jeudi 30 avril 2020

البيان الأول للإمام الخميني (رضوان الله عليه) بمناسبة يوم القدس العالمي



بسم الله الرحمن الرحيم
إن يوم القدس يوم عالمي، وليس يوماً يخصّ القدس فقط بل هو يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين، يوم مواجهة الشعوب التي رزحت تحت ضغط الظلم الأمريكي وغير الأمريكي، يوم يجب فيه أن يستعد المستضعفون لمواجهة المستكبرين، ويمّرغوهم في التراب، يوم يمتاز فيه المنافقون عن الملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم (يوم القدس)، ويعملون بما يجب أن يعملوا به، وأما المنافقون والمرتبطون بالقوى العظمى خلف الستار، والذين يعقدون الصداقة مع إسرائيل، لا يهتمون بهذا اليوم، ويمنعون الشعوب من إقامة المظاهرات فيه، إن يوم القدس يوم يجب أن يتعين فيه مصير الشعوب المستضعفة، لابد للمستضعفين أن يبرزوا شخصيتهم أمام المستكبرين، وكما قام الشعب الإيراني، وأرغم أنوف المستكبرين وسيرغمهم أيضاً، فلتقم سائر الشعوب، وتلقي بهذه الجراثيم المفسدة في المزابل.

إنه اليوم الذي يجب -على المسلمين- أن ينهضوا، وننهض فيه لإنقاذ القدس، وإنقاذ إخواننا اللبنانيّين من هذا الظلم، إنّه اليوم الذي يجب أن نخلّص فيه جميع المستضعفين من قيود المستكبرين، يوم يجب أن يُظِهر المجتمع الإسلامي شخصيته فيه، ويهدّدوا القوى العظمى، وعملاءهم المتبقّين في إيران أو سائر البلدان، إن يوم القدس هو اليوم الذي يجب أن ننبه فيه هؤلاء المثقفين، الذين يعقدون العلاقات خلف الستار مع أمريكا وعملائها، ننبههم بأنهم لو لم يتركوا هذه التحرشات فإنهم سوف يُقمعون، وإنّا قد أمهلناهم وعاملناهم بلطف، لعلّهم يتركون الأعمال الشيطانية، وإن لم يتركوها فسوف أقول فيهم كلمتي الأخيرة، وسوف أشعرهم إن النظام السابق لن يعود، ولا يمكن بعد هذا أن تحكم فينا أمريكا أو سائر القوى العظمى.
يجب أن نعلن لجميع القوى الكبرى في يوم القدس، أن يرفعوا أيديهم عن المستضعفين، ويلزموا حدودهم، إنَّ إسرائيل عدوة البشرية وعدوة الإنسان، في كل يوم تخلق فاجعة، وتحرق إخواننا في جنوب لبنان، إنَّ على إسرائيل أنْ تعلم، أنّ أسيادها قد خسروا موقعهم الاجتماعي في العالم، ولابدّ لهم من الانزواء، ولابّد لهم من قطع أطماعهم عن إيران، ويجب أن يُمنعوا من التدخل في جميع البلاد الإسلامية، إنَّ يوم القدس هو يوم إعلان هذا الأمر، وإعلان أن الشياطين يحاولون إخراج الشعوب من الساحة، لفسح المجال لتدخّل القوى الكبرى، إنّ يوم القدس هو اليوم الذي تُقطع فيه آمالهم، وينبَّهون بأن ذلك الزمان قد ولّى، يوم القدس هو يوم الإسلام، ويوم إحياء الإسلام، فلابد من إحيائه، وتنفيذ قوانينه وأحكامه، في جميع الأقطار الإسلامية، يوم القدس يوم ننّبِه فيه القوى العظمى، بأن الإسلام لن يقع بعد اليوم، تحت سلطتكم بواسطة عملائكم الخبثاء، يوم القدس يوم حياة الإسلام، ولابد أن يستيقظ فيه المسلمون، ويشعروا بقدرتهم المادية والمعنوية.
.
إنّ المسلمين يبلغون مليار نسمة، وينعمون بالتأييد الإلهي، والإسلام يحميهم، والإيمان يدافع عنهم، فمن أي شيء يخافون؟ إنّنا قد نهضنا مع قلّة عددنا، أمام أعدائنا الكثيرين، والقوى العظمى وهزمناهم، ولا تظنوا أن بعض هذه الطوائف الفاسدة، بعض هؤلاء اليساريّين الأمريكيين وغير الأمريكيين، يتمكنون من إبراز وجودهم في هذا البلد، فنحن إذا أردنا وأراد شعبنا، فإنهم سيُحذفون جميعاً في مزابل الفَناء خلال ساعات، وإنَّ شعبنا العظيم لن يخاف من هذه التحرّكات اليائسة، واِنَّ تحرّكات اسرائيل في جنوب لبنان، وبالنسبة للفلسطينيين، هي أيضاً تحركات يائسة، إنَّها تحركات الفاسدين في نهاية أمرهم، كما صنعه الشاه المخلوع في إيران، وانتهى بهلاكه وفنائه، ولتعلم الحكومات في العالم أن الإسلام لن ينهزم، وأن الإسلام وتعاليم القرآن لابد أن تتغلّب على جميع الدول، ولابد أن يكون الدين هو الدين الإلهي، إنَّ الإسلام هو دين الله، ولابد أن ينمو في جميع الأقطار الإسلامية، إنَّ يوم القدس يوم إعلان هذا الأمر، إنّه يوم إعلام المسلمين: إلى الأمام، تقدّموا في جميع أقطار العالم، يوم القدس ليس يوم فلسطين فحسب، إنَّه يوم الإسلام يوم الحكومة الإسلامية، يوم يجب أن ترفرف فيه راية الجمهورية الإسلامية في جميع الأقطار، يوم نعلن فيه للقوى العظمى، أنها لن تتمكن من التقدم في البلاد الإسلامية.
إنني اعتبر يوم القدس يوم الإسلام، ويوم الرسول الأكرم (ص)، ويوم لابد لنا فيه من تجهيز القوى، ونُخرج المسلمين من الانزواء، ومواجهة الأجانب بكامل قوتهم وقدرتهم، ونحن نقاوم الأجانب بكل قوانا، ولن نسمح للآخرين بالتدخل في أقطارنا، ولا يجوز للمسلمين أن يسمحوا لغيرهم بالتدخل في شؤون بلادهم، في يوم القدس لابد أن تحذّر الشعوب حكوماتها، إذا كانت خائنة، وفي يوم القدس نتعرف على الأشخاص والأنظمة، التي تتوافق مع المخربين العالمييّن، والتي تخالف الإسلام، فالذين لا يشاركون في مراسم هذا اليوم، مخالفون الإسلام وموافقون مع إسرائيل، والمشاركون فيه ملتزمون، وموافقون للإسلام، ومخالفون لأعدائه، وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل، في يوم القدس يمتاز الحق عن الباطل، وينفصل الحق عن الباطل، وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينصر الإسلام على جميع الطوائف في العالم، وينصر المستضعفين على المستكبرين، كما أسأله تعالى أن ينقذ إخواننا في فلسطين، وفي جنوب لبنان، وفي كل مكان في العالم، من ظلم المستكبرين والناهبين، والسلام على رسول الله (ص) وعلى أئمة المسلمين.
طهران / رمضان 1399 هجري قمري/ أوت 1979                                         الإمام روح الله الموسوي الخميني

dimanche 26 avril 2020

قوة إرادة الشعب اليمني في مواجهة العدوان



بقلم: محمد الرصافي المقداد
اليمن العريق  بتاريخه وأصالة شعبه، عرف باليمن السعيد قديما، عندما كان الرجال يصفون الأشياء على حقيقتها، أرض طيبة وشعب خلوق، وعراقة وأصالة عربية، لم يسبقه اليها غيره اليمني، امتدت إليه أيادي القوى الآثمة، في محاولة لثني إرادة شعبه، بعد ثورته التي أطاحت بأحد أخبث عملاء حكامه في تاريخه المعاصر، فقلبت حياة شعبه وأمن بلاده الى جحيم مستعر، تواصل للسنة الخامسة على التوالي، ولا يزال متاججا، مستهدفا كل متحرك في اليمن، عسكريا كان أم مدنيا، حضارة ومرافق، مستجمعا في تحالفه الآثم دولا عربية  سقط منها الحياء، وذرت قيمها رياح الطمع، وعاقبة كل طامع وخيمة، إذا جاءت من باب الإرتزاق على حساب حقوق الشعوب ومصالحها.
لا شك أن الجرائم التي أرتكبت بحق الشعب اليمني المستضعف كثيرة ومتعددة، وهي في مجملها جرائم حرب، تستوجب القصاص من مرتكبيها، الذين يجب أن يحالوا على محكمة العدل الدولية، وغض الطرف على وقائعها من طرف المجتمع الدولي، يعتبر  بحد ذاته جريمة أخرى، يجب أن تدان شعبيا على الأقل، طالما أن أغلب حكوماتنا متواطئة بالصمت على ما جرى ويجري من تجاوزات، تتعارض مع الدين والعرف والانسانية، لو ارتكبت بحق شعب آخر، لا تتعارض مبادئه مع القوى الغربية المهيمنة على العالم، لقامت الدنيا ولم تقعد، من أجل مناصرته والوقوف الى جانبه.
لكن منذ سنة تقريبا، انقلبت موازين الحرب الظالمة، لتتحول الى صالح الجيش اليمني، والقوى الشعبية المشتركة معه في صد العدوان، لتشكل سلسلة من الانتصارات اذهلت قوى العدوان وأربكت حسابات من كان ينتظر رضوخ الشعب اليمني لأعدائه، وسقطت جميع أعذار ومبررات من اتخذ من عاصفة الحزم ومن عنوان الشرعية المزيف، سبيلا لاستمرار عدوان ما كان له أن يقع لولا الاملاءات الامريكية الصهيونية.
أما لماذا أأكد على التورط الامريكي الصهيوني في دفع عملائه، لشن حرب ظالمة، بعنوان شرعي على الشعب اليمني، وهو في بداية طريقه الثوري الجديد؟ فلأن من أخذ على عاتقه تحقيق استقلال وعزة اليمن، هم هؤلاء الذين تأكدوا أن أكبر وأخطر أعداء العرب والمسلمين - واليمنيون منهم - هي الصهيونية العالمية، المنتشرة بين حكومات الغرب، وفي مقدمتها أمريكا، لذلك فإن شعارهم المرفوع في تظاهراتهم ومناسباتهم، واضح لم يخفوه على احد، لأنهم لا يخافون فيه لومة لائم.
وما يجز في النفس حقا، أن يقف الشعب اليمني بين الشعوب العربية في حالة غربة وتجاهل، وهو يواجه أسوأ عدوان عرفه العصر الحديث، بعد العدوان الامريكي على فييتنام، دون أن يجد جبهة معارضة لذلك بين الدول العربية والعالمية، باستثناء بعض ممن منعتهم قيمهم مبادئهم التزام الصمت، أو التواطؤ مع من مضى الى مشاركة المعتدين، ومشاركتهم في جرائمهم، بالطائرات والآليات والجيوش.
لقد استمدت المقاومة اليمنية من قوله تعالى : (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) دفعا معنويا للوقوف في وجه العدوان المرتكب بحقهم، حوّلوه الى عامل نصر، غيّر حالة الاستضعاف التي ابتلي بها بسبب السياسات العقيمة، التي كانت تحكمهم قبل الثورة، الى قوة كبرت اليوم لتتحول الى واقع ثابت ليس من الممكن تجاوزه لا بالتجاهل ولا بالقوة.
عوامل نجاح المقاومة الثورية اليمنية عديدة، بدأت بالثلة المؤمنة من أحرار اليمن، زادها الصبر الذي تحلى به الشعب اليمني، حتى أصبح مثالا يضرب في الاستماتة على المبادئ، وعنوانا لائقا بشعب استضعفته القوى الكبرى الظالمة، والمهيمنة على دول وشعوب العالم، جعلت منه نموذجا فريدا من نوعه في هذا العالم، يبني عليه شرفاء الانسانية، إصرارا على مواجهة القوى الشريرة على الأرض.
الحالة اليمنية سواء كانت على المستوى الشعبي أو الحكومي، ليس بمقدور أي شعب أو حكومة عربية مجاراتها، فهي لم تأتي من فراغ كما أشرت سابقا، وإنما تأسست على القيمة الأخلاقية التي عرف بها شعب اليمن، ومنها استمد صبره، وعمل بمقتضاه على دحر العدوان، فارضا نفسه كمعادلة جديدة، في عالم الشعوب المستضعفة، جدير بأن يمثل قدوتها، في تغيير حالها الارتهاني للقوى الكبرى وعملائها، وتحقيق الاستقلال الحقيقي بدل الاستقلال الصوري، وتخليص شعوبها من تبعية لم تقدّم لهم شيئا، واثبتت عقمها على مدى أكثر من نصف قرن.
نجاح الحكومة الثورية اليمنية في جمع شتات الشعب اليمني، في اقناع رؤساء قبائل(الجوف)، بمساندة المسيرة الثورية المقاومة للعدوان، الذي استباح كل بقعة في اليمن، فقد تمكنت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية سيطرتها على مدينة الحزم، مركز محافظة الجوف، بالتعاون مع قبائل المحافظة، وبذلك تصبح محافظة الجوف ثالث محافظة يمنية، تمتلك شريطاً حدودياً كبيراً مع السعودية، تسقط تحت سيطرة قوات الجيش واللجان، بعد محافظتَي صعدة وحجة، ويبدو أن محافظة مأرب المجاورة لها، هي المرحلة التالية التي تعتزم قيادة صنعاء، بدء عملياتها العسكرية، لاستكمال السيطرة عليها.  
الضربات الدقيقة والموجعة، التي وجهتها قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، الى مرتزقة العدوان، سواء على الصعيد الميداني العسكري، او على والصعيد الاقتصادي، بضرب مجمع ارامكو النفطي مجددا للمرة الثانية، مخلفا فيه أضرارا هامة، اجبرته على تعطيل اقسامه المستهدفة، ووقف الانتاج فيه، يعتبر تحوّل نوعي هام، من شأنه إن تواصل، أن يقضي على آمال المتورطين في العدوان على اليمن، بمواصلة عملياتهم العسكرية.
وما سنشهده مستقبلا في الشأن اليمني، سيثبت معنى الارادة الشعبية، اذا اجتمعت مع قيادتها السياسية، في مسار الثورة الحقيقية، النابعة من الحاجة الملحّة، الى الخلاص من التبعية والعمالة للغرب، وأدواته الخبيثة في عالمنا العربي.