(لقد
جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما
عنتم
حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)
استهدف أعداء
الدين الخاتم معتنقيه في عقائدهم، فكانت بدايتهم ضرب التوحيد، بواسطة اسرائيليات
كعب الاحبار ومن جاء بعده من أدعياء الاسلام - وفي باطنهم يحملون له حقدا وبغضا
دفينين - زعزعة لحقيقة التوحيد الصافي، الذي غرسه الوحي في المسلمين الاوائل، فما
لبث أحفادهم بتلك الدساس، أن ظهرت بينهم فرق منحرفة، صنفها علماء الكلام والفرق،
الى مجسمة ومرجئة وقدرية، فرقتهم عن الاعتقاد السليم في خالق الكون والحياة،
وحولتهم بتأويلات خاطئة و مرويات مكذوبة، الى أصحاب آراء بعيدة عن
الاسلام، متناقضة مع القرآن متقاربة فيها مع منحرفي أهل الكتاب بل إنها متفقة في
ما ذهبت اليه من توحيد الاله معهم.
وبعد التوحيد،
عملوا على ضرب مفهوم النبوة، وقداستها وعصمة أصحابها، فأخرجوهم من العصمة والكمال،
وخصّوا نبي الله الاعظم وحبيبه المقرب ابي القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بما
رموا به إخوانه من صفوة الله، ولم يتركوا بابا للطعن عليه الا ولجوه، وساقوا في
ذلك على نفس المنوال الاول، تأويلاتهم ومكذوبات رواياتهم، فصّدقوا محتواها، وايدوا
ما ذهبوا بها فيه، وكأني بهم قد عموا وصموا ثم عموا وصموا عما جنوه من بهتان،
استسلمت له عقولهم، مستميتين فيما اختاروه بمحض إرادتهم، ودون اكراه من احد.
رجحان العقل
عندهم ما اعتقدوه، ووجدوا له تبريرا لم يستقم عقلا ولا كان وجيها نقلا صحيحا، اذ
ان نبي الله الخاتم وصفوته من خلقه منزه عما ذهبوا واليه بشأنه، وأجهدوا أنفسهم في
تثبيته فيه، كأنهم غرماؤه وليسوا أحباؤه، تردد ألسنهم تعابير الحب والودّ، ويصلّون
عليه الصلاة البتراء، فلا يرى من ورائها أثر، وتقرضه ألسنتهم تبعا لتلك الموضوعات،
وتظاهره عقولهم بمعتقدات السوء، بما قوض أساس الاعتقاد السليم بمنزلته، واذا
جمعتهم مع أعدائه من اليهود، وجدتهم على صعيد واحد من النّبز، ومستوى متساو من
الطعن والوقيعة.
وما رمى به أصحاب
الصحاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لا يختلف كثيرا مع ما تفتّقت به شياطين
الغرب، بإيوائها وتشجيعها كل من هب ودب، من دعاة التحلل من الاسلام وشعائره، من
امثال سلمان رشدي، بما ألّفه هؤلاء من بهتان عليه، لا أشك بأن مصادرهم فيها، من
مفتريات كتب روائية، نسبت الى الصحة تعسّفا، وكثير من
رواياتها مكذوبة ومفتراة، ليصنعوا منها صورة مشوهة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وما تلا ذلك من استفزازات لمشاعرنا بشأنه، كما هي حال صحف أوروبية عدّة، نشرت صورا
كاريكاتورية مسيئة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بناء على ذلك، ولولا ان اصحاب
الصحاح كانوا سببا في فتح باب الاساءة للنبي، لما امكن لهؤلاء الاعداء ان يقتحموا
دفته الحصينة بسيرته المثالية العطرة، وينسبوا اليه من الاكاذيب ما يتنفر منها
الانسان البسيط فضلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وجاء مبتدع
المذهب الوهابي، ليختم على كل تلك التجاوزات بحق صفي الله وحبيبه صلى الله عليه
وآله وسلم، فحرض بآرائه الفاسدة من تبعه من المتأسمين، معتبرا التوسل به الى الله
في السؤال وطلب الحوائج شركا محضا، ودعا الى ترك السفر اليه، بقصد زيارته والصلاة
والدعاء عنده، معللا ذلك بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد مات، والميت لا اثر
له بعد موته في الحيّ، ثم ما لبث أن قام بنو ضلالته، يدعون الى ترك الاحتفال بذكرى
مولده صلى الله عليه وآله وسلم، بما ارته لهم شيطانهم من زيغ عنه، متشبثين
بتعليلهم أن ذلك من محدثات الامور وبدعها، ولم تحصل في حياته، فحكموا عليها
بالخروج من الدين حكما ضالا، كشف خبث سريرة نهجهم المنحرف عن نبي الاسلام.
ثم ان سبيل الغي
وبطانة سوئهم تمادت بهم، فأوصلتهم الى الحد الذي جعلهم لا يترددون في سفك دماء
مخالفيهم فيما قرروه، ففتكوا بالآلاف المؤلفة من المسلمين غيلة وغدرا، والتاريخ شاهد
على جرائمهم، بحق الابرياء المحرم قتلهم شرعا، وآخرها وليس أخيرها سقوط 50 شهيدا
بكابل عاصمة افغانستان، بعملية انتحارية نفذها وهابي بحزام ناسف، وسط تجمع
للاحتفال بمولد النبي .
وهذه الاعمال
الاجرامية، اشتركت فيها مجاميع الارهاب بمختلف اسمائها وعناوينها، وتقف وراءهم
مملكة تدّعي الاسلام وخدمة المقدسات، لكنها في المقابل تعمل على الاضرار به، اينما
وصلت يداها الآثمتان.
وانني اذ اتقدم
بالتهنئة والتبريكات للمسلمين جميعا، بمناسبة ذكرى ولادة سيد الكونين والثقلين صلى
الله عليه وآله وسلم ، والتي ذكر لها المؤرخون واصحاب السير تاريخين هما 12 و 17
ربيع الاول، ادعوهم الى الاحتفال بهما، تلبية لدعوة الامام الخميني في اعتبارهما
اسبوعا مناسبا للوحدة الاسلامية، وفرصة لتجديد الدعوة اليها بين الشعوب الاسلامية،
والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي دعا الى التوحيد الصافي، الخالي من
الشرك، هو الذي جمع المسلمين أوّلا، ووحدهم وألّف بينهم، وسيكون عاملا مهمّا في
جمعهم أخيرا، في ظاهرة برهنت على خاصية تمنطق بها الاسلام، توحّد ولا تفرّق، وتؤلّف
ولا تنفّر، وذلك هو الدين القيم.
وكما كان نبينا
خاتم الانبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، عنوانا ومثالا للرحمة، يجب أن
تكون أمّته ساعية الى نشر هذه الفضيلة بين البشرية جمعاء، ليكون الاسلام دين رحمة،
ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم نبي رحمة، وأمّته أمة رحمة، ولا يشذ عن ذلك إلا الأشقياء.
كل ما نرجوه من
الامة الاسلامية علماء ومتعلمين وعامة، ان تجتمع كلمتهم في مواجهة الدعوة الوهابية
التكفيرية الهدامة، بالفكر الاسلامي المستنير بهدى الصالحين والابرار، المقتفين أثر
النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم، في خطب الجمعة والندوات والمحاضرات
العلمية، وتحذير شعوبهم من خطرها، ودعوة من اعتنقها بتركها عن قناعة، بعد افادته
بمخالفتها للقران والسنة الصحيحة.
ليس هذا فقط،
وانما يجب ان تتجه جهود علمائنا العاملين الاتقياء، الى تنقية السنة النبوية
وسيرتها، مما علق بها من شوائب خارجة عنها، لأن في ما نرجوه من عمل مرتقب، وننتظره
بفارغ صبر، غلق باب التلفيق والكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، منعا
لأي دخيل على الدين من ان يجد مجالا للنيل منه، هذا وقد آن الأوان لإصلاح ما افسده
العابثون، وإبعاد ما رغب في تركيزه المفتونون، واعلاء كلمة الله أولى من ترك بصمات
اهل البدع، واثارهم في كتبنا الروائية، ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي
عزيز. صلى الله عليه وآله وسلم .