسائس الأعداء هذه، والسبيل للتصدي إلى هذه السياسة الغبيثة يعتمد بالدرجة الأولى، على المطالبة الجادة للشباب الغيارى في أرجاء العالم الإسلامي، الشباب في البلدان الإسلامية كلها، وخاصة العربية منها، يجب أن لا تغيب عن أنظارهم وصية الإمام الخميني، حيث قال: كل ما عندكم من صرخات الاعتراض، وجهوها إلى أمريكا، وطبعاً العدو الصهيوني أيضاً.
5 - سياسة تطبيع حضور الكيان الصهيوني في المنطقة، من المحاور الأساسية لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية، بعض الحكومات العربية التي تؤدي دور الأجير في المنطقة، ساعية إلى إعداد المقدمات اللازمة لذلك، كالعلاقات الاقتصادية وأمثالها، هذه المساعي عقيمة ولا طائل تحتها، الكيان الصهيوني زَائِدَةٌ مُهْلِكَةٌ، وضرر محض لهذه المنطقة، وهو زائل لا محالة، ويبقى سواد الوجه والخزي والعار، لأولئك الذين وضعوا إمكاناتهم في خدمة هذه السياسة الاستكبارية، بعضهم يبرر هذا السلوك القبيح بالقول: إن الكيان الصهيوني حقيقة واقعية في المنطقة، دون أن يذكروا، بأن من الضروري مكافحة الواقع المهلك المضرّ وإزالته، جائحة الكرونا اليوم واقع لا شك فيه، وكل إنسان ذو شعور يرى أن من الواجب مكافحته، وجائحة الصهيونية القديمة، سوف لا تبقى دون شك، وسيقضى عليها من هذه المنطقة بهمّة الشباب المؤمنين الغيارى.
6 - توصيتي الأساس، هي استمرار النضال، وترتيب الأمور في المنظمات والحركات الجهادية، وتعاون وثيق مع بعضهم، وتوسيع نطاق الجهاد في كل الأراضي الفلسطينية، على الجميع أن يساعدوا الشعب الفلسطيني في هذا الجهاد المقدس، على الجميع أن يسندوا عضد المناضل الفلسطيني ويحموا ظهره، نحن فخورون بأننا سنقدم ما استعطنا على هذا الطريق، لقد كان تشخيصنا يوماً، أن المناضل الفلسطيني يتحلّى بالدين والغيرة والشجاعة، ومشكلته الوحيدة هي خلوّ يده من السلاح، وخططنا بهداية من الله سبحانه ومدده، لملء هذا الفراغ، وكانت النتيجة أن تغير ميزان القوى في فلسطين، واليوم تستطيع غزّة أن تقف بوجه العدوان العسكري الصهيوني وتنتصر عليه.
تغيير المعادلة هذا في القسم المسمى بالأرض المحتلة، قادر على أن يدفع بالقضية الفلسطينية نحو مراحلها النهائية، هيئة الحكم الذاتي تتحمل في هذا المجال مسؤولية كبرى، لا يمكن التحدث مع العدوّ الوحشي إلا بالاقتدار ومن موضع القدرة، وأرضية هذه القدرة متوفرة والحمد لله في الشعب الفلسطيني الشجاع والمقاوم، الشباب الفلسطيني – اليوم متعطش للدفاع عن كرامته، وحماس والجهاد في فلسطين وحزب الله في لبنان، قد أتمّوا علينا الحجة، العالم لم ينسَ ولن ينسى ذلك اليوم الذي اخترق فيه الصهاينة حدود لبنان، وتوغلوا حتى بيروت، وذلك اليوم الذي ارتكب فيه قاتل مجرم، باسم اريل شارون مجزرة صبرا وشاتيلا، وكذلك لم ينسى ولن ينسى ذلك اليوم، الذي نزل بهذا الجيش نفسه ضربات حزب الله القاصمة، فلم يكن أمامه إلاّ الانسحاب من لبنان معترفاً بالهزيمة، بعد أن تكبد خسائر فادحة ، ثم راح يتوسل طالباً وقف إطلاقا النار، هذا هو العضد المشدود، وهذا هو موضع القدرة، والآن دع الدولة الأوربية الكذائية التي يجب أن تطأطئ رأسها خجلاً إلى الابد، من بيعها المواد الكيمياوية لنظام صدام، دعها تعتبر حزب الله المجاهد الفخور غير قانوني، الغير القانوني هو نظام مثل أمريكا الذي أنتج داعش، ونظام مثل تلك الدولة الأوربية، التي ذهب على أثر موادها الكيمياوية الآلاف الضحايا في مدينة (بانه) الإيرانية و(حلبجة) العراقية.
7 - الكلمة الأخيرة، هي أن فلسطين ملك للفلسطينيين، وينبغي إدارتها بإرادتهم، ما طرحناه من مشروع منذ عقدين من الزمان، بشأن إجراء استفتاء بين كل الفلسطينيين بمختلف أديانهم وقومياتهم، هو السبيل الوحيد للتغلب على التحديات القائمة والمستقبلية في فلسطين، هذا المشروع يظهر بوضوح إنما يكرره الغربيون في أبواقهم بشأن معاداة اليهودية، لا أساس له من الصحة إطلاقاً، في إطار هذا المشروع يشترك اليهود المسيحيون والمسلمون جنباً إلى جنب في استفتاء، يعين النظام السياسي لفلسطين، إن الذي يجب ان يزول قطعا هو النظام الصهيوني والصهيونية، فتلك بدعة في الدين اليهودي وغريبة عنه تماماً.
في الختام لابد أن أذكر باعتزاز شهداء القدس، من الشيخ أحمد ياسين، وفتحي الشقاقي، والسيدعباس الموسوي، إلى الوجه المقاوم الذي لا ينسى، الشهيد قاسم سليماني، والمجاهد العراقي الكبير أبي مهدي المهندس، وغيرهم من شهداء القدس، وأحيي روح الإمام العظيم الخميني، الذي فتح أمامنا طريق العزّ والجهاد، كما اسأل الله ان يتغمد برحمته، الأخ المجاهد المرحوم حسين شيخ الاسلام، الذي بذل لسنوات مساعيه على هذا الطريق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


lundi 4 mai 2020

ترامب ذلك القرصان الأحمق



بقلم: محمد الرصافي المقداد
لا أعتقد أنه توجد صفة مناسبة للرئيس الأمريكي ترامب، غير أنه قرصان أحمق، ولو أنه بقي راعي بقر على سليقة أجداده، ولم يقحم نفسه في أعمال ابتزاز وسمسرة رخيصين، لكان أفضل له وللشعب الأمريكي، الذي انتخبه قسم منه على وجه خطأ الديمقراطيات المزعومة، وقبل به عموم الأمريكيين رئيسا أحمق لبلادهم.
سمسرة ترامب بدأت من الدّول العميلة له، والتي أوهمتها إدارات بلاده السابقة، أنها حامية لها، وأنّ قواته المنتصبة هناك على قواعدها، جاءت من أجل أداء ذلك الدّور، ومع انتخابه رئيسا لأمريكا، استحضر مهنة أجداده بعدما رأى محميّاته الخليجية أبقارا حلوبة، وأن بلاده يجب أن تأخذ حقوقها من هؤلاء الذين اعتبرهم أثرياء ويمتلكون مالا كثيرا، لذلك قال إنه يجب عليها أن تدفع مقابل حمايتها، ووقاحته بلغت به حدّ وصف السعودية، ودول الخليج بالبقرة الحلوب، متى ما جف ضرعها سيذبحها، تصريحات تكررت منه في حملته الانتخابية2015 واعادها منذ ثلاث سنوات، بعد أن باشر حلب الأموال السعودية، إهانة تكررت منه، دون أي ردّ فعل من الطّرف المتضرر، وما حيلة هؤلاء وقد سلّموا رقابهم لمن فقد ضميره وظهر في ثوب قرصان عنيد أحمق. 
ولقائل أن يقول: ما الذي يخيف السعودية والدّول الخليجية، حتى تسمح بانتصاب قواعد عسكرية أمريكية على وجه الخصوص، دون أن ننسى الفرنسية والبريطانية صاحبة التأسيس، وكل هذه الجحافل من الجيوش، والآليات، والطائرات، والاساطيل البحرية، والأعتدة، والصواريخ المتنوعة، موجّهة ضد من؟ لا أعتقد أن الكيان الصهيوني يشكل خطرا على تلك الدّول - وهو صنيعة ومحميّة بريطانية أمريكية - وهي التي كانت تخفي علاقاتها معه، واليوم أصبحت تتباهى بالتطبيع معه على جميع المستويات، وتعطيه الحق الكامل في البقاء على ارض فلسطين وملكيته لها دون الشعب الفلسطيني، يبقى لنا إذًا ما ركّبته أمريكا بسياساتها، وهما في عقول هؤلاء الحكام، وبما توهّموه بدورهم، وأعانوا أنفسهم عليه، أن إيران تشكل خطرا على أمنهم خاصة، وعلى استقرار منطقة الخليج عامّة، ولا ذنب لإيران واقعا، سوى تبنّيها لمحور مقاومة الكيان الصهيوني، وعملها الثابت في تنميته، ودعمه بكل الوسائل، من اجل قلع "جرثومة الفساد" من أرض فلسطين، كما عبّر عن ذلك، مؤسس هذا المحور المبارك، وصانع معادلة العزة في الأمّة الإسلامية، الإمام الخميني رضوان الله عليه.
لكن الذي يجب أن لا يخفى، أن التواجد العسكري الأمريكي في دول الخليج، يعتبر بكل المعايير  احتلالا، وسيطرة على أهمّ منابع النفط العالمي، ووضع اليد عليها إذا ما دعت الحاجة الى ذلك، فلا إيران التي اتخذها الطرفان الامريكي والخليجي، ذريعة لنشر القوات العسكرية الأمريكية هناك، ولا تهديدها المزعوم للأمن في الخليج، وهي التي ما فتئت تدعوا تلك الدول، الى اخراج القوات الاجنبية من المنطقة، لأنها هي التي تشكل بوجودها تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار فيها، وتهدد بنشوب حرب عند أي حادث أو احتكاك قد يحصل ويُتّخذ ذريعة، وايران هي المتضررة فعلا من مؤامرات تلك الدول، ومحاولاتها المتكررة ايذاءها بسياساتها العدوانية.
قرصنة ترامب في استثمار بلاهة حكام الخليج، وابتزازهم كل مرّة، دفعت طِفْرته هذه المرة الى الصين، ليدّعي عليها أنها السبب الرئيسي لانتشار فايروس كورونا في بلاده، مشيرا الى ضرورة أن تدفع تعويضات عما لحق ببلاده ودول العالم، كأني به محرضا الدول الاوروبية على ذلك، ناصبا لها فخّا لتصطف الى جانبه في الدّعوى التي قد تصل الى اشعال حرب كونية ثالثة، ففي خلال مؤتمره الصحفي اليومي للوباء، قال ان بلاده مستاءة من الصين، بسبب تقصيرها في التعامل مع الفايروس، ولولا ذلك لما أمكن له أن يتفشى في العالم بأسره. وردا على سؤال صحفية المانية في مجلة بيلد ان المانيا طلبت 165 مليار دولار كتعويض، فماذا عن أمريكا؟ أجاب ترامب: "نتحدث عن مبلغ أكبر بكثير .. لم نحدد بعد المبلغ النهائي، لكنه سيكون كبيراً". مشدّدا على أنّ الضرر لم يلحق فقط بالولايات المتحدة بل بالعالم أجمع".
غير أن الصين لم تستسغ اتهام ترامب وإدارته لها، بتسبب انتشار الفايروس، فجاء تكذيبه في أول تصريح رسمي  صدر منها، واعتبرته نفوّها بأكاذيب مكشوفة، فقد جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (غينغ شوانغ) ردّا على الأمريكيين، بشأن تفشي فايروس كورونا المستجد "لديهم هدف واحد التهرّب من مسؤوليتهم عن إجراءات الوقاية والسيطرة الرديئة للوباء التي اتخذوها وصرف أنظار العامة"
لعبة البقرات الحلوبات التي بدأها الرئيس الأمريكي بكل وقاحة، وقبلها النظام السعودي وبقية أنظمة الخليج بكل ذلة، بدت له موردا خصبا لاقتصاد بلاده، قرصنة (كاو بوي) بناها على تاريخ بلد غير مشرّف، ويريد اليوم اخضاع الصين الى إرادته، بعدما وضع نفسه موضع الحاكم الأوحد  لهذا العالم، وطبيعي أن تكون أخلاق من يملك نواد عالمية للقمار والمجون، أن يصبح عنده كسب المال الحرام عادة متأصّلة فيه، وبينما عسرت واستعصت عليه إيران، رغم ضخامة حجم العقوبات، جاء الآن يسعى ليبتزّ الصين بجرم لم تقترفه عمدا- وهو لحد الآن لغز يرجح أن تكون مخابراته CIA هي من قامت بذلك - بمبلغ خيالي قد تصل به أطماعة الى ما قيل، أنه يعادل ميزانية الصين مدة 20 عاما، يُتوقّع أن يسارع الى إعلانه قريبا، وكأني بإجراءات وقاية شعبه للحدّ من انتشار الوباء ليست جدّية، والمراد منها حصد أرواح قليلي المناعة وكبار السن للتخلّص منهم، وتخفيف مؤونتهم على الخزانة الأمريكية وصناديقها الإجتماعية، فيقلّ بذلك عجز الدفوعات الذي يتهدّدها من ناحية، ولتثقيل حصيلة الخسائر البشرية مع توقف عجلة الاقتصاد الأمريكي من ناحية أخرى، فيكبر معها التعويض الذي يحلم به القرصان الأمريكي، وهو حلم لن يتحقق مهما فعل وأوحى اليه به شيطانه.




vendredi 1 mai 2020

يوم القدس العالمي ونداء الواجب



بقلم: محمد الرصافي المقداد
صفحة جديدة عطرة، افتتحها الشعب الإيراني المسلم، في سجلّ القضية الفلسطينية، بانتصار ثورته المباركة في 11/2/1979، مختلفة تماما عمّا سبقها من الصفحات، التي لم تكن نتائجها في مستوى التحدّي المطلوب، لنصرة شعب أنهكه أسوأ استعمار عرفه تاريخ البشرية، وخذله القريب والبعيد، حتى إذا ضاقت الأرض بما رحبت على هذه القضية العادلة، وشعبها المشرّد أغلبه من أرضه ودياره، والباقي يرزح تحت القمع والاهانة والحصار الخانق، جاء النّداء من قوم سلمان، بلسان مصلح العصر، ورافع راية الإسلام المحمدي الأصيل الإمام الخميني رضوان الله عليه، ليقدّم القضية الفلسطينية، ويجعلها أولوية من أولويات، شعبه وبلاده، وتتحوّل من إطارها العربي الضيق، الذي عجز عن تحقيق شيء يفيد هؤلاء المظلومين، الى إطارها الإسلامي الواسع، حيث يكون مجاله أكثر قدرة على العمل الجهادي، والإعداد لمرحلة اسلامية، واعدة بالمقاومة الصلبة، ومبشّرة النتائج الجيّدة، في مواجهة كيان صهيوني، ما كان له أن يستوطن قطعانه الأرض الفلسطينية، لولا المؤامرات الدّوليّة والخيانات العربية.
بعد أسبوع واحد فقط من انتصار الثورة الاسلامية اعلنت ايران يوم 18 فيفري ( فبراير) 1979 قطع جميع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وتسليم مقرّ السفارة الى منظمة التحرير الفلسطينية، ليصبح أوّل سفارة لدولة فلسطين في العالم، ثم جاء بيان الإمام الخميني رضوان الله عليه بعد أقلّ من ستة أشهر من ذلك التاريخ، بإعلان آخر جمعة من شهر رمضان، يوما عالميا للقدس في 7 من شهر أوت (أغسطس 1979) جاء فيه: « أدعو عامة المسلمين في العالم والدول الإسلامية، للتضامن والتكاتف والتآزر، من أجل قطع دابر هذا الكيان الغاصب وحماته.. إنني أدعو المسلمين كافة إلى إعلان آخر جمعة من شهر رمضان، التي هي من أيام القدر ومن الممكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوماً للقدس وأن يحتفلوا به، ويعلنوا عن تضامن المسلمين الدولي، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم. »
ليسجّل الشعب الإيراني بعد نداء قائد ثورته، بانضباطه ووعيه ووفائه، ملحمة جديدة من الجهاد، بافتتاح مهرجان يوم القدس، ويحوّله بعد ذلك الى تظاهرة عالمية، تبنّاها كل مؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، شكّلت تعبيرا جماهيريا بمختلف فعالياته، على مدى مظلومية الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته.
إيمان الامام الخميني بضرورة تعديل بوصلة الصراع القائم، ووضعه الموضع الذي كان يجب أن يكون فيه منذ بدايته، بحشد الفعاليات الإسلامية حوله، واعطائه بعدا عالميا، يتجاوز حتى الإطار الإسلامي، لما في القضية الفلسطينية من مؤشر دال على حالة شعب مستضعف، وقع ضحية مخطط استكباري غربي خبيث، وهذا الجانب يمسّ شعوبا أخرى مستضعفة، تعاني من نفس العدوان، وإن كان بدرجة أقلّ، وهذا الإحياء يكتسي صبغة إعلامية ودعائية، من جهة شعاراته الثورية، من شأنه أن يفرض حقانية القضية الفلسطينية فتبقى حاضرة، دون أن يصيبها إهمال أو نسيان على الصعيد العالمي، يعمل على أن يكون يوم القدس العالمي، محطّة تشحن فيها الجماهير، وتدفعها قدما إلى الأمام، من أجل توحيد صفوفها، في مواجهة أعداء فلسطين والأمة.
وبفضل الله وهمة أحرار الأمة الاسلامية وشرفاء العالم، تطوّر التعامل جماهيريا مع هذه المناسبة الهامة، بحيث عمّت مسيرة يوم القدس العالم بأسره، وأصبح في زخمه المتعاظم كلّ سنة، يستفز أعداء الانسانية والسلام، من صهاينة ومستكبرين، ويحرّكهم للعمل على منع إحيائه، بالقوة حينا وبالحيلة والخبث حينا آخر، لكن يبدو أنه فاتهم ركب تقدّم مشروع الامام الخميني رضوان الله عليه، بحيث أصبح تعبيرا صادقا، على عدالة قضية طال بها الزمن، ويجب أن تحلّ بما يعيد حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة.
وبتقدّم الزمن أثبت الامام الخميني صواب مشروعه الإسلامي، ليس من جهته الإعلامية والتوعوية الجماهيرية فقط، وإنما من جانبه العملي، الذي مضى فيه أهله يعدّون العُدّة للمواجهة الفاصلة، غير عابئين بالعراقيل والعقوبات العديدة، التي سلطها اللوبي الصهيوني الحاكم في أمريكا على ايران، ومن ثمرات هذا الإعداد الجاد الذي دخل فيه قوم سلمان، نجاحهم في بناء فيلق عسكري خاص، أطلقوا عليه اسم القدس، وقد ساهم بشكل فعال بخبرائه وكبار ضباطه، في تقديم المساعدة والدعم في القضاء على الارهاب التكفيري، في كل من العراق وسوريا، وقدمّ من أجل ذلك تضحيات وشهداء عزّ مفارقتهم.
أما على الصعيد التقني واللوجستي، فقد حققت إيران اكتفاء ذاتيا في صناعة الأسلحة، والمعدات العسكرية، بمختلف أنواعها، البرية والبحرية والجوية، ووسائل الدفاع الجوي، ومنظومات الصواريخ البالستية المتنوعة، قدّمت منها للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ما شكلت  به تلك الفصائل، وسائل ردع لعربدة الآلة العسكرية الصهيونية، فلم تعد اعتداءاته مجرّد نزهة فيما مضى، بل أصبح عليه أن يحسب أل حساب، قبل أن يقدم على حماقة من حماقاته.
إنّ إحياء يوم القدس العالمي، يرى من المنظور الشرعي، واجبا مقدّسا على كل مسلم، قادر على التواجد في ساحات التظاهر، مساندة للشعب الفلسطيني، في التخلّص الغدّة السرطانية الصهيونية الجاثمة على أرضه، ومساهمة من كل مشترك في فعالياتها، بالتظاهر والتعابير الفكرية والفنية المختلفة، دعما لقضية يراها الامام الخميني رضوان الله عليه، مفتاحا لحل جميع القضايا الاسلامية العالقة، واعتبرها قطب رحاها الدائرة عن حلّ ضروري.